*النظر في إعادة "الدعم" و"الصناديق الخاصة" أهم خطوات إنقاذ الاقتصاد *خبراء: الاستقرار الأمني والتوافق السياسي شرطان لإنقاذ الإقتصاد من الهاوية *البنك المركزي : نطالب الاعلام بالكف عن التحدث فى هذا الموضوع
كتبت- مروة نبيل
أصبح الإقتصاد المصري من وجهة نظر البعض يسير إلي الهاوية، عقب الأنباء التي ترددت عن إحجام صندوق النقد الدولي عن إعطاء مصر القرض المتفق عليه والبالغ 4.8 مليار دولار إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، بالإضافة إلي تراجع الاحتياطي النقدي بشكل كبير للغاية وفقاً لإعلان البنك المركزي المصري.
وما يُزيد من حدة هذه الأزمة استيراد مصر للوقود والمواد الغذائية وعلى رأسها القمح؛ حتى أنها أصبحت في صدارة الدول المستوردة له، بعدما كانت تُصدره، هذا بجانب انخفاض احتياطي النقد لديها إلى 13.5 مليار دولار، أي أنه لا يكفي سوى لثلاثة أشهر من الاستيراد.
غياب الأمن
يؤكد العديد الخبراء علي أن أهم عقبة تواجه الإقتصاد المصري اليوم هو غياب الأمن، فالاستقرار الأمني هو مفتاح عودة الاقتصاد المصري إلى مكانته السابقة، بجانب أهمية التوافق السياسي للخروج من الأزمة السياسية الحالية بين النظام الحاكم والمعارضة والتي تؤدي إلى استمرار العنف في الشارع، مما يؤدي إلي إحجام المستثمرين عن العمل بمصر.
واستطلعت "محيط" رأي الدكتور محمد عبد الحليم عمر، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، والذي قلل من أهمية رفض النقد الدولي إقراض مصر، بعدما أعلنت ليبيا عن وضعها لوديعة في البنك المركزي بقيمة ملياري دولار، خاصةً أنها ستكون بميزة وهي أنها لن تُحمل مصر أي فوائد عكس الصندوق.
مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي سابقاً، تابع قائلا ان قانون الصكوك الإسلامية الذي أقره مجلس الشورى قبل بضعة أيام وانتهى بالفعل من لائحته التنفيذية، سيُساهم كثيراً في حل الأزمة الاقتصادية، حيث أنه سيكون مُتاحاً للمستثمرين بالخارج والمحليين.
لا تخوف من الافلاس
وعن التخوفات من إفلاس مصر، أبدى عبد الحليم عمر، استيائه الشديد من هذه الأنباء، وقال انه بالرغم من أن الاقتصاد في أسوأ أحواله هذه الأيام، كما أننا نُعاني من فقر شديد وسيزداد خلال الفترة المقبلة، إلا أنه من الصعب أن تُعلن دولة إفلاسها طالما أنها قادرة على سداد ديونها.
وطالب في ختام تصريحه لنا بالصبر على المسئولين، خاصةً أن المشروعات تأخذ وقتاً للإنتاج، ولكنه في الوقت ذاته ناشد الحكومة عدم الاعتماد على القروض والمعونات من الخارج؛ واصفاً إياها بالمسكنات، وأكد على ضرورة وجود رؤية إستراتيجية واضحة وبعيدة المدى.
من جانبه قال الدكتور طارق حماد، عميد كلية تجارة عين شمس، أن عجز الميزانية العامة وصل إلى 140 مليار جنيه، وقد يرتفع إلى 200 مليار جنيه وفقاً لتصريحات المسئولين بالحكومة، في ظل توقف الاستثمار الأجنبي والعربي، وانهيار السياحة والتي كانت توفر دخلاً قومياً يصل ل12 مليار دولار، بالإضافة لعودة الأزمة في الجنية أمام العملات الأخرى، ولأول مرة نشهد عودة السوق السوداء في سعر الصرف المحلي، وهو ما يعظم مشاكل الاقتصاد المصري.
وشدد حماد على أن الحكومة تواجه الدين العام وعجز الموازنة عن طريق الاستدانة والقروض والتي وصلت إلى أكثر من تريليون دين محلي، ومشكلة الدين العامة المحلي تأتي في ارتفاع الفوائد 133 مليار جنيه فوائد ديون، مُضيفاً أن مصر اليوم تشهد ارتفاع حالات الإفلاس للعديد من المؤسسات والشركات العاملة بالاقتصاد المصري.
الخبير الاقتصادي أشار إلى أن هناك أسبابا عديدة أدت لانهيار الاقتصاد في مقدمتها الانفلات الأمني، مما أدى لغياب المستثمرين والسائحين، وعدم وجود استقرار سياسي ، والانقسام بين الأحزاب السياسية زاد من زعزعة الوضع الاقتصاد، في ظل استمرار المظاهرات والاعتصامات العمالية والفئوية بشكل شبة يومي مع كثرة المليونيات والمظاهرات التي تبدأ سلمية وتنتهي دموية، مما يعطي رسالة علي عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، بجانب سوء إدارة موارد مصر الاقتصادية.
فيما أكد الدكتور حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات الأسبق، أنه سبق وحذر من انهيار الاقتصاد المصري، بسبب الأحداث التي تمر بها البلاد على مدار العامين الماضيين وعدم اتخاذ أي إجراءات احترازية.
وأضاف أن الاقتصاد يمر بأسوأ مراحله على الإطلاق، إلا أن ذلك لا يعني أن مصر ستُفلس، حيث أنها تقوم بتسديد ديونها على أقساط، مُشيراً إلى أن هناك عدة موارد من شأنها النهوض بالاقتصاد كقناة السويس، وتحويلات المصريين من الخارج، بجانب السياحة حينما تعود لطبيعتها.
حلول سريعة لإنقاذ الوضع
وطالب الحكومة بإيجاد حلول سريعة لإنقاذ الوضع الحالي وعلاج عجز الموازنة المصرية، وذلك عن طريق جذب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، خاصةً أن قانون الصكوك الإسلامية الذي أصدره مجلس الشورى؛ لن يجلب المليارات من أموال المستثمرين كما أوهمت الحكومة الرأي العام.
أما الدكتور مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، فأرجع سبب رفض صندوق النقد الدولي إلى السياسة التي يتبعها الإخوان المسلمين منذ صعودهم إلى سدة الحكم في مصر، بخروجهم عن المسار الديمقراطي وتزايد حدة الخلافات بينهم وبين باقي القوى والائتلافات الثورية والمعارضة.
وتابع أن حالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد حالياً والمظاهرات والاحتجاجات في الميادين المختلفة، كان لها تأثيراً سلبياً على كافة قطاعات الدولة، وخاصةً السياحة التي انهارت تماماً والاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية التي هجرت السوق المصرية.
ورأي أن أهم الحلول لإنقاذ الإقتصاد هي إعادة النظر في الدعم؛ لأنه يذهب لغير مستحقيه، وخاصةً دعم الطاقة فدعم الطاقة يكلف الحكومة أكثر من 70 مليار جنيه والحكومة بحاجة إلي قرار شجاع لإعادة النظر في الدعم بصفة عامة ودعم الطاقة بصفة خاصة، مُشدداً علي أهمية تطبيق الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، لأنه يقضي علي المظاهرات الفئوية التي تشدها مصر في الآن، كما صدر مرسوم من مجلس العسكري وحكم قضائي بتطبيق الحد الأدنى والحد الأقصى ولم يتم تطبيقه حتى الآن.
الصناديق الخاصة "الكنز المفقود!"
الشريف شدد علي أهمية النظر في الصناديق الخاصة التي بها مئات المليارات من الجنيهات، مؤكداً أنها الكنز المفقود الذي سيُخرج مصر من أزمتها الاقتصادية الحالية ويُنقذها من الإفلاس، مع أهمية ترشيد الإنفاق الحكومي؛ وأيضاً ترشيد الاستيراد من الخارج وهذا متاح من خلال تقديم طلب لمنظمة التجارة العالمية يتيح لمصر قصر الاستيراد علي سلع ميعنه وليس في ظل عجز ميزان المدفوعات.
وأكد أهمية إصلاح ضريبة المبيعات لأنها تعتبر جزءا مهم في الإقتصاد المصري، والعمل علي إعادة الأموال المهربة للخارج؛ فحتى الآن لم يتم استرداد أي مبلغ مالي، كما طالب بإعادة النظر في سوء استغلال الثروة المعدنية، فالرسوم الحالية ملاليم إذا تم إعادة النظر ستوفر لمصر 25 مليار جنيه سنوياً.
وفي ختام تصريحاته، أوضح الشريف أن البنك الدولي وضع ثلاثة معايير تعيق الاستثمار في مصر "الضرائب- التراخيص- التسجيل الملكية"، وطالب بوضع حلول لهذه الأزمة للخروج منها، مع إعادة النظر في الجهاز الإداري للدولة.
ثلاثة فقط يعرفون حقيقة وضع مصر الاقتصادى!
فيما أكد الدكتور محمود عبد الفضيل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن بعثة صندوق النقد الدولي ستزور مصر الأسبوع المقبل، لمناقشة البرنامج الاقتصادي الذي أعدته الحكومة؛ لاستكمال المفاوضات بشأن حصولها على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار.
وأضاف عبد الفضيل أنه لا أحد يعلم الوضع الاقتصادي المصري سوى ثلاثة مسئولين فقط، وهم الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، وهشام رامز، محافظ البنك المركزي، والدكتور المرسي حجازي، وزير المالية، مؤكداً على وجود اجتماعات بصفة مستمرة بينهم لبحث سُبل الخروج من هذه الأزمة.
وفي ختام تصريحاته، أعرب الخبير الاقتصادي عن استيائه الشديد من كافة الوسائل الإعلامية؛ لنشرها تفاصيل الأزمة أول بأول، مُطالباً إياها بالكف عن الحديث في هذا الموضوع ومساندة المسئولين، مُشيراً إلى أن جميع دول العالم تمر بأزمات اقتصادية عنيفة، إلا أن إعلام بلادها يُساندها بعكس ما يحدث في مصر.