يدفع الأردن ثمن فتح أبوابه على مصراعيها للاجئين السوريين والعراقيين نظرا للظروف السياسية التي تشهدها المنطقة ، فضلا على النمو السكاني والتوسيع العمراني الذي تشهده البلاد، مما جعلها تسرع وتيرة العمل في مشروع ناقل البحرين الاستراتيجي. ففي الوقت الذي أعلن فيه رسميا عن توافق الأردن وإسرائيل وفلسطين على مشروع " ناقل البحرين"، إلا انه توجد عراقيل إسرائيلية تحول دون تنفيذ المشروع، الذي سيغذي الأردن بمياه البحر الأحمر بعد تحليتها، لأن المشروع لم يعد في سلم أولويات تل أبيب.
مع أم ضد؟ وبدوره نفى أمين عام سلطة وادي الأردن سعد أبو حمور معارضة إسرائيل للمشروع، وقال أن هناك منظمات مجتمع مدني أردنية وفلسطينية تقف ضد المشروع، فيما تقف إسرائيل مع المشروع مئة بالمائة.
واستكمل المشروع متطلباته في الأردن وفقا للمسئولين، من حيث لقاءات مع المجتمع المحلي ومن تسلم الدراسة النهائية من صندوق النقد الدولي عقب اخذ مقترحات وأراء المجتمع المحلي بهذا المشروع والتي سيجري عرضها على أصحاب القرار.
وأكد ابو حمور أن الأردن سيحصل على الحصة الأكبر من مياه المشروع وبمعدل 650 مليون متر مكعب من أصل 900 مليون متر مكعب تحل فلسطين ثانيا بالنسبة للكميات فيما ستحصل إسرائيل على الكمية الأقل بهذا المشروع .
وتصل كلفة المشروع بكافة مراحله والمتوقع الانتهاء منه في لعام 2060 إحدى عشر مليار وبتمويل من دول مانحة وبعض الدول المستفيدة من هذا المشروع .
ويهدف مشروع ناقل البحرين بين الأردن وفلسطين وإسرائيل إلى الربط المائي بين البحر الأحمر والبحر الميت لتوفير قرابة مليار متر مكعب من المياه المحلاة والصالحة للشرب، مع الحفاظ على بيئة البحر الميت بموازاة وقف انخفاض منسوب المياه السطحية فيه، بما لا يؤثر سلبًا على البيئة والحياة البحرية في البحر الأحمر وعلى نوعية المياه في البحر الميت.
نكسات من جانبه أكد وزير المياه والري الأردني الدكتور حازم الناصر أن مشروع ناقل البحرين "الأحمر – الميت" لم يعد من أولويات إسرائيل، وأنها تعمل على إعدامه لدى الأطراف الدولية.
وأكد الناصر أن ما يدعو للقلق تعرض المشروع لعدة نكسات أردنية، منها عدم تعامل الأردن معه على أنه حيوي واستراتيجي نتيجة للتقلبات الحاصلة في المياه، وقبوله تعديلات على المشروع من بعض الأطراف، وبقاؤه يتيماً بلا مدافع.
وأشار الوزير الأردني أن الحكومات الأردنية لم تستطع تغيير نظرة الشعب الأردني تجاه المشروع، فبقي في نظرهم مشروع إسرائيل، في حين حاربته إسرائيل من تحت الطاولة.
وتعمل إسرائيل على وأد المشروع من خلال دراسات الأثر الاجتماعي والقول إن خلط المياه يؤدي إلى ترسيب مادة الجير وتغيير اللون. وحاولوا إخفاء نتائج الدراسة نفسها التي تؤكد على إمكانية معالجة الحالة في حال حدوثها وذلك بتنقيتها من بعض العناصر أو خلط مزيد من كميات المياه كما حدث مع بوابة نوتردام. كما طرحت إسرائيل بدائل للمشروع منها مشروع البحر المتوسط – البحر الميت رغم تكلفته العالية وتهديده الأمن الأردني، وطرح مشروع سيحون وجيحون الذي ركن جانبًا بسبب التوتر بين تركيا وإسرائيل، إضافة إلى طرح إسرائيل مشروع جر مياه نهري دجلة والفرات، وهذا مرفوض أردنيًا".
مشروع مضاد ودرس الأردن مشروع ناقل البحرين في الثمانينات، كمشروع مضاد للمشروع الإسرائيلي المتوسط – الميت، وكان في حالة حرب مع إسرائيل آنذاك. وتجمد المشروع بين العامين 1997 و 2002 بسبب وصول اليمين المتطرف إلى السلطة في إسرائيل، إثر المباشرة بدراسة مشروع تطوير وادي الأردن وفقًا لاتفاقية السلام في العام1995، وبإشراف وتمويل البنك الدولي. وخلصت عدة دراسات سياسية، بيئية وتعليمية واقتصادية واجتماعية خاصة بالمشروع، إلى ضرورة جر مليار و800 مليون متر مكعب من مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت إلى العقبة، ومن خليج العقبة إلى منطقة قاع السعيدين وتسييل المياه من هناك بالجاذبية الأرضية إلى البحر الميت. كان البديل جر المياه بوساطة الأنابيب إلى العقبة، ثم شق قناة من العقبة إلى البحر الميت.
وبحسب المسئولين يهدف المشروع حماية البحر الميت من الاختفاء نتيجة استنزافه بنسبة 60 % من قبل إسرائيل، والباقي من قبل الإطراف الإقليمية الأخرى، مما أدى إلى هبوطه مترًا مكعبًا كل عام.
كما تم إحياء المشروع من جديد في العام 2002، خلال قمة الأرض في جوهانسبيرغ، وتمسك الأردن آنذاك بأن يكون الفلسطينيون جزءًا من المشروع في ظل رفض إسرائيلي استمر لغاية العام 2005، حين بدأ التفاوض على الشروط المرجعية، بإدارة البنك الدولي.
وعلى جانب أخر قال وزير المياه الأردني :"إن المياه لدينا لا تكفي للزيادة السكانية والاقتصادية المتوقعة، حيث أن عدد السكان حاليًا 6.7 ملايين نسمة، عدا المغتربين الأردنيين، ويضاف إليهم نصف مليون لاجئ سوري ونصف مليون لاجئ عراقي، وسياح يصل عددهم إلى ثمانية ملايين نسمة سنويًا".
وأوضح الناصر أن المشروع سينفذ على خمس مراحل تستمر لغاية العام 2060، وهو العام الذي سيكتمل فيه المشروع، وبالتالي فإن أسعار المياه المحلاة سيتم اقتراحها من قبل شركات استشارية يجري اختيارها في حينه عبر طرح عطاءات منافسة عالمية، موضحًا أن تكلفة المشروع تصل إلى أكثر من عشرة مليارات دولار بحسب أسعار العام 2009، مشيرًا إلى أنه سيتضمن أيضا بناء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية.
واتفق الجانبين الأردني والإسرائيلي اتفقا في وقت سابق على إعادة تأهيل نهر الأردن بقيمة 100 مليون دولار تتحملها الحكومة الإسرائيلية، حيث سيتم وقف إسالة المياه العادمة الخارجة من المستعمرات الإسرائيلية والعمل على معالجتها، ومن ثم ضخها في نهر الأردن والاستفادة منها للري أيضًا، لكن اسرائيل لم تلتزم كعادتها في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
تهديد للبيئة وعبّر خبراء ومختصون بيئيون أردنيون عن مخاوفهم من الأثر البيئي لمشروع ناقل البحرين "الأحمر - الميت" لان عند خلط المياه الناتجة من خليط قادم من محطة تحلية مياه بمحتواها الكيماوي ومياه مالحة مع مياه البحر الميت، حيث يبدو أن هنالك خطراً من حدوث طبقة جبص بيضاء على سطح البحر، كما أن مد أنابيب في إخدود وادي الأردن أمر خطر، كما نحن بحاجة إلى أن نرى دراسات دقيقة عن أثر سحب المياه من خليج العقبة".
كما أن الأثر البيئي يبدأ من نقطة سحب المياه من خليج العقبة وأثارها على الحياة البحرية من أسماك و مرجان بالإضافة إلى خطورة القناة وتحطمها من الزلازل على طول خط النقل، بالإضافة إلى الأثر السلبي على خلط المياه في البحر الميت".
ولا يزال الغموض يكتنف المشروع، فالتفاصيل ليست واضحة بسبب وجود مشروعين الأول متفق عليه كنتاج لاتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل وحصل على موافقة الدول الثلاث "الأردن، فلسطين وإسرائيل" في العام 2005 على أن تقوم دراسة المشروع من البنك الدولي، ثم أذاعت الأردن في العام 2010 مشروعها الخاص بعد أن لاحظت عدم اهتمام إسرائيل بالقناة، وهذا أمر محيّر ".
أما الغموض الثاني المقلق في هذا المشروع هو أن الكلفة المعلنة تقدر بحوالي 12 مليار دولار بحسب مراحله الثلاث، فضلا عن كونه مشروع حساس جدًا.