ذكرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن تونس أصبحت على مفترق طرق بعد اغتيال المعارض التونسي البارز شكري بلعيد (48 عاما) وسط وجود تخوف لدى المسئولين من أن تؤدي عملية الاغتيال تلك إلى زعزعة التقدم التونسي الأخير نحو الديمقراطية . وأوردت الصحيفة على موقعها الإلكتروني اليوم الخميس- أن رئيس الوزراء التونسي حمادي جبالي أعلن - في رد فعل سريع بعد إنطلاق الاحتجاجات عقب عملية اغتيال زعيم المعارضة اليساري الشهير - عن تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة تقود البلاد إلى الانتخابات في أقرب وقت ممكن .
ولفتت الصحيفة إلى أن قرار رئيس الوزراء التونسي يعتبر تنازلا واضحا للمعارضة ، والتي طالبت طويلا بتعديل وزاري جديد للحكومة التي يهيمن عليها التيار الاسلامي ، ويأتي أيضا بعد ساعات من أول عملية اغتيال لزعيم سياسي في تونس ما بعد الثورة .
وأضافت الصحيفة أن قتل شكري بلعيد - العلماني والناقد الشرس لحزب النهضة الإسلامي المعتدل الحاكم في تونس - يعتبر مؤشرا على تصعيد العنف السياسي في البلاد ويثير الاتهامات بشأن إهمال الحكومة - إن لم يكن هناك تواطؤ بشكل مباشر في عملية الاغتيال .
كما أنه عزز المخاوف من أن التحول الديمقراطية في تونس سيكون أكثر فوضوية مما كان مأمولا .
ونقلت الصحيفة عن جبالي قوله - خلال كلمته للامة - التي كانت لا تزال عاصمتها مشبعة برائحة الغاز المسيل للدموع الذي استخدمته الشرطة ضد المتظاهرين الغاضبين من عملية القتل- "إنه يوم حزين صادم للبلاد بغض النظر عن الاختلافات التي بيننا .. إننا في مفترق طرق ، وإننا سوف نتعلم من ذلك لجعل تونس سالمة ، آمنة وتعددية ، حيث يمكننا أن نختلف ولكن لا يقتل بعضنا بعضا" .
وأشارت الصحيفة إلى أن تونس التي كانت اطاحتها بالديكتاتور زين العابدين بن علي في يناير 2011 إنطلاقة لموجة من الثورات المطالبة بالديمقراطية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي حققت بعض درجات من النجاح.
وتابعت الصحيفة أنه كان من المتوقع بشكل كبير أن تتمتع تونس -الصغيرة نسبيا والتي يتمتع شعبها البالغ 10 ملايين نسمة بتعليم جيد - بأفضل فرص النجاح للتحول إلي الديمقراطية .
وأسفرت أول انتخابات اعقبت الحكم الديكتاتوري جلبت للسلطة حزب النهضة الإسلامي المعتدل في تحالف مع حزبين علمانيين .
وذكرت أنه خلال الأشهر القليلة الماضية ظهرت جماعات حماية الثورة - وهي جماعات تقول أنها تحارب الفساد وتسعى وراء فلول نظام بن علي ، غير أن زعماء المعارضة مثل بلعايد قالوا إن تلك الجماعات أصبحت كتائب مسلحة يدعمها حزب النهضة للهجوم على المعارضة ، حيث شهد الأسبوع الماضي سلسلة من الهجمات ضدالاجتماعات والفعاليات التي تنظمها المعارضة، بما في ذلك مسيرة نظمتها جبهة بلعايد الشعبية في شمالي تونس. وأوردت كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أن المشاهد في البلاد تذكر بالأيام الأخيرة للرئيس بن علي حيث اصطف المتظاهرون على جانبي شارع بورقيبة يهتفون "الشعب يريد إسقاط النظام" حيث تمت مواجهتهم بوابل من الغاز المسيل للدموع وشرطة مكافحة الشغب.
وفي لحظة ما من سير الجنازة ، توجهت سيارة الإسعاف التي تحتوي على جثمان بلعايد، ويحيط بها المشيعون الغاضبون ، نحو وزارة الداخلية قبل أن تتفرق بسبب تعرضها للغاز المسيل للدموع .
وشهد بعد ظهر امس الاربعاء خلو شوارع وسط المدينة إلى حد كبير من المارة وتناثر الحجارة في ارجائها، وسط حراسة مشددة من العربات المدرعة للشرطة، بالاضافة إلى دوريات لدبابات الحرس الوطني ، كما طاردت شرطة مكافحة الشغب مجموعة من المتظاهرين في شوارع وسط المدينة الراقية .