في خطوة ضمن خطة الحكومة اليونانية لتقليص الإنفاق العام، تم وقف بث شبكة قنوات «اي آر تي» التلفزيونية اليونانية العامة بقرار حكومي مفاجئ مساء الثلاثاء من شأنه إلغاء نحو2700 وظيفة. كما أغلقت الحكومة أمس أيضاً الإذاعة الرسمية إلاّ أن الموظفين واصلوا البث بعد القرار، ومع توقف البث أصدرت وزارة المالية بيانا قالت فيه أن الشبكة الغيت. ويأتي هذا الإعلان بعد أشهر من إضرابات متكررة يقوم بها الموظفون احتجاجا على خطط الإصلاح التي تطالب بها «الترويكا» الدائنة لليونان. وقال الناطق باسم الحكومة سيموس كيديكوغلو إن «اي آر تي» تمثل حالة استثنائية لغياب الشفافية والنفقات غير المعقولة، وهذا الأمر ينتهي الآن، وأضاف أن المحطة التي تشهد إضرابات متكررة منذ أشهر، سيعاد فتحها بحلة جديدة وبعدد أقل من الموظفين. انقلاب وانقسام وجاء القرار بعد أشهر من إضرابات متكررة قام بها موظفون احتجاجاً على خطط الإصلاح الاقتصادي القاسية. وتجمع نحو 500 شخص أمام فرع الشبكة في سالونيك بشمال البلاد، ودعت نقابة الصحافيين إلى إضراب تضامني لوسائل الإعلام الخاصة لأن «الحكومة مصممة على التضحية بالتلفزيون العام والإذاعة لتلبي طلب دائنيها». وبحسب وكالة أنباء أثينا، توقف أجهزة البث تدريجياً في أنحاء البلاد،وأفاد المهندس في المحطة نيكوس روكوناكيس أن «الشرطة توجهت إلى الجبل وقامت بوقف عمل موظفينا» الذين كانوا يشغلون أجهزة البث. ووصف زعيم المعارضة الكسيس تسيبراس الأمر بأنه «انقلاب»؛ وأدى القرار إلى انقسام داخل الائتلاف الحكومي بقيادة رئيس الوزراء المحافظ انتونيس ساماراس، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى أزمة سياسية جديدة. وقال ديميتريس باباديميتريو، المدير العام لهيئة الإذاعة وهو مؤلف موسيقي يوناني معروف، إنه حتى المجلس العسكري الذي كان يحكم البلاد بين عامي 1967 و1974 لم يتخذ مثل هذه الخطوة. ومن جانبها رفضت النقابات والمعارضة اليونانية قرار الحكومة بإغلاق التليفزيون الرسمي الذي اعتبرته مضيعة للمال العام و قالت انه أدي إلى فقدان جميع العاملين وظائفهم بانتظار إعادة هيكلة القناة. وفيما توقف البث في كافة أنحاء البلاد، عبر موظفون في أروقة المحطة عن دهشتهم، وقال صحافي في التليفزيون اليوناني بانتيليس غونوس لوكالة «فرانس برس» هذه صدمة قوية ونحن نجري اتصالات مع مستشار قانوني ومنظمات إعلامية دولية. تبرئة وتحدي تحدّى العاملون في التلفزيون الرسمي اليوناني، قرار إغلاقه من خلال بث البرامج على ترددات رقمية وعلى الإنترنت. وواصل العاملون في التلفزيون، مدعومين من آلاف المحتجين خارج مقر التلفزيون بشمال شرق أثينا، بث البرامج طوال الليل واليوم الأربعاء، كما استعملوا برامجهم لمهاجمة الحكومة على قرار إغلاق المحطة، وانتشرت شرطة مكافحة الشغب في أماكن متفرقة من العاصمة آثينا. وقال العاملون، إن المدير التنفيذي إيميليوس لاتسيوس أصدر تعليمات يطلب فيها من الموظفين مغادرة القناة وإلاّ سيواجهون الاعتقال كمحتلين غير قانونيين، غير أنه لم يحصل أي تدخّل من الشرطة ليلاً لإخراج الموظفين. وبرأت المفوضية الأوربية نفسها من اتهامها بمسئوليتها عن غلق التليفزيون اليوناني ، وذكر مسئول اقتصادي بارز بالمفوضية الأوروبية، اليوم الأربعاء، أن المفوضية لم تطلب إغلاق هيئة الإذاعة والتلفزيون اليونانية الرسمية «إي.آر.تي» في إطار جهود التقشف التي تتخذها اليونان. وقال مفوض الشؤون الاقتصادية، أولي رين، أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورج: «لم تطلب المفوضية إغلاق هيئة الإذاعة والتلفزيون اليونانية». تدعم المفوضية دور البث الإذاعي والتلفزيوني الرسمي بوصفه كجزء لا يتجزأ من الديمقراطية الأوروبية. وفي الوقت نفسه قال رين، إن المفوضية الأوروبية لن «تشكك في تفويض الحكومة اليونانية لإدارة القطاع الخاص"، وأن يتعين النظر إلى قرارها "في سياق الجهود الكبرى، لتطوير الاقتصاد اليوناني». كان برلمانيو الاتحاد الأوروبي وجهوا صيحات الاستهجان لرين عندما دعا إلى أن «يتم تنفيذ» فصل موظفي هيئة الإذاعة والتلفزيون اليونانية «طبقا للإطار القانوني المعمول به». وجدير بالذكر إلى أن هذه هي أول عمليات التسريح الجماعي بالقطاع العام في هذه الدولة التي يخيم عليها الكساد والركود، والتي تعهدت بتخفيض 15 ألف فرص عمل بحلول عام 2015، في إطار التزاماتها تجاه الدائنين الدوليين. وتعتمد اليونان المثقلة بالديون على قروض إنقاذ من شركائها الأوروبيين، وصندوق النقد الدولي منذ مايو 2010.وفى المقابل، فرضت تخفيضات شديدة على الدخل وزيادة على الضرائب، التي فاقمت من أزمة الركود وأجبرت الآلاف من رجال العمال على إغلاق متاجرهم وشركاتهم، لتسجل البطالة مستوى قياسيا، بعدما بلغت 27%.