لعبت مدينة المنصورة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين دورا رئيسيا في الحركتين الطلابية والشعبية، على مستوى الحركة الطلابية التي خرجت – بداية – لدعم الانتفاضة الفلسطينية؛ كانت "اللجنة الطلابية لدعم الحق العربي" بؤرة نشاط مهم، وامتدت فعالياتها لخارج الإطار الجامعي، وكذلك كان نادى أدب جامعة المنصورة بتاريخه الطويل وبنيته المتراكمة، حيث اشتعلت الحركة الطلابية في تلك الفترة وكانت مركزا للحراك والتغيير في السنوات التي تلت ذلك. وعلى مستوى الحركة الشعبية – التي تداخلت في بنيتها أيضا الحركة الطلابية- كان هناك نقطتين بارزتين، وهى أولا: اللجنة الشعبية لتتضامن مع الانتفاضة الفلسطينية ومعها اللجنة الشعبية لدعم الشعب العراقي.. حيث استطاعت اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني أن تحقق نجاحات عدة، وأصبحت مصدر جذب للقوى السياسية المختلفة: قومية ويسارية وليبرالية ودين سياسي أيضا؛ ورغم الصراع الذي نشب داخلها (بالأساس بين أفراد الحركة الطلابية وبعض القوى الوافدة عليها) إلا أنها ظلت تتقدم باستمرار؛ وحققت العديد من النجاحات المتوالية. وكذلك كانت لجنة دعم الشعب العراقي التي قامت بعدة فعاليات إعلامية وشعبية بارزة سلطت الضوء بشدة على القضية العرقية. وثانيا: كانت حركة كفاية في المنصورة التي جذبت عددا آخر من السياسيين؛ وكانت تشارك في بعض الفعاليات في القاهرة ناهيك عن نشاطها الإقليمي.
أعتقد أن سبب الأحداث الحالية يعود للتشكيلة والتاريخ السياسي لعلاقة الإخوان بباقي الفصائل السياسية! يريد الإخوان أن يرسلوا رسالة للحركة الثورية والفصائل السياسية هناك؛ بان الوضع تغير.. ويأتي ذلك أيضا في سياق رد فعل الإخوان على الموجة الثورية الحالية، والذي تشكل قبل 25 يناير 2013 مع وزير الداخلية الحالي، عندما قررت الجماعة ( من خلال الرئيس مرسى) العودة لسياسة القمع، وتوريط الشرطة ضد الشعب بشكل علني وأسوأ مما كان في العهد البائد،.
بدأت أحداث المنصورة بمبادرة من حزبهم هناك؛ الذي رأى أن له من القوة والسلطة بما يجيز له فض الاعتصام أمام مبنى المحافظة! حيث هجموا على المعتصمين في وقت النهار عندما تكون الكتلة العددية للمشاركين أقل ما يكون! ليعود الثوار وأهل الأحياء الشعبية من مؤيديهم للمكان ثانية، في رد ورسالة تكرر مفادها في كل مكان وقت، تقول بان الثوار لا يستسلمون.. ومن هنا اتسعت الدائرة وتم توريط داخلية نظام الإخوان مرة أخرى في الوقوف أمام الشعب.
المدن والمحافظات الساحلية شقت عصا الطاعة، أما في المنصورة فحاول الإخوان استخدام تكتيك الاتحادية 1، وهو المبادرة بإجهاض الفاعلية وإرباك المشهد بالعنف! ثم تطور الأمر للاتحادية 2 ومشاهد الداخلية وهى تسحل وتقتل.. المنصورة لن تستسلم هي بلدي وأعرفها جيدا وأعرف تركيبة مدنها السكانية؛ حيث تتركز قوة السلفيين في الأحياء العشوائية المهمشة على أطراف المدن، وتتركز قوة الإخوان في القرى والنجوع المنتشرة، وتتركز القوة الثورية والوعي المرتفع في قلب الأحياء الشعبية والمتوسطة للمدن. لذا فنتيجة أحداث المنصورة لن يستطيع الإخوان الانتصار فيها بالحشد، وكذلك لن تنجح الداخلية بعنفها في قمع حالة ثورية.
تكتيك الإخوان الحالي: "المبادرة بتجميد كرة الثلج" قبل أن تكبر، وتكتيك توريط الشرطة – مرة أخرى – في مواجهة الشعب، الذي اتخذ قراره قبل أحداث بورسعيد ومع بشائر 25 يناير 2013، لن يفيد الإخوان في شئ سوى حشد المزيد من الغضب الشعبي ضدهم..
تم إغواء الإخوان من قبل النظام القديم (المجلس العسكري) ، ليلعبوا دور المحلل الشرعي له، سوف تفقد فرق الدين السياسي الكثير إن لم يكن كل شئ، وسوف تندم أشد الندم على ابتلاعها طعم المجلس العسكري والنظام القديم، وقت لا ينفع الندم.
فكل التحية لمدينتي: الأيقونة والرمز...
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أالقائمين عليه