صدامات كثيرة وقفت وراء استقالة مقدم البرامج الشهير عاصم بكري من فضائية "مصر 25" المملوكة لجماعة الإخوان المسلمين، والذي اختص "محيط" بأول تصريح عن أسباب ذلك ،مؤكدا أن مصر الآن أصبحت مقبلة على أحد نموذجين؛ الجزائر أو إيران. منذ خمسة أشهر ، قرر بكري أن يترك فضائية الإخوان وحاول فقط أن يقنع شباب الإخوان أن السلطة لا يمكن أن تستمر هدفا ، لأن حكم أي بلد تتداوله الأحزاب فيما بينها في الأنظمة الديمقراطية ، بحسب قدرتها على إقناع الجماهير بكفائتها . وقد قرر هو ومجموعة من رفاقه تأسيس رابطة إسلامية مناهضة للإعلان الدستوري الصادر في نوفمبر الماضي والذي رأى أنه مخاطرة بالوطن بأكمله.
من جهة أخرى، ينتقد بكري الأفعال التي تخالف الوعود في جماعة الإخوان ، وهو يرى أيضا أن المجموعة المسيطرة الآن على جماعة الإخوان من المنتمين للفكر القطبي ومنهم محمود غزلان ومحمود عزت ومحمد بديع وسعد الكتاتني ومحمد مرسي وخيرت الشاطر، والأخير "أخطرهم"، كما ينظر الرجل، لأن فكره تآمري من البداية . واعتبر بكري أن طائفة قليلة جدا من تمثل فكر عمر التلمساني والهضيبي في "دعاة لا قضاة" . سألناه : لماذا فقدت ثقتك في الجماعة التي طالما دافعت عنها ؟ بكري : كنت أحب جماعة الإخوان وأرى فيهم حالة توسط بين التمسك بالدين والانفتاح الفكري العصري مقارنة بالتيارات الإسلامية الأخرى . ولكني وجدت استعدادا من القائمين الآن عليها لغش الجماهير ، وأولها حين علمت أنه لا يوجد مشروع نهضة متكامل وجاهز ، وإنما مجرد أفكار عامة، وهذا يخالف ما روجوه للجمهور حين تم ترشيح الدكتور مرسي للرئاسة . الصدام الثاني كان حين اتهم الإخوان حكومة الجنزوري وشخصه بأنه يورط البلاد في القروض الدولية ، واتهموه بخيانة وطنه بقسوة ، ثم قالوا أنه خرج مكرما لمجرد تعيينه مستشارا للرئيس وفي ذلك تناقض، والغريب أن حكومة قنديل اتجه لقرض صندوق النقد الدولي الذي هاجموه من قبل وبنفس المبررات ! ومنها أنها يفيد في إعطاء الثقة الدولية للنظام المالي المصري ، وهو ما ذكرته من قبل الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي .
وقد خالفت الجماعة أيضا وعدها في تعيين الرئيس، وفي عدم الاستحواذ في ممارسات مجلس الشعب ، وهو ما أصاب المخلصين بالاحباط منها .
وحين أردنا التعرف على طبيعة العمل المهني بالقناة، أكد بكري أنهم يستضيفون فقط من يقنع الجماهير بسياساتهم ، وغير مؤمنين بالرأي والرأي الآخر إلا في حدود ضيقة للغاية، وبالفعل فقد توقف بكري عن العمل بالقناة لفترة خلال حملة ترشيح مرسي للرئاسة، فقد أصبح أداء القناة فجا من وجهة نظره ويسيء لأي إعلامي . سألناه : هل تتوقع حصول "الحرية والعدالة" على أغلبية البرلمان المقبل ؟ بكري : شعبنا يعاني أمية فادحة ، وهم يتم استمالتهم بالدين بشكل فج قبل الانتخابات، وأنا من الذين اقترحوا أن يكون صوت المتعلم بخمس أصوات للأمي، لأنه من غير المنطقي أن شخصا لا يقرأ ولا يعرف برامج أحزاب أن يدعي أنه يملك خيارا . وعموما فالانتخابات ببلادنا لعبة يجيدها البعض، بصرف النظر عن الشعبية على أرض الواقع . وللأسف فالاحتكام للصندوق حاليا غير أمين ولا عادل . وحين تحدث بكري عن كتابه الجديد "طهران .. الحقيقة" أكد أن مصر تدخل على المشهد الإيراني، وقد أيدت أمريكا وبريطانيا وفرنسا الخوميني تأييدا كبيرا في ثورته ،و الخوميني لم يعتمد على الجيش ولا الشرطة، وقد قيدت أمريكا تلك المؤسسة تحذر من أي انقلاب لصالح القصر وظلوا يدعمون الثورة حتى رحيل الشاه، ولكن الخوميني اعتمد على الحرس الثوري ، وهذا ما أخشى أن نتحول إليه ، والحرس هناك 350 ألف مدرب عسكري يستطيعون إجراء أي انقلاب في أية لحظة ويغيروا المشهد لصالح من يرسلهم .. وهو سيناريو كارثي لا نتمناه لمصر أبدا ..