لا توجد أية معلومات رسمية، تطلع الرأي العام، على آخر التطورات بشأن إطلاق سراح الجنود المصريين السبعة المختطفين منذ أيام.المعلن فقط هو أن الرئاسة أوفدت د. عماد عبد الغفور رئيس حزب "الوطن"، للتفاوض مع الخاطفين. والحال أن قبول عبد الغفور، للقيام بهذه المهمة، كان مثيرا للدهشة! فهو شخصية "سلفية" معروفة، وكان أحد المؤسسين لحزب "النور" الذراع السياسي ل"الدعوة السلفية"، قبل أن ينشق عنها، ويؤسس حزب "الوطن". اختيار عبد الغفور، للتفاوض، لا يمكن بحال أن يكون "بريئا"، خاصة وأن التوصيف المفترض للخاطفين أنهم ينتمون إلى "السلفية الجهادية".. فيما لا يعرف الرأي العام، الفارق بين سلفيي "النور" و"الوطن" والسلفية الجهادية، المتهمة باختطاف الجنود.عبد الغور قبل أداء هذه المهمة، ببراءة باعتبارها "مهمة وطنية"، ولم يدرك أن وجوده في صدارة المشهد بوصفه "وسيطا سلفيا" لن يسيء إليه فقط، وإنما للسلفية المصرية على تنوعها واتساعها. السؤال الذي يشاغب داخل كل مراقب مصري، هو لماذا اختير قيادة سلفية كبيرة، في القاهرة، للتفاوض مع السلفيين الجهاديين في سيناء؟!.. وهو السؤال الذي يستدعي بالتبعية أسئلة تفسيرية مطمورة، مثل ما إذا كان ثمة علاقة بين السلفية التقليدية في الدلتا، والسلفية الجهادية في سيناء، ما يترك انطباعا بأن السلفيين في المحصلة النهائية، هم الذين يقفون وراء عملية الاختطاف.. لا فرق بين "المعتدل" و"المتشدد". في تقديري، أن اختيار عبد الغفور، تم ب"خبث" شديد، معتمدا على الوعي العام المشوه بالمشهد السلفي المصري، وبالخريطة المشكلة للطيف الوطني الإسلامي في مجمله، إذ يعتقد القطاع الأكبر من المصريين، أن الإسلاميين "سواء" أو كتلة واحدة، ولا يدرك أن الإخوان غير الجماعة الإسلامية .. غير الجهاد والسلفيين وأن داخل كل تيار تباينات وانقسامات واختلافات حادة. من الأسئلة ذات الدلالة المهمة، هو لماذا لم يكلف مسئول إخواني للتفاوض مع الخاطفين، وتسند إلى شخصية سلفية كبيرة في حجم عبد الغفور؟!ولماذا لا تسند إلى أي من قيادات الجماعة الإسلامية أو الجهاد، وهما التنظيمان اللذان حملا السلاح ضد الدولة، وهما تاريخيا الأقرب من حيث اللجوء إلى القوة، في التعامل مع السلطات الأمنية بالدولة؟! في تقدير أن الإخوان استخدموا السلفي البارز عبد الغفور، كأداة لتصفية الحسابات مع الدعوة السلفية "حزب النور".. أكبر التيارات السياسية المعارضة والمنافسة للجماعة، وأعلى الأصوات الإسلامية التي فضحت مخططات "الأخونة" في المحافظات والمحليات.. حيث أدى ظهوره كمفاوض مع الخاطفين، إلى نقل صورة "مغلوطة" للرأي العام، بأن السلفية ونسختها الأشهر "النور" جزء من التنظيم الذي شارك في تلك الإهانة التي لحقت بمصر مؤخرا في سيناء.