فجرت زيارة النائب الأردني محمد عشا الدوايمة إلى إسرائيل ، أثر دعوة تلقاها، للمشاركة في حفل استقلال إسرائيل، والذي يعني فعلياً الاحتفال باحتلال فلسطين ، حالة من الغضب بالأردن وخاصة داخل مجلس النواب الأردني ، حيث تم نقاش زيارة النائب داخل البرلمان على مستويات كثيرة . واستنكرت أوساط شعبية ورسمية أردنية إقدام النائب على هذه الزيارة ، وكان عشرات النواب والإعلاميين قد انسحبوا الاثنين عند بدء النائب الدوايمة كلمته أمام المجلس في مناقشات الثقة بالحكومة الجديدة.
وافاد المركز الفلسطيني للاعلام ان عددا من النواب تهجموا مساء الاثنين على الدوايمة، منددين بما وصفوه بخيانته وزيارته الكيان الاسرائيلي.
عقوبة الفصل هذا وقد أعلن حزب الوسط الإسلامي الأردني في بيان الثلاثاء انه قرر بالاجماع فصل النائب محمد العشا من عضوية الحزب وكتلته النيابية بعد أنباء تحدثت عن زيارته لإسرائيل الاسبوع الماضي ومصافحته الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز.
واوضح البيان الذي نشر على موقع الحزب الالكتروني ان "كتلة نواب حزب الوسط الاسلامي (15 نائب) اجتمعت مع اللجنة السياسية للحزب وقررت فصل النائب محمد العشا بالاجماع".
واضاف ان هذا القرار جاء "بعد الاطلاع على ما تناقلته المواقع الصحفية والالكترونية من زيارة النائب محمد العشا للكيان الصهيوني وقيامه بحضور حفل استقبال لما يسمى بعيد الاستقلال ومصافحته للمجرم بيريز الملطخة يديه بالدماء الفلسطينية". واعتبر البيان ان "هذه الافعال تمس مبادئ ومنطلقات الحزب التي ترفض كافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني".
وكان رئيس مجلس النواب الاردني سعد هايل السرور صرح خلال ترأسه جلسة الاحد ان "لا علم لمجلس النواب بهذه الزيارة"، مشيرا الى ان "النائب هو وحده المسئول عن افعاله".
وبحسب مواقع اخبارية محلية اردنية فان العشا زار اسرائيل الاسبوع الماضية لثلاثة ايام وحضر حفل اقامه الرئيس الاسرائيلي في منزله الثلاثاء الماضي بمناسبة بالذكرى ال65 لاعلان قيام دولة اسرائيل بحضور طاقم السفارة الاردنية في تل ابيب.
تحرك برلماني وكان 61 نائبا أردنيا وقعوا مساء الاثنين على مذكرة تطالب رئاسة مجلس النواب بالتصويت على فصل النائب الدوايمة . ويسعى النواب الموقعون على المذكرة التي تبناها النائب محمود الخرابشة لجمع مائة توقيع عليها تمهيدا لطرحها على رئاسة مجلس النواب للبدء بإجراءات فصل النائب وفقا للمادة 90 من الدستور الأردني التي تنص على ضرورة تصويت ثلثي أعضاء مجلس النواب في حال قرر فصل أي من أعضائه. ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب الذي جرى انتخابه مطلع العام الجاري 150، لكن مراقبين قللوا من شأن سير المذكرة حتى مراحلها النهائية نظرا لما اعتبروه صعوبة في جمع ثلثي أعضاء المجلس للتصويت لصالح قرار فصل النائب.
وكان نواب قد طالبوا خلال جلسة البرلمان صباح الاثنين بفصل العشا، بعد أن قرر حزب الوسط الإسلامي فصله من عضوية الحزب وكتلته البرلمانية بعد أن تأكدت زيارته لإسرائيل ولقاءه بإسرائيليين.
ووصفت النائبة هند الفايز العشا ب"العميل الصهيوني"، في حين تعالت أصوات تطالب بطرده من البرلمان، لكن النائب كان غائبا عن جلسة النواب.
استنكار من جانبها أدانت اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع زيارة النائب ، وأوضحت في تصريح أصدرته الاثنين إن "التقارير تحدثت عن زيارة النائب المذكور لمؤسسات وشخصيات "أوغلت في دماء الشعب الفلسطيني ومعروفة بعدائها للأمتين العربية والإسلامية".
واستنكرت اللجنة الزيارة وعدتها عملا "يناقض المبادئ الدينية والمصالح القومية في الوقت الذي تقدم فيه أغلى التضحيات للدفاع عن عروبة فلسطين وإسلاميتها".
وأهابت "مجابهة التطبيع" بالشعوب للتصدي بحزم لكل الممارسات التطبيعية التي "تشكل طعنة نجلاء للشعب الفلسطيني ولأبناء الشهداء والأسرى وذويهم وترسل رسالة سلبية لكثير من دول العالم ومنظماته الأهلية التي بدأت تتفهم عدالة القضية الفلسطينية".
وثمنت مجابهة التطبيع "موقف النواب والإعلاميين والسياسيين الذين أدانوا هذه الزيارة داعية إياهم إلى اليقظة التامة إزاء كل عمل تطبيعي إبراءً للذمة ودفاعاً عن مصالح الأمة".
أما على صعيد عشيرة الدوايمة في الأردن فقد استنكر النائب عبد المجيد الأقطش وهو أحد أعيان العشيرة، تصرفات النائب محمد الدوايمة، قائلا "إن أبناء عشيرة الدوايمة لا يتحملون وزر النائب الدوايمة الذي قام بزيارة الكيان الصهيوني" مؤكدا رفضه التطبيع مع العدو الصهيوني.
النائب ينفي هذا وقد نفى النائب محمد العشا بشدة الأنباء عن لقائه بأي مسئولين إسرائيليين وتحدى أيا كان أن يثبت ما تم تداوله عن لقائه بالرئيس الإسرائيلي أو غيره، مؤكدا أنه التقى بمسئولين وبرلمانيين وشخصيات فلسطينية إضافة للسفير الأردني في تل أبيب وليد عبيدات.
وقال العشا إن زيارته هدفت لتشكيل هيئة برلمانية دولية للدفاع عن القدس، وأنه ناقش إقامة دعاوى على إسرائيل بسبب الانتهاكات المتكررة لمستوطنيها واقتحامهم للمسجد الأقصى.
واعتبر أن دخوله لفلسطين ووضع ختم إسرائيلي على جواز سفره أمر طبيعي كون الدخول لفلسطين غير متاح إلا بهذه الطريقة، على حد وصفه.
وتنشط في الأردن لجان حزبية ونقابية ترفض التطبيع وتقوم بالتشهير بمن يلتقون مسئولين إسرائيليين ومن بينهم نائبان سابقان زارا إسرائيل خلال عضويتهم للبرلمان، حيث قوبلا برفض شعبي واسع وقتها.
"التطبيع الزراعي" من ناحية أخرى نفذ ناشطون اعتصاما الاسبوع الماضي أمام وزارة الزراعة رفضا للتطبيع الزراعي مع إسرائيل.
وهتف المشاركون بشعارات ضد التطبيع الزراعي تحت شعارات "فلسطين أمانة والتطبيع خيانة"، "لا سفارة صهيونية على الأرض الأردنية"، "القطاع الزراعي سد منيع وليس جسرا للتطبيع". وطالب المشاركون في الاعتصام بإبطال معاهدة وادي عربة وإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان، و"إيقاف التطبيع مع العدو الصهيوني"، تحقيقا للمصلحة الأردنية والفلسطينية والأمة برمتها.
وشدد المشاركون على رفضهم دخول المنتجات الزراعية إلى الأسواق الأردنية، لما فيه من أثر سلبي على الوطن والاقتصاد، لاسيما على المزارعين في الأردن وفلسطين، وكذلك لتجنب الأثر الصحي الضار على المواطنين نتيجة التهجين والهرمونات.
وتطرق المعتصمون إلى قضية تصدير ثمار الزيتون إلى إسرائيل، والتي بدورها تعيد إنتاجه وتصديره باعتبارة منتجا إسرائيليا، كما تطرقوا إلى الاحتجاج العراقي الأخير على دخول المنتجات الزراعية الإسرائيلية إلى أراضيهم عبر الأردن.
وأكد المعتصمون "ان العدو الصهيوني يستهدف القطاع الزراعي الاردني بإغراقه بالمنتجات الإسرائيلية كالبطاطا التي غزت الاسواق العام 2011، وكذلك الجزر والمنجا والكاكا".
وشارك في الاعتصام، وفق بيان صحفي وزع خلال الاعتصام، حزب الشعب الديمقراطي، وتجمع القوى الشبابية والطلابية لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع "اتحرك"، والحراك الشبابي في مخيم البقعة، وشباب مخيم البقعة، وكتلة التجديد العربية، وشبيبة حزب الوحدة الشعبية، ولائحة القومي العربي، وكتلة "عرب" الطلابية، والتجمع النقابي الشبابي، وأبناء الشتات "عودة"، وجمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، وحملة "استحِ" لمقاطعة المنتجات الصهيونية.
علاقات رسمية وفي النهاية يجب الاشارة إلى أن أول علاقات دبلوماسية رسمية بين الأردن وإسرائيل كانت منذ عام 1994, عندما وقعت معاهدة السلام بين البلدين. وقبل هذه المعاهدة كان بين البلدين علاقات لم تكن علنية, وتتوصلان إلى اتفاقات فيما بينهما ، ورغم العلاقات الرسمية إلا أن التطبيع الشعبي لا يزال يلقى رفضا من قطاعات واسعة من الشعب الأردني.
وقد سبق توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية لقاء عقد في واشنطن قبل ذلك بثلاثة أشهر بين الراحلين الملك حسين ورئيس الوزراء يتسحاق رابين، حيث أعلن الزعيمان عن انتهاء حالة الحرب بين بلديهما. ويؤمن الأردن بضرورة استمرار الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بالتفاوض بهدف الوصول إلى اتفاق عادل ودائم يفضي إلى انهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل، اتفاق يعالج معاناة الشعب الفلسطيني التي امتدت على مدار ستين عاما.
ومن جانب اخر يشدد الأردن على ضرورة اتخاذ إسرائيل خطوات ملموسة وجاده، لتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي للفلسطينيين وازالة العراقيل التي تحول دون تحقيق تقدم في العملية السلمية، ومن ابرزها النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية والحصار.
والمعاهدة بين الأردن وإسرائيل كانت بداية عصر جديد من العلاقات السلمية بين الدولتين. والتي ادت لسلام وتعاون بين البلدين في مجالات عديدة منها الاقتصادية, الاكاديمية, والزراعية, لكن بدأت هذه العلاقات تتوتر وتصبح غير مستقرة .