ما زال التوتر بين الشيخ السلفي أحمد الأسير وحزب الله متواصلا في لبنان على وقع التصريحات الأخيرة التي أطلقها الشيخ الأسير والتي هدد فيها "باتخاذ خطوات تصعيدية مفاجئة ضد شقتين تابعيتين لحزب الله في محيط مسجد بلال بن رباح ببلدة "عبرا" القريبة من صيدا والتي يقول الشيخ الأسير إنهما جعلتا مراكز تجسس وضعهما الحزب الشيعي لرصد تحركات الشيخ وربما اغتياله". وأسفرت تهديدات الأسير الثلاثاء الماضي، عن اجتماع عاجل عقده "مجلس الدفاع الأعلى" في قصر بعبدا الرئاسي ومجلس "الأمن الفرعي في جنوب لبنان" في محاولة لتطويق التوتر قبل انتهاء المهلة التي أعلنها الأسير لبدء "خطواته التصعيدية" ضد حزب الله والتي قال إنها ستنتهي بانتهاء صلاة الجمعة.
وقال مراسل قناة "فرانس 24" في لبنان بديع قرحاني: "إن هناك انتشارا أمنيا واسعا نفذه الجيش اللبناني في المنطقة التي تشهد توترا بين الشيخ الأسير وحزب الله إلى درجة أن المنطقة تحولت إلى منطقة أمنية بامتياز.
وجرى الانتشار الأمني بحسب قرحاني، بهدف إقامة مناطق عازلة بين مربعات "نفوذ" حزب الله والمكان الذي ينوي أنصار الأسير الاعتصام أمامه وهو مجمع الزهراء.
وذكرت مصادر إعلامية لبنانية أن اتصالات مكثفة جرت ليلة الخميس الجمعة بين القوى الإسلامية والسلفية مع قيادات من حزب الله والشيح الأسير في محاولة لتطويق الموقف قبل صلاة الجمعة، وأن قيادات حزب الله أعطت توجيهات لأنصار الحزب بتجنب الاستفزازات مع الشيخ الأسير وأتباعه.
وقال قرحاني: "إن هناك ضغوطا أمنية وسياسية مورست على الشيخ الأسير ليحول دون تجاوز أنصاره أبواب مسجد بلال بن رباح مع منع أي مظاهر مسلحة قد تفتح إمكانية الاشتباك مع عناصر حزب الله، خصوصا وأن الشيخ السلفي طلب من أنصاره كتابة وصاياهم وتركها في المسجد".
وما قد يدفع الأمور إلى التهدئة، يقول قرحاني، هو أن الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله أشار في أول سابقة من نوعها إلى مخاطر اندلاع اقتتال بين السنة والشيعة في لبنان، وهو ما ترك لدى أطراف أمنية وسياسية لبنانية انطباعا بأن الحزب قد حضر عناصره لإمكانية حصول اشتباكات مسلحة على خلفية تهديدات الأسير.
بيد أن الشقتين التي جعلهما الشيخ السلفي اللبناني منطلقا لحملته الحالية هما موجودتان في منطقة عرفت بحضور شيعي قديم، يقول مراسل القناة.
ولعل ذلك ما أشار إليه نصر الله في خطابه الأخير حين تساءل: "في صيدا، هناك الآلاف من العائلات الشيعة منذ آلاف السنين، فهل أصبحت إقامة الشيعة في صيدا بدها إذن.. إن حزب الله موجود في صيدا وقاتل لتحريرها ولديه مراكز في عبرا قبل إنشاء المسجد، وهناك ناس أقاموا مسجدا في عبرا قرب مركزنا".
موضوع الشقتين الشيعيتين موضوع قديم إذن، والجديد في الأمر هو حدة تصريحات الشيخ الأسير الذي انتبه فجأة لوجود الشيعة في عبرا وصيدا ووضعت عاصمة الجنوب اللبناني في وضع توتر أمني قد يعيد إنتاج سيناريو عاصمة الشمال.
وسواء بالنسبة لطرابلس أو صيدا يبدو الوضع اللبناني مفتوحا على احتمال مواجهة مؤجلة وغير مأمونة العواقب بين فريقين اختارا حتى اللحظة أن يتقاتلا خارج حدود لبنان في سوريا. فالفريقين السلفي والشيعي ممثلا في حزب الله، يقول قرحاني، يرسلان المقاتلين للحرب في سوريا، ويحتفظان بحرب كلامية ومواجهات متفرقة ومحدودة في شوارع لبنانية، في غياب أي سيطرة لجيش الدولة على السلاح والحدود مع الجار السوري.