تصدرت المقارانات والتساؤلات حول "الربيع العربي" ومصيره عناوين المقالات العربية اليوم الاثنين، ، واللافت أن الكتاب في مقالات اليوم حرصوا على طرح أفكار جديدة ، وعرض وجهات نظر مختلفة.
فتحت عنوان "أسئلة ما بعد الرئيس" عرض الكاتب غسان شربل في عموده بصحيفة "الحياة" اللندنية، تساؤلات عديدة حول أحوال العرب، وما يمرون به من أزمات، وخاصة بعد "الربيع العربي".
وبدأ الكاتب مقالته موجها حديثه للمواطن، حيث قال: "العربي الذي احتفل بانفجارات الربيع لا يستطيع اليوم حماية نفسه من الاسئلة، لم يقع بعد في الحنين الى ما كان، وهو فظيع، لكنه يشعر بالخوف من اهتزاز الثقة والبوصلة واضطراب من رقصوا منتصرين في الساحات والميادين. اسئلة كثيرة ترافق اوجاع ما بعد الانتصار".
وانطلقت اسئلة شربل من ليبيا منتقلا إلى اليمن ومنها إلى تونس ثم مصر وسوريا واختتم تساؤلاته حول العراق، فقال: "هل كان معمر القذافي هو المشكلة الوحيدة في ليبيا؟ ولماذا لم تنجح الثورة حتى الآن في الإقلاع؟ ولماذا تسمع بعض الليبين يتخوفون من اضطراب طويل واستبداد محتمل ومن تراخي وحدة التراب الليبي؟ وهل صحيح ما قاله بمرارة ليبي من كارهي القذافي ان الديكتاتور يحفظ وحدة البلاد لكنه يقتل شعبها؟".
وتساءل أيضاً: "هل صحيح ان علي عبدالله صالح كان المشكلة الكبيرة والوحيدة؟ وإذا كان كذلك، لماذا لم تنجح الثورة اليمنية حتى الآن في الإقلاع باتجاه الدولة على رغم مغادرته القصر الذي اقام فيه طويلاً؟ هل صحيح ان تونس كانت جاهزة لاعتناق ديموقراطية فعلية وأن ما كان يؤخرها هو استيلاء رجل امن متسلط على القصر ونجاحه في تمديد اقامته؟ واذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا تعيش تونس حالياً كل تلك التمزقات على رغم الانتخابات؟".
وبالوصول إلى مصر فقال: "هل صحيح ان حسني مبارك كان المشكلة الكبرى والوحيدة؟ وإذا كان كذلك، فلماذا يسود الاعتقاد بأن سفينة مصر ما بعد مبارك لم تقلع بعد ولماذا ينعقد فوق القاهرة هذا الضباب الكثيف ويتدفق في شوارعها نهر من الاسئلة والشكوك والمخاوف؟ هل تكفي نتائج الانتخابات ليتمكن الفائز فيها من قيادة مصر؟ وهل يمكن اعتبار الانتصار في الانتخابات تفويضاً كافياً لتغيير الدولة والمجتمع؟ ولماذا سارع بعض المشاركين في الثورة الى رفع الصوت ضد العهد الجديد ووصلوا الى حد اتهامه بالسعي الى السيطرة على القضاء والإعلام تمهيداً لتعطيل مبدأ تداول السلطة؟".
وواصل الكاتب تساؤلاته: "هل صحيح ان وجود بشار الاسد في الحكم هو العقبة الكبرى والوحيدة؟ وهل يمكن استنتاج ان مجرد إزاحته سيعني ان سورية ستغرق في حرير الديموقراطية والتعايش النموذجي بين المكونات؟ وهل صحيح ان القوى المعارضة تستطيع الالتفاف حول برنامج انقاذي يتساوى فيه السوريون بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية؟ هل صحيح ان صدام حسين كان العقبة الكبرى والوحيدة؟ ولماذا بعد عقد من اقتلاع نظامه نرى العراق غارقاً في العنف والفساد والتنازع بين المكونات؟".
وبعد ما طرحه من تساؤلات للجميع، أكد الكاتب غسان شربل قائلا: " لا يمكن الدفاع عن الاوضاع التي كانت قائمة في البلدان التي ضربها "الربيع العربي"، ولست معنياً بأي مهمة من هذا النوع، لكنني اعتقد ان من حق من احتفى بالتغيير ان يطرح الاسئلة عن حقيقة برامج القوى التي ازاحت الرئيس او المستبد وعلاقتها بفكرة الدولة والديموقراطية والتنمية والعصر الحاضر، لا تكفي ازاحة الرئيس اذا كانت القوى التي ازاحته لا تملك غير عقاقير وأفكار قديمة تجاوزها العالم وانتهت مدة صلاحيتها، فكل شيء يوحي بأن المراحل الانتقالية في هذه الدولة او تلك ستكون مثقلة بالخيبات والآلام".
وبعد ما رأيناه من تساؤلات أشغلت بال كل من قرأها، ننتقل إلى عمود آخر بقلم الكاتب ورئيس تحرير جريدة "القدس العربي" عبد الباري عطوان تحت عنوان "انقذوا مصر قبل فوات الأوان" ، وقد تحلى هذا المقال بروح المقارنة، فقد استغلها الكاتب لوضع يده على نقاط الضعف التي تعاني منها مصر، موجها دعوة عبر مقاله للرئيس المصري محمد مرسي إلى تجميد إعلانه الدستوري والدخول في الحوار.
فبدأ الكاتب عطوان مقالته بما قال الرئيس اليمني السابق وما يفعله الرئيس المصري الآن، فقال: "الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح قال ان حكم اليمن مثل الرقص فوق رؤوس ثعابين سامة، وقبله قال الشاعر اليمني الكبيرعبد الله البردوني ركوب الليث ولا حكم اليمن، اليوم يكتشف الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي ان حكم اليمن يعتبر نزهة بالمقارنة مع حكم مصر، ليس لأن عدد سكان مصر اربعة اضعاف عدد نظرائهم اليمنيين، وانما بسبب الاعتبارات الدولية المحلية والاقليمية والدولية المتداخلة والمعقدة، التي تتصادم على الاراضي المصرية".
وأضاف الكاتب: "الثعابين لدغت الرئيس اليمني، وكانت لدغة قاتلة اطاحت به ولو الى حين، ولكن خلو مصر منها لمصلحة القوة المدنية الناعمة، ربما يكون اكثر خطورة، وعلينا ان نتذكر ان الرئيس اليمني صمد لما يقرب من العام ونصف العام، قبل ان يسقط لكن القوة المصرية الناعمة اطاحت بالرئيس مبارك في اقل من عشرين يوما، مع تسليمنا بأن المقارنة بين التجربتين ليست في محلها تماما".
أكد الكاتب قائلا: "مصر الآن تعيش حالة من الغليان، يريد البعض لها ان تتحول الى صدامات دموية، وربما الى حرب اهلية، تشفي غليل المتربّصين بالثورة المصرية، داخل مصر وخارجها ، الذين يدعمون تحريضهم ضدها برصد مئات الملايين، ان لم يكن عشرات المليارات، للاطاحة بها، واجهاض انجازها الديمقراطي، لمعرفتهم الأكيدة ان نجاحها، وترسّخها، يعني وصولها الى مضاربهم والاطاحة بأنظمتهم".
وفي ختام مقالته قال الكاتب عبد الباري عطول: "نتمنى من الرئيس مرسي تجميد إعلانه الدستوري والدخول في حوار مع القوى الوطنية بشأن اصلاح جذري للقضاء".
وأضاف: "بقي ان نقول اننا لا نفهم كل هذه الانقسامات بشأن وضع الدستور، والوصول الى اتفاق وسط حول نقاطه الخلافية، وبما يحفظ استقرار البلاد وأمنها وتوحيد صفوفها، فإذا كانت حركة الاخوان تعتقد انها تستطيع حكم البلاد لوحدها، ووفق شروطها ورؤيتها، فهي مخطئة، لأن هناك مجتمعا مدنيا قويا في مصر لا يمكن تجاهله او القفز فوقه بمجرد جرة قلم".
وأكد: "مصر تحتاج الى التوافق والتعايش والاحتكام الى صناديق الاقتراع والاستماع الى الشعب المصري، الذي هو صاحب كل السلطات، ومن المؤسف ان هناك من يحاول تجاهل هذه الحقائق في ذروة الصراع على كرسي السلطة".
وحول الربيع العربي أيضاً وتحت عنوان "عيون وآذان (قال ربيع قال)" تحرك قلم الكاتب جهاد الخازن بجريدة "الحياة" اللندنية، قائلا: "يذكرني الربيع العربي بدول المعسكر الاشتراكي الراحل غير المأسوف عليه، فكل منها حملت صفة "ديموقراطية" وهي قطعاً ليست ديموقراطية إلا بمقدار ما كانت ليبيا معمر القذافي "عظمى"".
وأضاف الخازن قائلا: "الثورات العربية بدأت في الخريف وتوقفت في الشتاء، والزعم أن نتائجها "ربيع" كذبة من مستوى "ديموقراطية" الدول السوفياتية أو "عظمى" ليبيا القذافي".
وقد اختار الكاتب اليوم أمثلة من دول يعرفها قبل ثلاثة أرباع أهلها، ويعرف نظام الحكم فيها والحكام والشعب كله.
وقال الكاتب: "أبدأ بمصر لأنها أكبر دولة عربية وحجر الزاوية في بناء المستقبل الموعود، ومن دون كلمة واحدة مدحاً أو ذماً في نظام حسني مبارك، أقول إن "الإخوان المسلمين" استأثروا بالثورة "لا أقول سرقوها" مع أن أبطالها الأصليين معروفون، وهم أقاموا نظاماً سوفياتياً باسم آخر، فبدل الحزب الشيوعي هناك حزب العدالة والحرية، وكلاهما يمثل نظام الحزب الواحد، ولا يقبل أي معارضة أو إختلاف في الرأي".
وأكد الكاتب: "أتوقع ألا يقبل المصريون هذا الانقلاب على الثورة، ولا أستبعد ثورة مضادة قبل صدور دستور ديني، تصحح المسار نحو ديموقراطية حقيقية، بدل حكم حزب ديني يؤيده حزب ديني أكثر تشدداً أراه متخلفاً دينياً وإنسانياً واجتماعياً. وأنا هنا أتحدث تحديداً عن السلفيين المصريين ولا أحد آخر، وحزب النور هو أيضاً من نوع تسمية الأشياء بضدها، فهو حزب ظلامي".
وانتقل الكاتب إلى الكويت وقال: "ومن مصر الى الكويت، ودرس الديموقراطية مرة أخرى، فهي إذا لم تكن سلطات تراقب إحداها الأخرى، فهي "رجل واحد (أو إمرأة) صوت واحد" ولا أعرف تعريفاً آخر للديموقراطية ولا أقبله".
ولفت الكاتب إلى أن المعارضة في الكويت ترفض الصوت الواحد وتفضل أربعة أصوات، أي تبادل مصالح بين مجموعات انتخابية تقدِّم مصالحها الشخصية وولاءها القبلي على الدولة لتزوير إرادة الشعب.
وأكد الخازن: "مرة أخرى أقول إن صدّام حسين راح ولن يعود، وحدود الكويت غير مهددة، وهناك مساحة حرية واسعة ودخل نفطي عالٍ يكفي الشعب أو يزيد. لا بلد عربياً على الإطلاق أفضل حظاً أو أحسن وضعاً من الكويت، وكل مَنْ يقول غير هذا كذاب ومسيلمة".
واختتم الكاتب مقاله بحزب الله في لبنان، فقال: "وأختتم بحزب الله في لبنان فهو عدو الديموقراطية بمقدار ما هو عدو اسرائيل، ويحاول فرض رأيه على الجميع، وقد أيدته دائماً ولا أزال أؤيده ضد اسرائيل، وعندما أعترضُ على موقف فالسبب أن لي رأياً مختلفاً لا أكثر ولا أقل".
وقال: "رأيي اليوم أن على السيد حسن نصرالله أن يبحث عن موضع حزب الله بعد رحيل النظام السوري، فهو راحل، والإنكار يؤذي مستقبل الحزب". مواد متعلقة: 1. الربيع العربي يختفي وسط الشتاء الإسلامي في مصر 2. وزير لبناني: الربيع العربي تحول إلى شتاء جليدي وهبوط إلى الأعماق 3. كتّاب عرب : مرسي أنهي الربيع العربي ونجل شارون يدعو لتدمير غزة