ذكرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية أنه على الرغم من خروج عدد من أفراد أسرة الرئيس السوري بشار الأسد خارج سوريا في فترة تلت نشوب الأزمة السورية واحتدام المواجهات بين قوات المعارضة والقوات النظامية ، إلا أن آخرين من أسرة الأسد لا يزالون متواجدين داخل دمشق ، وتحديدا في أماكن محصنة يمكن الدفاع عنها بسهولة وقصف المناطق المحيطة بها في جبل قاسيون. وذكرت المجلة -في تقرير بثته بموقعها على شبكة الإنترنت- إنه على الرغم من موجة العنف التي طالت العاصمة دمشق ، وتمكن قوات المعارضة من الاستحواذ على عدد من القرى والمدن في شرق وشمال البلاد وصولا إلى بعض القرى المحيطة بالعاصمة السورية، فإن حلفاء الأسد لا يزالون يحكمون قبضتهم على المحاور الشمالية والجنوبية لدمشق، فضلا عن سيطرتهم على مدن حمص وحماة، وصولا إلى المنطقة الساحلية المحيطة بميناء اللاذقية.
وأضافت المجلة أن السلطة في سوريا مازالت مرتكزة في يد دائرة صغيرة محيطة بالأسد، وتضم هذه الدائرة عائلة مخلوف، التي تشمل أقارب والدته، ومجموعة من القادة الأمنيين، أما فيما يتعلق بالمعارضة، فإن معظم المنشقين عن الجيش والحكومة السوريين هم من أصحاب الرتب والدرجات الأقل في كليهما، مع الوضع في الاعتبار أن الجيش والحكومة لم تعد لديهما أية سلطات تذكر في الوقت الراهن داخل البلاد.
وتناولت المجلة الوضع الحالي للأشخاص المقربين من الأسد ، في ظل الأوضاع التي وصلت إليها سوريا بعد شهور طويلة من التناحر، فقالت إن الأسد، الذي فاز في وقت سابق بأنه الرئيس الأكثر شعبية بين الزعماء العرب ، والذي أكد ذات مرة قدرته على التحرك بسيارته الشخصية في مختلف أنحاء سوريا دون حراسة، أصبح اليوم ممقوتا من أبناء شعبه، فلم يعد يظهر بشكل علني، وفي حال انتقاله لأحد الأماكن فإن ذلك يتم دون إعلان سابق وتحت حراسة أمنية مشددة، ويعد ظهوره بمسجد في شمال دمشق في نهاية يناير الماضي هو الظهور الأخير.
وأشارت "إيكونوميست" أنه وفقا لدبلوماسيين، فإن الأوضاع في سوريا كلما ازدادت سوء، كلما زاد الأسد تحديا ووقاحة، فالرئيس السوري لم يتجاهل مطالب شعبه بتنحيه عن منصبه فحسب، بل إنه لم يحرج كذلك من التلميح بإمكانية خوضه الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل إذا ما أصبح الحل السياسي محل تفاوض مع المعارضة السورية.
وقالت المجلة البريطانية إن التقارير التي أوردتها بعض وسائل الإعلام بشأن وجود الأسد على سفينة حربية روسية قبالة الساحل السوري، واستخدامه لمروحية خاصة يستخدمها لإجراء بعض الأمور الرسمية مثل اللقاءات مع المسئولين أو الزوار، ليست صحيحة، وغالبا فإن الأسد لا يزال متواجدا داخل دمشق.
أما عن قرينته أسماء الأسد ، فذكرت المجلة أنه رغم ما نشر سابقا من شائعات بشأن هروبها من سوريا إلا أنه من المرجح أن تكون أسماء متواجدة في دمشق مع زوجها وأنجالهما الثلاثة، وبخلاف ما توقعه السوريون من قرينة الرئيس التي نشأت في بريطانيا حول موقفها من الإصلاح، فإن الرسائل البريدية التي تبادلتها أسماء مع زوجها أثناء تواجدها خارج البلاد لشراء الأحذية والمزهريات باهظة الثمن، ونشرتها صحيفة الجارديان البريطانية العام الماضي بعد تسربها، دفعت السوريين لمعاداتها ووضعها مع زوجها في كفة واحدة.
وقالت "إيكونوميست" إنه فيما يتعلق بماهر الأسد ، الشقيق الوحيد المتبقي للرئيس السوري والرأس المدبر لحملة القمع الواسعة التي خلفت أكثر من 60 ألف قتيل حتى الآن ، فيشاع أنه فقد أحد ساقيه في تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق في منتصف يوليو الماضي ، غير أن هذا الأمر لم يتم تأكيده حتى الآن ، ويرى الكثير من أبناء الطائفة العلوية أن ماهر قد يخلف أخيه بشار في حال تخليه عن منصبه.
وأوضحت المجلة البريطانية أن بشرى الأسد ، شقيقة الأسد التي فقدت زوجها آصف شوكت في تفكير مبنى الأمن القومي ، خرجت مع أولادها الخمسة من سوريا إلى دبي بعد مقتل زوجها ، ويعتقد البعض أنها تمارس ضغوطا كبيرة على شقيقها ، أما بشأن السيدة أنيسة مخلوف، والدة الرئيس السوري وقرينة الرئيس السابق حافظ الأسد ، فقد انتقلت للعيش مع بشرى في دبي الشهر الماضي بعد شهور كانت تقوم بدور المستشار لنجلها بشار ، ويقول البعض أن أنيسة تؤيد رد فعل أكثر عنفا مما ينتهجه نجلها حاليا في التعامل مع معارضيه منذ منتصف عام 2011.
وذكرت المجلة إن الدائرة المحيطة بالأسد تضم أيضا ابني خاله رامي وحافظ مخلوف، وقد امتنع الأول عن الظهور علانية بعد أن صرح ذات مرة لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بأن النظام السوري سيقاتل حتى النهاية ، أما حافظ فيسود الاعتقاد بأنه أصيب في انفجار مبنى الأمن القومي ، وأنه لا يزال موجودا بالعاصمة السورية حتى يومنا هذا.