عاد إلى الواجهة من جديد، وبعد أقل من شهر على أحداث الخصوص والكاتدرائية المرقسية، التوتر بين المسلمين والمسيحيين، وكان الفتيل هذه المرة هو "الرومانسية ". فشائعة زواج الفتاة المسلمة رنا حاتم كمال الشاذلي طالبة بكلية الآداب قسم الاجتماع بجامعة بني سويف، من شاب مسيحي، أحدثت ردود فعل طائفية، وقعت على إثرها اندلاع اشتباكات الجمعة، بين قوات الأمن المصرية وشبان غاضبين حاولوا اقتحام كنيسة مارجرجس في مدينة "الواسطى" بمحافظة بني سويف، أسفرت عن إصابة 8 أشخاص بجروح. وزاد من تأجيج هذا الاحتقان اتهام المحتجون للكنيسة بالمساعدة في هرب رنا الشاذلي المسلمة البالغة من العمر 21 عاما، التي يعتقد أنها اعتنقت المسيحية لتترك بلدتها الصغيرة وتهرب مع مسيحي قبطي إلى تركيا. الفتاة بتركيا وعقب هذا التوتر والاشتباكات، أعلن اللواء ممدوح مقلد مساعد وزير الداخلية لمنطقة شمال الصعيد، أن الوضع الأمني في مركز الواسطى بمحافظة بنى سويف، تحت السيطرة. وأضاف مساعد الوزير، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «حدوتة مصرية» المذاع على قناة «المحور» أن التحريات أثبتت أن الفتاة سافرت إلى تركيا، لافتاً إلى أن أجهزة الدولة تعمل بالتنسيق وبجهد على هذه القضية، وتابع قائلاً: «إن علاقة المسلمين والمسيحيين بالمركز قوية منذ القدم». وأشار مساعد الوزير إلى أنه عقب صلاة الجمعة تجمع قرابة 300 شخص خارج المسجد وأخذوا يرددون الهتافات السلمية، وبعد فترة لجاء المحتجون إلى إلقاء الحجارة على قوات الأمن فرد الأمن بالغاز المسيل للدموع، وتم ضبط بعض الأفراد وجارى التحقيق معهم. وكان مركز الواسطى قد شهد أعمال عنف واشتباكات بكنيسة مار جرجس امس، بسبب "فتاة الواسطى"، التى اختفت منذ عدة أيام، واتهمت أسرتها عائلة مسيحية وراء تغيبها. وأدت الاشتباكات إلى إصابة 3 من الضباط، هم: المقدم حاتم عتمان، رئيس مباحث الأموال العامة، بكدمات فى يديه، والنقيبان شهاب رضا، معاون مباحث مركز الواسطى، بجرح فى الرأس وكدمة بالوجه، ومحمد عبد الكريم، معاون مباحث مركز ناصر، بكدمات باليدين، بالإضافة إلى إصابة 2 من جنود الأمن المركزى، بتهشم وسقوط الأسنان وجروح باللثة. مبادرات سياسية وعلى إثر هذه الاشتباكات، عقدت الأحزاب والقوى السياسية في المحافظة اجتماعا بمقر حزب الحرية والعدالة للوقوف على "آخر التطورات في أزمة اختفاء فتاة جامعية منذ شهرين"، والتي يتهم أهلها شابا قبطيا بخطفها "بهدف تنصيرها". وأعلنت الأحزاب عن تشكيل لجنة لمقابلة وزيري الداخلية والخارجية، مشيرة إلى احتمال سفر مسؤولين بالرئاسة إلى تركيا لبحث إعادة الفتاة. ومن جانبه، عقد حزب الوفد ببني سويف، اجتماعًا بمقر الحزب بمدينة الواسطي، ضم بعض الأحزاب السياسية بالمحافظة، لبحث تداعيات الفتاة المسلمة لنزع فتيل الفتنة. من ناحيته، أكد الدكتور عمر عبدالجواد عضو مجلس الشعب السابق أمين حزب الوفد بالمحافظة، أن الاجتماع مبادرة من حزب الوفد لاحباط فتنه طائفية قد تحدث، ولا يعرف عواقبها الا الله، وأضاف أن الحاضرين ناقشوا العديد من الآراء والاقتراحات وجميع الاحتمالات وراء اختفاء الفتاة، حيث تم التوصل إلى تشكيل لجنة تضم من بين الحاضرين ممثلى أحزاب: "الوفد والنور والحرية والعدالة والدستور"، لمقابلة اللواء إبراهيم هديب مدير الأمن وقيادات المخابرات بالمحافظة، لحثهم على البحث عن الفتاة، فضلاً عن استدعاء كلاً من: الأنبا بولا أحد قساوسة الواسطى والأب فانوس من قساوسة شرق النيل بمدينة بني سويف، للتحقيق معهما وحثهما على الإدلاء بما لديهما من معلومات حول اختفاء الفتاة المسلمة. "الرومانسية المزعومة" وفي تعليق صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على تلك الأحداث، فرأت أنه منذ صعود الإسلاميين إلى السلطة والهيمنة على زمام الأمور في البلاد بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع "حسني مبارك" على أعقاب ثورة يناير 2011، ارتفعت مخاوف المسيحيين من أعمال الترهيب والعنف من رفقائهم من المصريين خصوصًا المتشددين من السلفيين. وأشارت الصحيفة إلى أن الرومانسية المزعومة أججت التوتر الطائفي منذ ما يقرب من شهرين في قرية "الواسطة" بمحافظة "بني سويف"، وهاجم مجموعة من المسلمين الكنائس وأجبروا المسيحيين على إغلاق المحلات. وانتهت الصحيفة قائلة: «إنه في كل مرة يتم عقد جلسات تصالح لتهدئة الأوضاع، ولكن يبدو أن هناك المزيد من المتطرفين الذين يسعون إلى تصعيد التوتر». "سحر وغسيل مخ" وكان والد الفتاة حاتم كمال اتهم أسرة مسيحية ونجلها وابن عمه باختطاف الفتاة وإجبارها على اعتناق المسيحية، والاستيلاء على أموالها وتسهيل سفرها إلى تركيا. وفي تصريح لوالد الفتاة قال حاتم كمال: «إن ابنته تعرضت للسحر من أحد القساوسة لإجبارها على اعتناق الديانة المسيحية»، مؤكدا وجود أدلة ومستندات وأسماء قساوسة بأوراقها الشخصية بعد اختفائها - على حد تعبيره. وقال كمال، في تصريحات لشبكة ال «CNN بالعربية»: «إنه توصل إلى معلومات تفيد بعلاقتها بشاب مسيحي يقطن بإحدى مدن محافظة بني سويف، وقد كانت إحدى صديقات أسرته تصطحب ابنته بمدينة الفيوم إلى الكنيسة»، مؤكدا التقاط صور للشاب مع أحد أقاربه من بعض أجهزة الصراف الآلي، وهما يحصلان على أموال كان قد أودعها لابنته بحسابها الشخصي. وأوضح أن أجهزة الأمن أصدرت شهادة تحركات لابنته تفيد بمغادرتها البلاد بأول مارس الماضي إلى تركيا، كما أرسلت ابنته إليه خطابا عن طريق الانترنت، تدعي فيه تزوجها من شاب مسلم يدعى أحمد، غير أنه شكك بهذا الأمر، ورجح بأنها محاولة لإبعاد الشبهة عن الكنيسة وبعض الأقباط الملتفين حولها - على حد قوله. وذكر أنه تحدث إلى أحد القساوسة الذين وردت أسماؤهم بالمستندات التي عثر عليها بأوراق ابنته، وقال له الأخير: "إن الكنيسة مليئة بالمسلمين الذين يقصدونها بسبب «مس من الجن أو تأخر بالحمل» مرجحات أن ابنته «تعرضت لعمليات سحر وغسيل مخ»، فضلا عن انتشار جماعات التبشير. الوالد يستغيث ووجه والد الفتاة الذي يعيش بمدينة "الواسطي" بمحافظة بني سويف بصعيد مصر، نداء إلى الرئيس محمد مرسي للتدخل بنفسه للعمل على عودة ابنته التي قيل إنها فرت مع أحد الأقباط، لافتا إلى أن مسئولي وزارتي الداخلية والخارجية وعدوه باتخاذ الإجراءات اللازمة من اجل إرجاعها للبلاد. وقال أن ابنته رنا، والتي تبلغ من العمر 21 عاما، قامت بعمل نحو 25 عمرة، كما أدت فريضة الحج ثلاث مرات حيث كان يعيش بالمملكة السعودية. الكنيسة تنفي وفي المقابل، ورداً على هذه الاتهامات، نفت الكنيسة علاقتها رسميا بالحادثة. وشدد الكاهن أنجليوس القمص مقار جابر بكنيسة الشهيد مارجرجس في الواسطي في تصريحه ل «CNN بالعربية»، على أن الكنيسة التي تتبع قيادتها مطرانية بنى سويف، ليس لها علاقة من بعيد أو قريب باختفائها، خاصة وأن أسرتها سبق وأن أشارت إلى أن الشاب الذي قد تكون ارتبطت به يعيش بمدينة أخرى. كما اعتبر الكاهن أن إقرار الأسرة باتصالها بها وإعلانها الزواج من مسلم اسمه أحمد تؤكد وجهة نظره. وقال الكاهن: «إن قوات الأمن تصدت لمسيرة كانت تحاول مهاجمة الكنيسة الجمعة بعد اختفاء الفتاة»، وأعرب عن خشيته من أن يؤدى تدخل السلطة بقوة إلى توليد أعمال عنف شيخ الأزهر والبابا وفي محاولة لرأب الصدع ووأد الفتنة، أكد شيخ الأزهر أحمد الطيب، بعد لقائه بابا الأقباط في مصر تواضروس الثاني، في الكاتدرائية المرقسية أن للأزهر والكنيسة دورا فاعلا في احتواء الأزمات ذات البعد الديني. بدوره، قال البابا: «إن سلامة الأزهر والكنيسة ستبقى ضمانة لاستقرار مصر، رغم الأحداث الطائفية "العابرة" التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة». وكان تواضروس الثاني عاد، الاثنين، إلى المقر البابوي في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بعد اعتكاف دام 6 أيام في دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، احتجاجا على مقتل أشخاص في عنف طائفي. وأسفرت أعمال عنف ذات طابع طائفي وقعت في مدينة «الخصوص» وفي محيط مبنى الكاتدرائية المرقسية مطلع الشهر الجاري عن مقتل نحو 10 أشخاص وإصابة آخرين.