تعد قصة الآثار العراقية واحدة من أكثر القصص حزنا في بلاد الرافدين والتي ظلت على مدى التاريخ الهدف الأول لعصابات الجريمة المنظمة والمافيا الدولية كلما تعرض العراق إلى احتلال أو خاض حروبا. فالعراق يعتبر من أهم المراكز الحضارية في العالم حيث يمتلك كنوزا من مخلفات الحضارات القديمة التي عاشت على أراضيه منذ آلاف السنين قبل الميلاد ولكنه أصبح منذ الاحتلال الأمريكي البلد رقم واحد في العالم في تدمير هذا التراث مما يشكل مفارقة محزنة .
عصابات دولية ويبدو أن عصابات سرقة تهريب الآثار بالعراق لا تستخدم الوسائل التقليدية ، فقد أعلنت وزارة السياحة العراقية أن معتقلين من عصابات تهريب الآثار اعترفوا باستعانتها بالأقمار الاصطناعية وارتباطها بمافيات دولية، فيما تسعى الوزارة إلى تنظيم مؤتمر دولي لتحريم تهريب الآثار وتداولها.
وقال مسئول في وزارة السياحة والآثار :"إن هذه الاعترافات تؤكد تورط دول ومافيات في الجرائم بشكل يتطلب تدخل الأممالمتحدة والمجتمع الدولي". وتعرضت الآثار العراقية بعد الغزو الأمريكي عام 2003 لعمليات نهب للآثار من داخل المتحف، واستمرت بعدها سرقة المواقع الأثرية وتهريبها إلى دول مختلفة.
وأوضح المسئول المطلع على سير التحقيقات مع العصابات التي ألقي القبض عليها أخيراً في مدينتي ذي قار والبصرة وفي حوزتها ما يقرب من 186 قطعة أثرية فريدة، أن "التحقيقات السابقة مع عشرات العصابات والأفراد المتخصصين بنبش المواقع الأثرية وسرقة محتوياتها، لم تكشف معلومات عن امتلاك هذه العصابات المحلية خرائط دقيقة للمواقع مرتبطة بصور الأقمار الاصطناعية".
وتابع أن امتلاك هذه العصابات ومعظم أفرادها من القرويين خرائط أخذت عبر صور للأقمار الاصطناعية التي تعتمد على نظام "جي بي أس" منعطف في هذا الملف الذي لم نستطع حتى الآن إيجاد حل مناسب له، وهذا دليل على اشتراك دول ومافيات عالمية خطيرة لديها القدرة على تسخير الأقمار الاصطناعية في عمليات نهب آثار العراق وبيعها في مزادات عالمية.
وأردف المسئول قائلا :"إن الاعترافات دللت على وجود شخصين أحدهما مقيم في الأردن والآخر في دبي يديران المركز الرئيسي لتهريب الآثار العراقية عن طريق دول الخليج أو تركيا أو سورية أو الأردن، وهما مسئولان عنها وعن إيصالها إلى أسواق في ألمانيا وفرنسا ولندن والسويد".
مؤتمر دولي
وفي السياق نفسه أعلن الناطق باسم وزارة السياحة والآثار حاكم الشمري، أن "سير التحقيقات يقع على عاتق الأجهزة الأمنية المعنية"، لكنه قال إن :"منظومة حماية المواقع الأثرية لا يمكنها إنهاء هذه الجرائم، والسبب يعود إلى أن عدد المواقع المرقمة في عموم البلد أكثر من 41 ألف موقع، اكتشف منها 12 ألفاً فقط، ويبلغ عدد حراس هذه المواقع 1600 حارس فقط، كاشفاً عن مساعي لتعيين 14 ألفاً مطلع العام المقبل".
وأعلن الشمري بدء التحضير لمؤتمر دولي للآثار، وستتم دعوة أكثر من 60 دولة معنية، إما لأنها مناطق لعبور الآثار المهربة أو سماحها لعقد مزادات لبيع هذه الآثار. وأشار إلى أن "العراق عازم على الخروج من هذا المؤتمر بقرار دولي بيع الآثار وتجريم المتعاملين بها".
وعن آخر إحصاء للآثار المسروقة، قال :"إن عدد القطع المستعادة بلغ 4662 من أصل 15 ألف قطعة تمت سرقتها من المتحف العراقي، كما تمت استعادة 117 ألف قطعة غير مرقمة سرقت عبر النبش العشوائي، من أصل مئات الآلاف".
ويعرض المتحف الوطني العراقي حالياً 600 ألف قطعة أثرية تعود إلى العصور الأشورية والبابلية والسومرية والأكدية وحضارات أور والحضر، والعصر الإسلامي.
تورط مسئولين
وكان خبير دولي في المتحف البريطاني كشف عن أن مسئولين عراقيين كباراً يقومون بتهريب الآثار العراقية الي ايران خلال رحلاتهم الرسمية الي هذا البلد.
وأكد الخبير البريطاني أن إيران وتركيا ترفضان إعادة القطع الأثرية العراقية التي ضبطت داخل أراضي البلدين. وشدد علي أن المفاوضات مع دولة الإمارات العربية لإعادة القطع الأثرية العراقية المهربة مازالت متعثرة بسبب انها بحوزة شقيق احد المسئولين حيث سبق أنْ اشتراها من مهربين.
وقال الخبير: ان رجل الأعمال النرويجي مارتن شوبان قد افتتح متحفاً خاصاً يحمل اسمه يعرض فيه 6 آلاف قطعة اثرية مهربة اشتراها بواسطة وسطاء. فيما طالب الخبير السلطات العراقية بإقامة دعوي قضائية علي شوبان تطالبه بإعادة القطع المنهوبة.
وكشف أن هناك عصابات ومجاميع إقليمية تتولي استخراج الآثار العراقية من المواقع وبيعها الي وسطاء في داخل البلاد قبل تهريبها الي الخارج ومن ثم بيعها بأسعار خيالية.
وشدد على أن الإيرانيين كانوا السباقين في الاحتفاظ بالآثار العراقية المهربة منذ الأكدية والسومرية والبابلية منذ العصور القديمة.
وتعرضت الاثار العراقية لتدمير متواصل على مدى العقود الماضية من الزمن حيث جرت عمليات ازالتها تحت ذرائع التحديث فأزيلت مدن اثرية كاملة نتيجة الجهل بكيفية التعامل مع الموروث الثقافي .. وحتى دائرة الاثار العراقية وعندما كانت تريد ترميم اثر فانها تقوم باعادة بنائه بشكل يصبح معه جديدا فيفقد اصالته بشكل يجعل منه محوا متعمدا للذاكرة . مواد متعلقة: 1. "واشنطن بوست": المتعاقدون في الجيش الأمريكي يهربون الآثار العراقية 2. تركيا وايران تتعهدان بمتابعة الآثار العراقية المسروقة 3. هيئة الآثار العراقية تضع خططا لحماية مواقعها