تفتقد أمريكا للحريات الشخصية التي تنادي بها وتسعى إلى ترسيخها في دول الشرق الأوسط، وهذا الكلام ليس هباءً بل توجد وثائق تؤكد على استخدام أمريكا برنامج تجسس على مواطنيها يحمل اسم «برِزم». وكشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن وثيقة مسربة من الوكالة الأمن القومي الأميركية تتحدث عن مشروع تجسس ضخم يمكن الاستخبارات الأميركية من الدخول إلى أنظمة كبرى شركات الإنترنت وجلب أية معلومات تحتاجها عن أي مستخدم لتلك الشركات وبدون أية عقبات تجسس إلكتروني وأوضحت الوثيقة، التي حصلت عليها «الغارديان» في يناير الماضي ، أن من بين هذه الشركات التي تجلب المعلومات منها تشمل مايكروسوفت وغوغل وفيسبوك وغيرها. والوثيقة عبارة عن عرض تقديمي ببرنامج «باور بوينت» مؤلف من 41 شريحة، ومصنف على أنه بالغ السرية، ويبدو أنه يستخدم لتدريب عملاء الاستخبارات على إمكانيات هذا النظام. كما قامت الصحيفة بالتأكد من صحة هذا المستند، الذي يعود تاريخه إلى شهر أبريل من العام الحالي 2013. المشروع هو عبارة عن برنامج يحمل اسم «برِزم» ويتم تنزيله على أنظمة الشركات المعنية، حسب ما نقلت البوابة العربية للأخبار التقنية. ويتيح هذا البرنامج لأجهزة الاستخبارات الحصول على كافة المعلومات التي تملكها شركات الإنترنت، من تاريخ المحادثات والصور والأسماء والملفات المرسلة والمكالمات الصوتية والفيديو...إلخ، وحتى أوقات دخول المستخدم وخروجه وبشكل فوري . يذكر أن المشروع بدأ عام 2007 وبسرية تامة، وأول من شارك به كان شركة مايكروسوفت منذ انطلاقه في شهر ديسمبر من ذلك العام، ثم لحقتها «ياهو» في 2008، ثم جوجل وفيس بوك وبالتوك في 2009، ثم يوتيوب في وسكايب وAOL في وفي النهاية شركة «آبل» في . والمشروع مستمر بالتوسع ليضم شركات أخرى ومنها «دروب بوكس» بحسب الوثيقة، غير أن شركات الإنترنت أجمعت على نفي معرفتها ببرنامج برزم أو توفير "أبواب خلفية" للحكومات في أنظمتها. وقالت جوجل إنها حريصة على أمن بيانات مستخدميها وأنها تكشف عن معلومات بما يتوافق مع القانون الحكومي وأنها تراجع مثل هذه الطلبات بعناية كبيرة. خيانة عظمى في الوقت الذي تواجه فيه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما غضبا متزايدا في الولاياتالمتحدة وفي الخارج بشأن برامج «برزم» للتجسس عبر الإنترنت وشبكات الهاتف بهدف إحباط أي تهديدات إرهابية، قال مسئول استخباراتي أميركي بارز إنه من خطط لإنهاء هذا النظام. واتهم السناتور ديان فاينشتاين رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس الأميركي إدوارد سنودين الموظف السابق في وكالة الاستخبارات المركزية والذي يعمل متعاقدا في وكالة الأمن القومي الأميركي والذي سرب تفاصيل برنامج التجسس «بالخيانة» وقال إنه تجب محاكمته. وقد اختفى سنودين عن الأنظار في هونغ كونغ قبل حملة محتملة من جانب الحكومة الأميركية لإعادته للولايات المتحدة لمواجهة اتهامات. وقد أصدر مسؤولون في ألمانيا والاتحاد الأوروبي شكاوى صيغت بهدوء ولكن بنبرة حازمة بشأن برنامجين لوكالة الأمن القومي الأميركي يعملان على اعتراض الرسائل الأجنبية وأرقام الهواتف ورسائل البريد الإلكتروني والصور والفيديو ومواد الإنترنت التي تمر عبر مزودي الخدمة الأميركيين. وقد رفض وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ تأكيد أو نفي وجود برنامج سري، للتعاون بين الاستخبارات البريطانية والأميركية، يسمح بالتجسس على الحسابات الشخصية للأفراد على الانترنت، وقال: إن "كل المعلومات التي نحصل عليها من الولاياتالمتحدة بخصوص المواطنين البريطانيين تخضع للقواعد البريطانية بما في ذلك قوانين الاستخبارات وقوانين حقوق الإنسان وقواعد تنظيم التحقيقات". أما جوناثان شو الرئيس السابق للأمن الالكتروني بوزارة الدفاع البريطانية فقال إن "هناك حاجة ملحة للاستخبارات بأن تجري تحقيقاتها ونظام مراقبتها في الفضاء الإلكتروني تماما مثل العالم العادي ويجب أن نتعامل مع ذلك بنضج ولا نقلق بشأنه". تسريب أمني وأثارت عمليات الكشف التي قام بها سنودين صدمة في شتى أنحاء واشنطن حيث دعا العديد من النواب يوم الاثنين إلى تسليمه ومحاكمته بعد أهم عملية تسريب امني في تاريخ الولاياتالمتحدة. ولكن هناك بعض العلامات على أن موقف سنودين ضد التجسس الحكومي ودفاعه عن الحرية الشخصية لاقى صدى لدى بعض الأميريكين على الأقل. وتدفق المؤيدين لمساعدة سنودين على الإنترنت حيث قام أكثر من25 ألف شخص بالتوقيع على التماس على الانترنت يحث الرئيس باراك اوباما على العفو عن سنودين حتى قبل توجيه اتهامات له. وأدت محاولة منفصلة على فيسبوك لجمع أموال للدفاع القانوني عن سنودين إلى جمع نحو ثمانية آلاف دولار خلال بضع ساعات فقط. وكان سنودين قد قال خلال مقابلة مصورة مع جارديان إنه قام بذلك العمل بدافع من ضميره لحماية "الحريات الأساسية للناس في شتى أنحاءالعالم." وقال إدوارد الذين كان ينزل في غرفة بفندق في هونغ كونغ إنه فكر طويلا ومليا قبل نشر تفاصيل برنامج لوكالة الأمن القومي الأمريكي يسمى بريزم قائلا إنه فعل ذلك لأنه شعر أن الولاياتالمتحدة تبني آلة تجسس سرية لا يمكن محاسبتها تتجسس على جميع الأمريكيين. وقال سنودين إنه قرر تسريب المعلومات بعد أن أصبح يشعر باستياء من الرئيس باراك اوباما الذي قال إنه واصل سياسات سلفه جورج دبليو.بوش. وقال سنودين لصحيفة غارديان التي بثت المقابلة على موقعها على الإنترنت "لا أريد أن أعيش في مجتمع يفعل أمورا من هذا النوع.. لا أريد أن أعيش في عالم يسجل فيه كل ماأفعله أو أقوله. هذا شيء لست مستعدا لأن أدعمه أو أعيش في ظله." وقال سنودين الذي قال إنه ترك صديقته في هاواي دون إبلاغها إلى أين هو ذاهب إنه يعرف المجازفة التي يقوم بها ولكنه يعتقد أن حجم العلانية التي حظي بها ما قام بالكشف عنه خلال الأيام القليلة الماضية يستحق ذلك. دفاع أمريكي على الجانب الأخر دافعت المخابرات الوطنية الأميركية عن جهودها في جمع معلومات عن مستخدمي الإنترنت، قائلة إن هذه الجهود تحافظ على أمن الأميركيين، وانتقدت تقارير إعلامية سربت معلومات عن اختراق سري لشركات ومواقع إنترنت يستخدمها الملايين حول العالم. وانتقد مدير الهيئة التي تشرف على 16 وكالة استخباراتية، جيمس كلابر السبت تقارير وسائل الإعلام بشأن جمع الحكومة لبيانات شخصية على نطاق واسع من على شبكة الأنترنت. وقال كلابر في بيان "على مدى الأسبوع الماضي شهدنا الكشف المتهور عن تدابير الاستخبارات التي تستخدم للحفاظ على أمن الأمريكيين " مؤكدا إشراف الحكومة بفروعها الثلاثة على هذه الأدوات الفعالة .