قال «معتز الفجيري» المدير التنفيذي السابق لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أنه بعد مرور عامين على الثورة المصرية أن تأثير التيارات غير الإسلامية على المشهد السياسي في مصر أصبح في ازدياد، بالرغم من أن الربيع العربي جاء كفرصة ذهبية للإسلامين لفرض نفوذهم السياسي في البلاد. وفي مقالته المنشورة على موقع المؤسسة البحثية Fride»» ومقرها مدريد، أوضح «الفجيري» أن التحول المصري نحو الديمقراطية محاصر، وأن خبرة جماعة الإخوان المسلمين في السلطة تدعم فكرة أن الديمقراطية بإمكانها أن تعمل ضد ذاتها إلى الدرجة التي تخلق اعتقادًا أن الإسلاميين المنتخبين ديمقراطيًا وحلفائهم يسعون نحو تقويض المؤسسات الديمقراطية. وبالرغم من شعبيتها التي تغرق إلا أن الجماعة لا تزال لديها قدرات تنظيمية كبيرة وتمكنت من تعزيز سيطرتها على المؤسسات العامة، ولكن الهيمنة المتداعية للإخوان تفتح نافذة للقوى السياسية المدنية للبناء على فشل الإسلاميين وتحول علاقات القوة لصالحهم. ومن ثم يرى «الفجيري» أنه لكي تنجح المعارضة غير الإسلامية في هذه المرحلة الحاسمة من تحول مصر يجب عليها المحافظة على التماسك الداخلي وتطوير أساليب جديدة لتحويل احتجاجات الشوارع إلى العمل السياسي المنظم والإستراتيجي. وتطرق «الفجيري» في حديثه عن «جبهة الإنقاذ الوطني» مؤكدًا أنها تعد نقطة تحول في المعارضة المدنية وأنها تمثل الآن المظلة الرئيسية للأحزاب المعارضة الليبرالية واليسارية، ولكن مع ذلك لم يتم بعد اختبار إمكانات الجبهة الانتخابية. ويرى «الفجيري» أنه لكي تميز هذه الأحزاب ذاتها عن الإخوان فهي تحتاج أن تبني برامجها السياسية ليس على أيديولوجية عامة وإنما على أهداف ملموسة وواقعية، وبالرغم من أن هذه البرامج تعالج العديد من المشكلات إلا أن الأحزاب تفشل في توضيح كيف يمكن التعامل مع هذه القضايا في الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة. وقال «الفجيري» أن المعارضة مازالت تفتقد القدرة والتواصل مع القواعد الإجتماعية المختلفة لتحويل المطالب الشعبية إلى أفعال وأصوات سياسية منظمة، وبالرغم من تنظيم الجبهة لاحتجاجات الشوارع لإحراج النظام ولكن في الغالب كانت إدارتها لمطالب المحتجين غير منهجية وغير فعالة، وذلك لأنها فشلت حتى الآن في جذب قطاعات إجتماعية واسعة لرؤيتها السياسية واستخدام الإحتجاجات كجزء من استراتيجية سياسية أكبر. وعن النشطاء الشباب والقادة الناشئين الذي كانوا وقود الإحتجاجات، أشار «الفجيري» إلى أنهم لا يمثلون بشكل كافٍ في معظم الأحزاب المعارضة بما فيها التي تم إنشائها مؤخرًا، وبالرغم من أن العديد منهم لديه رؤية سياسية متطورة إلى أنهم غير قادرين على الفوز بمقاعد في البرلمان بدون الدعم المناسب، ومن هنا يرى أن الإدراج المنهجي لقوى الشباب في الأحزاب من شأنه أن يثبت رصيدًا قيمًا، مضيفًا أن الأحزاب المدنية عليها التعلم من كيفية نجاح جماعة الإخوان في الحصول على التبرعات من المؤيديين لها. بالإضافة إلى ذلك، أوضح «الفجيري» أن هذه الأحزاب - إلى جانب الحاجة لتعزيز جاذبيتها البرنامجية والتنظيمية - يجب عليها تطوير استراتيجية حول كيفية إعادة تصميم العملية الانتقالية الحالية التي يعتبرونها خاطئة، مشيرًا إلى أن المعارضة وحتى وإن نجحت في الحصول على أصوات كافية في البرلمان المهيمن عليه الإسلاميين فلن تكون قادرة على منع أو تمرير التشريعات أو تعديل الدستور. وقال «الفجيري» أن تمثيل المعارضة في البرلمان سيخدم فقط لتزيين عملية ديمقراطية معيبة، مضيفًا أن الإنتخابات يمكن أن تصبح وسيلة سلمية لتسوية المصالح السياسية المتضاربة ولكن فقط في نظام سياسي يضمن الحد الأدنى من المعايير فيما يتعلق بالفصل بين السلطات وحقوق الأقليات. ويرى «الفجيري» أن قرار الجبهة بمقاطعة الإنتخابات البرلمانية ينبغي أن يتم استكماله بأساليب أخرى بما فيها استخدام تراجع سمعة الرئيس «محمد مرسي» والإنقسام الحالي بين الإخوان وبعض من حلفائهم الإسلاميين في شن حملات محلية ودولية لتطوير شروط المنافسة السياسية في مصر، مضيفًا أنه من أجل تهيئة الظروف لإجراء انتخابات حرة ونزيهة فإن الضغط السياسي والشعبي من قبل القوى غير الإسلامية ستكون حاسمة. أوضح «الفجيري» أنه في حالة التفشي واسع النطاق للعنف فيجب على الجيش أن يتدخل للمحافظة على النظام، ولكن يجب عليه ألا يشارك في الخلافات السياسية، مشددًا على أنه إذا استمرت الحكومة الحالية في الرد العنيف على المظاهرات والمعارضة السلمية فإن المطالب بالإطاحة بالرئيس «مرسي» من السلطة من المرجح أن تحصل على موافقة شعبية. واختتم «الفجيري» مقاله موضحًا أن التماسك داخل الجبهة هو الطريق الوحيد لتقوية موقف غير الإسلاميين في العملية السياسية، وأن التفاهم السياسي والتحالفات الإنتخابية مع الأحزاب السياسية الأخرى المماثلة في التفكير أو أعضاء من نظام الرئيس السابق «حسني مبارك» من الممكن أن يكون خيارًا أيضًا، وفي كلتا الحالتين تحتاج الجبهة لكي تظهر كتحالف انتخابي قوي إلى إجراء تنازلات مؤلمة على القضايا السياسية والإقتصادية.