يوم 18 فبراير الماضى تم الأعلان عن مولد مجلس الكنائس المصرية بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية . الشئ الذى اثار كثيراً من التساؤلات حول هذا الموضوع . مثل ماذا يعنى هذا الأعلان عن ذلك المجلس ؟ وما هو دوره فى ترميم الخلافات العقائدية بين الكنائس المسيحية فى مصر ؟ من المعروف بداية أن هناك ما يزيد على خمسة الأف طائفة مسيحية فى العالم .
كانت قد انبثقت عن ثلاث كنائس رئيسية هي الكنيسة الكاثولوكية والكنيسة الانجيلية والكنيسة الأرثوذكسية . وكل كنيسة تشمل عدة كنائس تحسب على الأساس الجغرافى والجنسى مثل الروم الكاثوليك والأرمن الكاثوليك والروس الأرثوذكس واليونان الارثوذكس والاقباط الارثوذكس .
أما الطوائف التابعة للكنيسة الأنجيلية فهى تتعدد وتتكاثر حسب الرؤية العقيدية فى أطار المرجعية الأنجيلية .
ومنذ القرن الثالت الميلادى وقبل ظهور الكنيسة الأنجيلية عام 1516 كان هناك صراعاً عقائدياً شديداً وقاسياً قد أتخذ أشكالاً أضطهادية حادة بين الكنيسة الكاثوليكية والارثوذكسية خاصة فى أطار الفكر الدينى المسيحى المصرى فى مواجهة الفكر الدينى المسيحى الغربى . وقد قاد هذا الصراع المصرى _ الغربى أثناسيوس الرسول الملقب بحامى الأيمان الأرثوذكسى المصرى وهو أيمان الكنيسة المصرية الوطنية .
وبعد ظهور الكنيسة الأنجيلية فى مواجهة الكنيسة الكاثوليكية كانت هناك مواجهات دامية بين الكنيسة الكاثوليكية مدافعه عن بقائها وبين الكنيسة الأنجيلية متمسكة بوجودها . وصلت الى حد استمرار الحروب لسنوات عده راح ضحيتها ما يقرب عن خمسين مليون انسان .
وكانت أخر تلك الموجهات بين الكاثوليك والبروتستانت فى ايرلندا . ولذا فقد أوجدت تلك المصادمات وهذه الخلافات جراحاً غائره فى الضمير الجمعى لكل كنيسة فى مواجهة الأخرى .
الشئ الذى يظهر دائما فى شكل أساءات وملاسنات وانتقادات كل كنيسة للكنائس الاخرى . ولذا فكانت هناك محاولات لأصلاح ذات البين تمثلت فى انشاء مجلس الكنائس العالمى ذلك المجلس الذى استغلته الدول الأستعمارية الغربية لمصالحها السياسيه الخاصة . فكان مجلس كنائس الشرق الأوسط الذى أهتم بأقامة علاقات بين كنائس الشرق .
وفى أطار هذا الخلاف العقيدى والتاريخى لم تسلم العلاقة بين الكنائس المصرية من ممارسات صراعية لا تتسق مع أى قيمة دينية ومسيحية . فكانت فكرة مجلس كنائس مصر من أجل بناء علاقة جديدة بين الكنائس المصرية تعتمد على أحترام كل كنيسة للأخرى فى اطار الخلاف العقيدى الذى سيظل بلا شك . وهنا يكون السؤال الطبيعى فى ظل هذا المشهد السياسى الحالى الذى تلعب فيه الأحزاب الاسلامية دوراً سياسياً سلطوياً.
هل سيكون هناك دورا ً سياسياً لهذا المجلس ؟ هنا نعتقد بلا شك بأنه لا ولا يجب أن يكون هناك دوراً سياسياً لهذا المجلس لعدة أسباب :
أولها أن المسيحية لا علاقة لها بالسياسة ( أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) ويقول السيد المسيح ( مملكتى ليست من هذا العالم ) وبالتالى فالكنائس لها دور روحى دينى بعيداً كل البعد عن الدور السياسى الذى لا تجيده ولا تقدر عليه .
ثانياً أن أى اقتراب من دور سياسى للكنائس لن ينفع ولا يفيد بل سيشعل نار الفتنه ويكرس مناخ التطرف ويضر بالمسيحيين وبالوطن بأجمعه. حيث أن هذا سيكون موضع خط تماس بين التيار الأسلامى وبين الأقباط بمختلف كنائسهم وهذا لا يجب أن يكون .
ثالثاً هناك فارق بين الكنيسة ودورها الروحى وبين الحزب حتى لو كان أسلامياً ودوره السياسى . ولكن الدور المطلوب وبحق هو الدور الوطنى لهذا المجلس وهو بلا شك غير الدور السياسى خاصةً أننا الان نحتاج لأعادة روح التوافق الوطنى والتلاحم المصرى حتى نخرج من هذه المرحلة الأستثنائية .
وهنا من الطبيعى أن يكون هناك حوار مسيحى مسيحى وهو مهمة هذا المجلس حتى نمهد لحوار مسيحى مسلم يكون بداية حقيقة وصحيحة لبناء توحد وتوافق مصرى مصرى يعيد اللحمه المصرية ويؤكد التوافق الوطنى لكل المصريين.
ولذا نرجو أن يعى الجميع هذا خاصة أن هناك أنتخابات قادمة لمجلس النواب فلا يجب اطلاقاً ان نقحم هذا المجلس فى هذه القضية سواء من قبل المتشددين الأقباط الذين يريدون دوراً للكنيسة لكى يثبتوا ذواتهم من خلالة أو من قبل المتشددين المسلمين الذين يسهل عليهم أتهام هذا المجلس بالدور السياسى . فليثبت المجلس أنه كنسى وطنى لا علاقة له بالسياسة حتى تظل مصر لكل المصريين.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه