خريطة وتاريخ الحركات الإسلامية في مصر ترسمها تجاعيد الشيخوخة علي وجه الشيخ أحمد المحلاوي، الإمام التاريخي لمسجد القائد إبراهيم، وأحد أقطاب الحركات الإسلامية، فهو واحد من شيوخ الرعيل الأول للحركات الإسلامية وآخر من بقوا ممن التقى بهم حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. ومن النقيض للنقيض، سلك المحلاوي الطريق في اختيار معارضيه، ولكنه حافظ على أنصاره من الإسلاميين دائمي الحرص على الاستماع لآرائه ومحاولة استقطابه دون جدوى لإحدى تلك الحركات رغم حرصه الدائم أن يكون منهل لها جميعا باختلافاتها ما بين سلفية وإخوان وتبليغ ودعوة، وأنصار السنة المحمدية؛ إلخ.
بالأمس، احتشد مئات من المحتجين ? ذوي المنهج الليبرالي والمدني ? بسبب انتقادات المحلاوي اللاذعة وتبطينه لخطاب يحث الجماهير على التصويت بالموافقة على مسودة الدستور اليوم؛ واستمر الحصار إلى 13 ساعة محاصرا بالمسجد وبصحبته ما يناهز المائة من أنصاره والمصلين خلفه.
ولم يكن موقف المعارضين للمحلاوي نتاج خطبة وحيدة، بل موقف تصاعد منذ بدء المسيرة الديمقراطية عقب الثورة بدءا بالاستفتاء على الدستور، ثم انتخابات مجلسي الشعب والشورى، وآخرها رئاسة الجمهورية، خاصة مع حرصه على انتقاد المناهضين لتصاعد دور تيار الإسلام السياسي والمتحفظين عليه.
المحلاوي الذي انقطع طريق كورنيش الإسكندرية بجمعة الرابع من فبراير من عام 2011، تأييدا وهتافا ومحاولة من الجماهير مصافحته احتشدت نفس الأعداد محاولة لمنعه من الخروج من المسجد بسبب ما أثير عن احتجاز أعضاء من القوى المدنية داخل المسجد وجهت النقد له.
وكان التحول في آخر كلمات المحلاوي التي تناقل صداها بمحيط المسجد، محذرا ومهددا بالسماح لأنصاره "الإسلاميين" بالتدخل لفك الحصار، ومنتقدا بشدة محاولة قوات الأمن التزام الحياد وتصريحات مدير الأمن بتحرير محضر للطرفين".
واعتلى المحلاوي منبر مسجد القائد إبراهيم في الأسبوع الثالث من انطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير، بعد 15 عاما على صدور قرار بمنعه من الخطابة، ليجد رحابة وتأييد من الجماهير الثورية كافة وتنتهي بمحاصرته أمس بذات المسجد انتقادا لخطابه.
قرار وزارة الأوقاف ? الذي لم يلغ بعد ? من جماهيرية المحلاوي والتفاف الناس حوله، وآرائه الأخيرة في الأوضاع السياسية وتأييده لرئيس الجمهورية في ميدان الإسكندرية الثوري الجامع لكافة الأطياف لم يرضي كثيرين.
لم يخضع المحلاوي لمحاولات الاستمالات المستمرة من كثير من قوي الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان المسلمين والدعوة السلفية، عبر زيارات متكررة له بمنزله المتواضع فوق أسطح أحد عقارات منطقة كليوباترا شرق الإسكندرية.
المشهد بدأ بخطاب رئيس الجمهورية الراحل محمد أنور السادات متحدثا بالبرلمان ومنتقدا ل "الراجل بتاع اسكندرية"؛ واعتقاله للمحلاوي في عام 1981 بسبب آرائه الشخصية التي كان يرددها على أنصاره لتشكيل تحول في فكر الجماعات والحركات الإسلامية بمختلف تغيراتها ومراجعاتها.
وعقب كل تلك السنوات، يظل المحلاوي ويختلف الطرف الآخر من الصدام من السلطة إلى جماهير شعبية تحتج على تلك الآراء، بينما يظل صمت جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها الحرية والعدالة عن التدخل الميداني في مشهد الأمس بالإسكندرية، وينفرد بالمشهد سلفيين بشكل غير تنظيمي يرتبط باسم مجلس إدارة الدعوة السلفية.
وتتراوح المعلومات حول نشاط ظاهر لمحاولات "تحرير الشيخ المحاصر" كما أطلقتها أفراد تابعة للجماعة الإسلامية وآخرين من الجماعات الجهادية حشدت نفسها في اشتباكات استمرت بالشوارع المحيطة بساحة مسجد القائد إبراهيم. مواد متعلقة: 1. مجموعة من الناخبين يمنعون المحلاوي من دخول لجنته 2. الجيش يفض اشتباكات لجنة «المحلاوي» و يؤمنه حتى الخروج 3. طارق الزمر: المعتدون على «المحلاوي» بلطجية