وزيرة البيئة تستعرض أمام سفراء مصر الجدد بالبلدان المختلفة أبعاد قضايا البيئة    قوات الاحتلال تقتحم مدرسة بالضفة والأقصى.. وإصابات في هجوم جنوب غزة    أنباء عن أن الجيش الإسرائيلي اخترق شبكة الاتصالات التابعة لوزارة الاتصالات اللبنانية في قضاء صور    دغموم يكشف صعوبة مواجهة الهلال الليبي في الكونفدرالية    محامي التؤام: مستحقات حسام وإبراهيم في المصري وصلت ل6 ملايين جنيه    ضبط 1.5 طن زيت طعام يعاد استخدامه وتحرير 91 محضرا خلال حملة تموينية بجنوب سيناء    نائب رئيس الوزراء يصل أسوان لعقد مؤتمر صحفي لكشف أسباب الإصابات بالنزلات المعوية    خلال 24 ساعة.. ضبط 30129 مخالفة مرورية متنوعة    اكتشفت الصدمة بعد 9 سنوات زواج.. أغرب ما فعله مصري للزواج من فتاة ليبية    جامعة القاهرة تعلن برنامج ال 100 يوم للقوافل التنموية المشاركة في "بداية"    زيلينسكي يؤكد أنه سيعرض لبايدن "خطة النصر الأوكرانية"    "حزب الله" يستهدف دبابة "ميركافا" إسرائيلية ويوقع طاقمها بين قتيل وجريح    المستشار الألماني يلتقي زيلينسكي وأردوغان ولولا في نيويورك    كوريا الجنوبية تحذر بأنها ستتخذ إجراءات صارمة في حال استمرار بيونج يانج في إلقاء بالونات النفايات    أسعار الدواجن والبيض اليوم الاثنين 23-9-2024 في الدقهلية    تراجع كبير في أسعار الذهب: عيار 21 ينخفض إلى 3545 جنيهًا وسط تحولات سوقية ملحوظة    "مبكرا للمملكة".. قرار من جوميز قبل مواجهة الأهلي في السوبر    تشكيل الزمالك المتوقع أمام الأهلي في نهائي كأس السوبر الإفريقي    هل يحسم ليفاندوفسكي صفقة بديل تير شتيجن لصالح برشلونة؟    «الوزير»: تعديلات تشريعية بقانون إنشاء الهيئة العامة للمشروعات الصناعية والتعدينية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    فودافون ترد على استفسارات العملاء بشأن عطل في الشبكة وسحب الرصيد    توحيد الواجبات المنزلية لجميع طلاب المدارس وإتاحتها على موقع التعليم    «العظمى على القاهرة 32».. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين    إيمي سمير غانم.. القصة الكاملة لأزمتها الصحية    بدء تسجيل رغبات المتخلفين والتحويلات للطلاب المستجدين بجامعة الأزهر    متحور XEC.. هل المضادات الحيوية فعَّالة في الوقاية من متحورات كورونا؟‬    شعبة الأدوية توضح كيفية تحصل الأدوية الناقصة في السوق    «الصحة» تعلن حصول مستشفى القناطر الخيرية على شهادة اعتماد الجودة من «GAHAR»    في خدمتك | الأوراق المطلوبةً للكشف الطبي على الطلاب الجدد بجامعة القاهرة    320 مليون دولار إيرادات فيلم Beetlejuice Beetlejuice    هانى فرحات يختتم حفلات صيف الرياض بليلة رابح صقر    ماذا قال محمد صلاح لأحمد فتحي بعد اعتزاله كرة القدم ؟    موعد مباراة الأهلي والزمالك فى السوبر الأفريقي    قريبا .. نتيجة تقليل الاغتراب للمرحلة الثالثة عبر موقع التنسيق    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العمرانية دون إصابات    استشهاد 4 أطفال فلسطينيين ووالدتهم جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    أحمد سعد يعلق على سرقة مقتنياته الثمينة في حفل زفاف نجل بسمة وهبة: "المكاسب من عند الله"    أحداث الحلقة 2 من مسلسل «تيتا زوزو».. زيارة صادمة تفاجئ إسعاد يونس    إصابة فى مقتل    مصدر حكومي ل«إكسترا نيوز»: مؤتمر صحفي لوزير الصحة في أسوان اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    بكام البيضاء؟.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024    اليوم.. حفل توزيع جوائز مسابقة هيكل للصحافة العربية لعام 2024    تكثيف البحث عن شقيق اللاعب عمرو ذكي بعد تعديه على حارس عقار بالمنصورة    المهندس عبد الصادق الشوربجى: صحافة قوية فى مواجهة التحديات    ملف يلا كورة.. منافس الأهلي.. مدرب المنتخب.. وموعد قرعة دوري الأبطال    أطفال التوحد خارج مقاعد الدراسة..والأصحاء مكدسين فوق بعض بمدارس "المزور"    عرض «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    تحالف الأحزاب المصرية ينعى اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد في قنا بتكلفة 40 مليون جنيه    القبض على شخص قاد سيارته داخل مياه البحر في دهب    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألبانيا .. الهوية المسلمة وفرص الالتحاق بالاتحاد الأوروبي
نشر في محيط يوم 12 - 06 - 2013

فرضت خصوصيات الدول البلقانية التي تتعدد فيها الجماعات العرقية والإثنية تعقيداً مهماً واستثنائياً لقضية الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، الذي أُحيط بالعديد من المعوقات باعتباره نادي أوروبا المسيحي، إضافة إلى الخلافات البينية القائمة بين دول البلقان، وبالتالي كانت علاقات بلدان البلقان الحالية فيما بينها ركناً أساسياً في عملية التخطيط لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
لكن النموذج الألباني مثّل مساراً استثنائياً في هذا الإطار، عبر محاولته تهدئة وتخفيف حالة الاحتقان في البلقان، وتكوين صمام الأمان لمواجهة احتمال انفجار الأوضاع في البلقان، بسبب التشدد القومي والراديكالية الإثنية، الأمر الذي يمهد للالتحاق بالنادي الأوروبي.
وبالتالي كان الوجود الألباني في المنطقة عامل أساسي للسلام عبر مجموعة من المقومات، تمثلت في الموقع الجيوستراتيجي الذي تحتله موقع ألبانيا، الذي منحها أهمية بالغة في السياق الأوروبي العام، كما أنها تلعب دورًا حاسمًا ومحددًا في علاقة أوروبا بالبلقان ومركز حوض البحر الأبيض المتوسط.
وعلى الرغم من أن التوزيع السكاني في ألبانيا يغلب عليه الطابع الديني، لكنها تعتبر البلد الأكثر تجانساً من الناحية الإثنية في المنطقة بل والعالم كله ، حيث إن أكثر من (80%) من الشعب الألباني من المسلمين، بما يشكّل مدخلاً مهمًا يلعب دورًا محددًا في المشاريع الإستراتيجية الدولية التي تتعلق بمستقبل منطقة البلقان، في حين أن (12%) من الروم الكاثوليك، و(6%) من الأرثوذكس، أما عدد اليونانيين فلا يتعدّى (1%) من مجموع السكان.
والجماعة الإثنية هي الجماعة التي لها تراث تاريخي وحضاري مشترك يتوارثه أعضاء الجماعة جيلاً بعد جيل إلى أن يصبح جزءاً عضوياً لا يتجزأ من وجودهم، يميزهم عن الآخرين ويشكل مصدر خصوصيتهم القومية (الإثنية)
وتتحدث ألبانيا لغة واحدة تقريباً باستثناء بعض الأقليات التي تتحدث لغات أخرى لا تتعدى (3%) من السكان كالمقدونيين والبوسنيين وأقليات قادمة من الجبل الأسود والغجر واليونانيين والمصريين، فهل بالفعل كان هذا الطابع الديني ذو تأثير على سياسة "ألبانيا" في المنطقة، وخاصة ما يتعلق بسعيها نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟.
والإجابة أن ثمة مجموعة من الظروف الخاصة التي مهدت إلى الاستثنائية الألبانية في هذا الملف، والتي خففت من حدة التوتر السياسي بسبب التخوف من ارتفاع نسبة المسلمين الألبان في هذه المنطقة من أوروبا، وهي أن السياسة الألبانية الرسمية منذ 1912 - وبغض النظر عن النظام السياسي الذي حكم ألبانيا - لم تركّز على المعطى الديني أي الهوية الإسلامية لمعظم مواطنيها في بناء خياراتها السياسية ومشاريعها المجتمعية، فمنذ تشكيل الدولة عام 1912، وعلى خلاف ما كانت عليه الإمبراطورية العثمانية، عرفت ألبانيا نظامًا إلحاديًا قاده أنور خوجة، وتواصل عدم التركيز على إسلامية المجتمع في عهد الديمقراطية الذي تشهده ألبانيا في العشريتين الأخيرتين، حيث تتّبع نظامًا علمانيًا على مختلف المستويات، وتمارس تهميشًا واضحًا لأي دور للدين داخل المؤسسات الحكومية.
رمانة الميزان
وعلى مستوى تحليل العلاقات البينية لدول البلقان، فهي بالتأكيد لحظة أساسية في عملية التخطيط لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، لكن تعقيد الموضوع وأهميته الاستثنائية، يتطلب مع ذلك تحليلاً خاصاً.
فمنذ تأسيسها كدولة حديثة بنت ألبانيا تقليديًّا علاقات جيدة مع إيطاليا، فباستثناء فترة عزلها التام عن العالم الخارجي في عهد حكم أنور خوجة، عرفت ألبانيا علاقات ناشطة ومكثفة مع إيطاليا، كما لألبانيا علاقات توصف بالطيبة في منطقة البلقان سواء مع الجار اليوناني أو المونتنجريين.
ومن ناحية أخرى تبدو تحركات ألبانيا متوازنة بشكل عام على البعد الخارجي لنطاق البلقان، من خلال علاقاتها بإسرائيل باعتبارها العضو الملاحظ في الاتحاد الأوروبي الذي دعم رغبة ألبانيا في دخول الاتحاد، فكانت تحكمها مصالح السياسة الدولية، وسعى كل طرف منهما إلى تعزيز مصالحة وكسب ودّ الطرف الآخر تجاه قضاياه الإستراتيجية الكبرى.
فأصبحت لغة المصالح المشتركة تطغى على طبيعة تلك العلاقات، وماضي اليهود وما لاقوه من عنت على أيدي اليونانيين والبلغار خلال العقود الماضية، وخاصة ما تعرضوا له من تنكيل وسجن وترحيل قسري أثناء الحرب العالمية الثانية، فأصبح لا يُشكِّل عاملاً معطّلاً لسير العلاقات وتطوّرها، كما أن تميز العلاقة بين إسرائيل وألبانيا تاريخيًّا لم تتغير طبيعته، بل ازدادت متانة رغم أن "ألبانيا" دولة يشكِّل المسلمون فيها غالبية مطلقة.
فرصة أوروبية
وعلى مستوى آخر من التحرك في مسار تحقيق المصالح، ركزت ألبانيا كإحدى دول البلقان على إعطاء دفعة قوية لهويتها القومية وتحقيق البرامج المتعلقة بها والمتفرعة عنها، وبالتالي في الوقت الذي استعاضت فيه الولايات المتحدة الأمريكية في كل ولاياتها الفيدرالية، ونيوزيلندا وأستراليا، عن الهوية القومية بتفعيل مفهوم المواطنة، فإن دول البلقان ما تزال تصرّ على هويتها القومية أكثر من أي وقت مضى، ويغيب عن وعي شعوبها الجمعي مفهوم المواطنة أو يكاد.
وبغض النظر عن كل الاختلافات القائمة بين دول البلقان، جاءت الرغبة الألبانية في تأكيد هويتها القومية والثقافية وتحسين أوضاعها الاقتصادية، عبر قناة مشتركة وحّدتها فرص الالتحاق بالاتحاد الأوروبي كهدف مركزي تسعى إلى إنجازه.
ورغم ذلك فإن هناك إمكانية لعرقلة انضمام الدول البلقانية، نتيجة محاولة بعضها تأخير أو تعطيل انضمام جاراتها، ومثال ذلك ما حدث عندما عطّلت سلوفينيا أولى الدول لحاقًا بالاتحاد الأوروبي، قبول طلب عضوية كرواتيا بإثارتها للخلاف الحدودي بينهما، وينسحب ذلك على معظم الدول البلقانية ما عدا ألبانيا.
وفي الحقيقة نجد أن ثمة نتيجة هامة لكون ألبانيا غير منجرفة في صراعات سواء مع دول الاتحاد الأوروبي أو في علاقاتها البلقانية، مما يزيد من احتمالات دخولها إلى الاتحاد.
وعلى الرغم من ذلك التحفيز إلا أن ثمة عائقاً آخر في انضمام ألبانيا ودخولها النادي الأوروبي، وهي أن أوروبا ومنذ نشأة اتحادها أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك تحفظها على الإسلام والمسلمين، وقد كرّر مسئولوها مرارًا وتكرارًا مغالطة أن أوروبا قارة مسيحية خالصة، وأن الإسلام - بصفته ديانة شرقية - غريب عن أوروبا، وأدت هذه المغالطة الكبرى إلى سلبية في العلاقة أثّرت في الجانبين.
وختاماً يمكن القول أنه ما دامت ألبانيا ترعى وتدافع عن حقوق الألبان في دول الجوار بالطرق المسموحة دبلوماسيًا، وبقدر ما تلتزم فيه مرارا باحترام حقوق الأقليات على أراضيها، وبقدر ما تواصل نهجها الديمقراطي في السياسة والتحرري في الاقتصاد، فإن ألبانيا ستكون عامل استقرار وسلام في كامل منطقة البلقان.
وبالتالي كان هناك دافعين مترابطين لهما نفس الأهمية النسبية، ويحكمان طموحات ألبانيا في دخولها الاتحاد الأوروبي، أحدهما قومي والثاني اقتصادي، بحيث يسمح الدافعان بتحقيق الأهداف القومية للدولة البلقانية ويخرجها من ظروفها الاقتصادية والاجتماعية المتردية.
وإذا نجح الاتحاد الأوروبي في تخطي الاختبار الذاتي الذي رسمه لنفسه، وعامل ألبانيا باحترام وندية، واحترم ثقافة وتقاليد الألبان وتمكن من فرض احترام الإسلام وعدم التمييز ضد المسلمين، وفرض تلك القواعد في كل دول منطقة البلقان، خاصة في معاملة الألبان مهما كانت ديانتهم، فإن الاتحاد الأوروبي حينها يكون قد بلغ أعلى مراتب النجاح في تهدئة اضطراب منطقة البلقان الحاسمة في تحديد مستقبل أوروبا اليوم، كما كانت بالأمس تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل الهوية والقيم الأوروبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.