في كل عام مع اقتراب الاحتفال بأعياد الميلاد التي تتزامن مع أواخر شهر ديسمبر / كانون الأول ينتشر الجدل حول مشروعية الاحتفال باعياد ميلاد السيد المسيح "كريسماس". ففي الكويت انتشرت فتوى يدعو فيها رجال دين متشددين إلى تحريم الاحتفال بهذه المناسبة ولكن التيارات الإسلامية الرئيسية في الكويت لا تتبنى هذه الدعوات.
ولا تحظر السلطات الاحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة لكن الاحتفالات العامة بهاتين المناسبتين تخضع لضوابط مشددة في هذا البلد المحافظ.
إساءة بالغة
وتعليقاً على ذلك استنكرت جمعيات ومنظمات مجتمع مدني كويتية، الدعوات التي أطلقتها تيارات متشددة لمنع احتفالات عيدي الميلاد ورأس السنة الميلادية في هذه الدولة الخليجية المحافظة التي يقيم فيها عدد كبير من الوافدين المسيحيين.
وقالت 9 جمعيات في بيان مشترك :"إن بعض الجهات اعتادت في كل عام أن تتهجم وتسيء إلى كل من يحتفل بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح ورأس السنة الميلادية وتحريم مظاهر الفرح والزينة في هذه المناسبات".
وأضافت أنه نظرا لما يمثله هذا الفعل "من إساءة بالغة إلى الدين المسيحي ومعتنقيه من مواطنين ومقيمين، فإننا في الجمعيات الموقعة أدنى هذا البيان، نرفض رفضا تاما نشر مثل هذه الإساءات وتوزيعها".
وتابع البيان "أننا في المجتمع المدني ندرك تماما مدى خطورة مثل هذه التصرفات على حق الآخرين وحريتهم في عقيدتهم وممارسة شعائرهم، تلك الحقوق التي كفلها دستور الكويت، وتقع على الدولة مسئولية حمايتها من أخطار مثل هذه الأفعال المتطرفة التي ترى الناس بعين البغضاء والغلو".
ومن مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد إقامة الزينات وإبراز نجمة الميلاد وهي النجمة التي ظهرت لملوك من الشرق ليهديهم إلى مكان ميلاد السيد المسيح. كما تشمل مظاهر الاحتفال أيضا ترديد الأناشيد الدينية التي تتحدث عن الرعاة الذين بشرهم ملاك من السماء بولادة السيد المسيح وكذلك النشيد الذي يلخص سبب ميلاد السيد المسيح .
المسيحيون بالدستور
الحقوق والحريات العامة من أهم الموضوعات التي تتناولها دراسات القانون الدستوري والأنظمة السياسية ، فالمادة 35 من دستور الكويت تنص على أن حرية الاعتقاد مطلقة ، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان ، وأكدت المادة 29 منه أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنسية أو الأصل أو اللغة أو الدين" .
فالدستور الكويتي ينص على أن حرية إقامة الشعائر مكفولة للجميع بحدود القانون، فالكويت بلد منفتح ويضم خليطا متنوعا من الأديان، أي أحد يتم قبوله إذا كان يحترم خصوصيات البلد ويحترم القانون
فمن جانبه أكد قس الكنيسة الإنجيلية بالكويت عمانويل الغريب أن المجتمع الكويتي لا يفرق بين مسلم ومسيحي ونحن جزء منه، ولا نشعر بأي نبذ أو تعصب أو حتى تجاهل، بل على العكس نحن منه وفيه، أما عن تواصلنا نحن بالإخوة المسلمين ففي كل رمضان نقيم احتفالا في الكنسية بين الفطور والسحور نسميه "الغبقة"، وندعو له شرائح المجتمع الكويتي المختلفة.
جذور تاريخية
والمسيحية في الكويت لها جذور تاريخية تعود إلى بدايات الانتشار المسيحي في المنطقة العربية، غير ان هذا الوجود اختفى بعد قرون إلى أن عاد الى الظهور بشكل علني في بدايات القرن العشرين بالرغم من الكثير من المعوقات التي واجهته على مر السنين والتي بدأت بالانحسار مع الوقت حتى بات المسيحيون في الكويت سواء كانوا من الأجانب أو مواطنين كويتيين، يتمتعون بقدر مقبول من الحرية الدينية وخاصة على صعيد بناء الكنائس وممارسة الشعائر الدينية.
ودلّت بعض الآثار المكتشفة في الكويت أن المسيحية وصلت إليها واعتنق سكان فيها الايمان المسيحي...فقد تم اكتشاف آثار لكنائس قديمة في منطقة القصور في وسط جزيرة فيلكا...وايضا آثار لكنيسة صغيرة في جزيرة عكاز...وايضا تم العثور على لوحتين منقوش عليهما صليب محاط بإطار مزخرف...وبحسب علماء الآثار فإن الآثار "المسيحية" تعود الى الفترة ما بين القرنين الخامس والسادس للميلاد...هذه الآثار إشارة واضحة على ان المسيحية وصلت الى الكويت وعاش فيها مسيحيون قرون عديدة غير انهم انجلوا عنها مخافين ورائهم ما يشهد على وجودهم واستيطانهم تلك البلاد.
وبحسب بعض المراجع الإحصائية يوجد اليوم في الكويت ما يقارب 500 ألف مسيحي وردوا إليها من مختلف دول العالم من اجل العمل ، ويوجد في الكويت بين المواطنين أقل من 150 مواطن مسيحي.
وتمارس الطائفة المسيحية شعائرها الدينية بحرية تامة وإلى جانب يحملون أكثر من 70 جنسية إذ لا يجدون أي صعوبة في أداء شعائرهم وإضافة إلى الكتب المقدسة المترجمة بأكثر من 35 لغة لجميع الجاليات ولكن المشكلة تكمن في ضيق دور العبادة ومحدوديتها .
كنائس الكويت وفي الكويت عدد لا بأس به من الكنائس ساهم في تشييدها الرعايا المسيحيين الأجانب من اجل العبادة وممارسة الشعائر المسيحية والاحتفال بالمناسبات الدينية...كما يوجد أيضاً كنيسة وطنية أي للمسيحيين من أصل كويتي ويرعاها رجل دين مسيحي كويتي ، بالإضافة إلى كون الكنيسة في الكويت تقوم برعاية الشئون الروحية للمسيحيين، فهي تقوم بعدة خدمات اجتماعية.
فالكنيسة الإنجيلية الوطنية في الكويت، هي كنيسة إنجيلية وطنية مقرها الكويت، كما انها عضو في مجلس كنائس الشرق الأوسط. يقدر عدد رعاياه في الكويت بحوالي 15 ألف نسمة ، وراعي الكنيسة الحالي هو القس عمانويل غريب وهو كويتي ويعتبر أول قس خليجي معاصر يشغل هذا المنصب، كما أنه أول قس معاصر يرتدي زي الكنيسة إضافة إلى الكوفية خلال أداء الطقوس الدينية. شغل منصب راعي الكنيسة الإنجيلية قبله القس المصري الجنسية نبيل عطا الله.
فنظرا إلى تزايد عدد المسيحيين في الكويت، فمن المؤكد إنهم يحتاجون إلى عدد اكبر من الكنائس حتى تستوعبهم فلا يكون قسم منهم محروماً من فرصة العبادة أو المشاركة في المناسبات المسيحية على مدار السنة...وهذا طبعا يتطلب من المسئولين الكويتيين مزيدا من التسهيلات لبناء الكنائس.
وفي الكويت، لا يجوز التبشير في أوساط المسلمين ولا يسمح في دور النشر المسيحية. ويحظر التعليم الديني المنظم للجماعات الدينية الأخرى غير الإسلامية. ومع ذلك، فإن الدستور يسمح بالحرية الدينية. مواد متعلقة: 1. شيخ الأزهر يزور الكاتدرائية لتهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد 2. احتفال بطعم الانتصار .. "دولة فلسطين" تتزين لاستقبال عيد الميلاد 3. الطوائف المسيحية تبدأ اليوم في بيت لحم احتفالاتها بعيد الميلاد