أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أهمية وجود الضمانات المطلوبة لنزاهة العمليات الانتخابية، وقال أن هذا الأمر أصبح أمراً ضرورياً ومطلبا ملحا في المرحلة الحالية بسبب أن غيابها يؤدي إلى عدم قدرة المرشحين من المنافسة على أساس من المساواة وتكافؤ الفرص، الأمر الذي ينتج عنه عدم القبول بنتائج الانتخابات أو التشكيك فيها، ويقوض شرعية المؤسسات المنتخبة، وهو ما يؤدي في النهاية إلى حالة من عدم الاستقرار على كافة المستويات. وقال العربي في كلمته خلال لقاء لإطلاق النسخة العربية من تقرير اللجنة العالمية للانتخابات والديمقراطية والأمن بعنوان تعميق الديمقراطية إستراتيجية لتحسين نزاهة الانتخابات في جميع أنحاء العالم وذلك في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة اليوم، أن الموضوع الذي يتناوله التقرير ألا وهو "تعميق الديمقراطية" يكتسب أهميةً كبرى، خاصةً في ظل ما تمر به المنطقة العربية في المرحلة الراهنة من عمليات انتخابية متوالية، وإنشاء هيئات انتخابية، ومسيرة تحول ديمقراطي تستدعي أن نقدم لها كامل الدعم والمساندة، وأن نعمل على ترسيخها بهدف الوصول إلى ما تطمح وتتطلع إليه شعوبنا بتحقيق الديمقراطية الحقيقية المنشودة. وقد صدر هذا التقرير عن اللجنة العالمية للانتخابات والديمقراطية والأمن، وهي لجنة تم إنشاؤها بمبادرة مشتركة بين مؤسسة كوفي عنان والمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات وتضم في عضويتها نخبة من الأعضاء المرموقين والمشهود لهم عالمياً بالخبرة والقدرة، برئاسة السيد كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة. وقال الأمين العام للجامعة العربية أن الانتخابات تعتبر أحد الأعمدة الأساسية، بل والجذر الرئيسي لبناء النظام الديمقراطي، وانه من هذا المنطلق، أولت الجامعة العربية اهتماماً خاصاً بعملية مراقبة الانتخابات التي تعد آلية من الآليات الهامة لضمان نزاهة الانتخابات وتعزيز مصداقيتها، كما أنها تساعد في تعزيز ثقة الناخبين في العملية الانتخابية ونتائجها، وتعكس اهتمام الحكومات بتحقيق انتخابات ديمقراطية، وتتميز بقدرتها على تعزيز النزاهة الانتخابية عبر التصدي للمخالفات والكشف عنها، وإصدار التوصيات لتقييم وتحسين العملية الانتخابية. وأشار إلى تجربة الجامعة العربية في مجال مراقبة الانتخابات، حيث كونت الأمانة العامة على مدار سنوات من منتصف تسعينات القرن الماضي، فريقاً من المتخصصين في هذا المجال ، واعتمد هذا الفريق في عمله على المعايير الدولية المتبعة، كما أوفدت الجامعة خلال العقدين الماضيين ما يزيد على 48 بعثة مراقبة انتخابات، راقبت خلالها العديد من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والاستفتاءات التي جرت في الدول العربية، وفي عدد من الدول الأجنبية، وشارك فيها ما يزيد على 600 مراقب من موظفي الأمانة العامة. وعبر عن ترحيب الجامعة العربية باستمرار التعاون البناّء مع كافة المؤسسات والمنظمات الدولية العاملة في مجال الديمقراطية والانتخابات، وبصفة خاصة مع المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات ومؤسسة كوفي عنان عبر مثل هذه المبادرات المشتركة، والاستعداد أيضا لتوسيع هذا التعاون ليمتد إلى كافة الأمور والقضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك. ودعا العربي، الدول الأعضاء في الجامعة وكافة المنظمات الحكومية وغير الحكومية المعنية إلى الاستفادة مما تضمنه هذا التقرير القيم والهام، والذي يجب أن نستفيد من نسخته المترجمة إلى اللغة العربية. كما دعا كافة الجهات المعنية إلى العمل على الأخذ بما ورد فيه من توصيات أثق تماماً في أنها تصب في صالح تعزيز النزاهة الانتخابية وتعميق أسس الديمقراطية في بلادنا العربية. حضر إطلاق التقرير الأمين العام للمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات السيد فيدار هيلغيسين وعضو اللجنة العالمية الدكتورة ريما خلف وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا). وأكدت ريما خلف أن نصف دول العالم تنعم بالحكم الديمقراطية ،ومعظم دول العالم الأخرى تتجه لخيار الانتخابات باعتباره الآلية الأساسية لتداول السلمي للسلطة ،لافتة إلي أن الانتخابات لم تكن الضمانة الوحيدة لتحقيق لديمقراطية وإنما لابد وان تكون العلمية الانتخابية تتصف بالنزاهة والشفافية المطلقة. وأوضحت خلف في كلمتها أمام المؤتمر أن الشرعية لا تستمد إلا بعملية انتخابية نزيهة تقوم علي احترام المبادئ والقيم، مشيرة إلى انه لا ديمقراطية دون ثقافة تدعم بنيانها. وشددت علي أن الفوز في العلمية الانتخابية لا يمنح الفائزين تفويض مطلق. وأكدت أهمية التقرير خاصة في الوطن العربي في أعقاب ثورات الربيع العربي التي استعاد فيها العرب آمالهم في رفع شأنهم وشأن الأمة والتخلص من التبعية والتهميش وإقامة دولة الحق والعدل والقانون التي يكون عمادها الديمقراطية. وشددت خلف علي انه مع أول صرخة حرية سقطت نظرية ان العرب غير مؤهلين لحكم أنفسهم وانطلق قطار الديمقراطية في المنطقة مشدود بالرؤية ومدفوع بالأمل. وحذرت من المخاطر التي يتعرض لها المسار الديمقراطي العربي وخطورة المال السياسي عليه ،داعيا إلى ضرورة الاستفادة من التوصيات التي أطلقها التقرير. وأوضحت خلف أن الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها دول الربيع العربي والتي انعكست سلبا علي المواطن دفعت الكثير منهم لساحات الحرية مرة أخرى بعد أن خاب أملهم في التحول السياسي حيث تحولت تلك الميادين إلى ساحات صراع تعصف بأمن واستقرار الدول. وتهدف اللجنة العالمية للانتخابات والديمقراطية والأمن بمبادرة، إلى تشجيع الحكومات على التزامها بإجراء الانتخابات بطريقة مهنية خاضعة إلى مراقبة محلية عالية الجودة والدقة والموثوقة من قبل مؤسسات مهنية لإدارة الانتخابات وتتمتع بالكفاءة العالية والاستقلالية الكاملة في عملها. كما تهدف أيضا إلى إيجاد تطوير السبل للحد من إمكانيات التلاعب في العملية الانتخابية وسوء استخدام الانتخابات وانتشار العنف الناتج عن ذلك وكذلك الحد من احتمالية إساءة استخدام الانتخابات وانتشار العنف الناتج عن ذلك بالإضافة إلى وضع توجهات إستراتيجية لتوفير المساعدات الدولية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة بما يحقق دمجاً وللدعم الانتخابي مع الاحتياجات طويلة المدى للحكم الديمقراطي باعتباره حجر الزاوية لتحقيق التطور والأمن. وطالب التقرير الصادر عن اللجنة باعتماد إجراءات وطنية ودولية لحماية سلامة الانتخابات ودعمها حيث وجدت اللجنة في تقريرها أن جميع الدول باستثناء 11 دولة فقط قد نظمت انتخابات بالفعل منذ بداية الألفية الجديدة غير أن تلك الانتخابات كانت معيبة ولم تقدم لشعوبها سوى غطاء كاذبا من الشرعية للحكومات الأوتوقراطية "على حد تعبير اللجنة. وأضاف التقرير أن المجتمع الدولي يكرر فشله في دعم الانتخابات وسلامتها، مشيرا إلى انه على المؤسسات الوطنية المسئولة عن إدارة الانتخابات التأسيس لعملية تصديق عالمية لتقييم وتصنيف تلك الإدارات على أساس احترافيتها واستقلالها وكفاءتها. وأكد التقرير على أهمية الانتباه بصفة عاجلة لمعالجة التهديد المتزايد للديمقراطية الناتج عن تمويل الحملات السياسية والأحزاب والمرشحين والذي تشكل الجريمة المنظمة مصدرا له في كثير من الحالات حول العالم. وشدد التقرير على أهمية العمل على إنشاء منظمة عالمية تعنى بنزاهة الانتخابات وتكرس جهودها لجذب انتباه العالم إلى الدول التي تنجح أو تفشل في تنظيم انتخابات نزيهة. ودعا التقرير الحكومات والمانحين إلى تحديد أولويات التمويل والإشراك السياسي عبر الدورة الانتخابية الكاملة للدول ذات الانتخابات المريبة بحيث تعمل على دعم الحوار والمشاركة الأوسع من قبل المواطنين. وشدد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإقليمية بتحديد الخطوط الحمراء أمام محاولات التزوير الفاضح للانتخابات بحيث يصبح من الممكن إدانة الأطراف التي تتجاوزها وطرح العقوبات الممكنة.