قدم رئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل خطة عمل الحكومة إلى رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي خلال اجتماع عقد صباح اليوم بمقر رئاسة الجمهورية بقصر الاتحادية بحي مصر الجديدة بالقاهرة ضم كافة الوزراء، حيث استهل رئيس الوزراء بيانه بتقديم التحية إلى شهداء ثورة 25 يناير المجيدة وإرادة الشعب المصري الذي قام بهذه الثورة، ثم استعرض ملامح الخطة بأجزائها الثلاثة المترابطة: - الخطة قصيرة المدى: 2012 - 2014 مرحلة الانتعاش الاجتماعي.
- الخطة متوسطة المدى: 2012 - 2017 مرحلة تعزيز البناء الاقتصادي.
- الخطة طويلة المدى : 2017 - 2022 مرحلة التقدم والانطلاق. وتهدف الخطة إلى جعل مصر دولة حرة مدنية ديمقراطية، رائدة إقليميا ومؤثرة عالميا، ذات اقتصاد وطني مستقل، يتمتع فيها كافة المواطنون بالكرامة الإنسانية وبرغد العيش دون تمييز، في إطار مجتمع متمسك بهويته الوطنية وموروثة الثقافي وقيمه الدينية والحضارية، ويسوده العدل واحترام حقوق الإنسان، من خلال مجموعة من الأهداف الرئيسية في مقدمتها استكمال تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وبناء الإنسان المصري ، وبناء الاقتصاد، وتحقيق عدالة اجتماعية شاملة ، وتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة.
ولتحقيق هذه الرؤية الطموحة، تركز خطة الحكومة على فلسفة اقتصادية واجتماعية مغايرة لتلك التي كانت سائدة قبل الثورة، فلسفة مفادها أن العدالة الاجتماعية قوة دافعة للنمو الاقتصادي، وليست مجرد تابع لذلك النمو.
عكف على إعداد هذه الخطة على مدى ثلاثة أشهر مجموعة من الخبراء والمتخصصين والمسئولين، حيث حرصت الحكومة على تقييم كافة الخطط وبرامج العمل الحالية لاستيعابها ضمن إطار أشمل يضمن ترجمة أهداف الثورة إلى خطط وبرامج تتفاعل مع القضايا الضاغطة وتؤسس لانطلاقة تنموية شاملة، واستعانت في ذلك بتوصيات ودراسات قيمة أعدتها المجالس القومية والمتخصصة وجامعات ومراكز أبحاث متميزة وتقارير لمنظمات دولية، بالإضافة إلى نتائج الزيارات الميدانية للسيد رئيس مجلس الوزراء، واسترشدت بنتائج الحوارات المجتمعية التي دارت منذ قيام الثورة.
وقد راعت الحكومة في إعداد خطتها طبيعة وظروف الوضع الراهن، والإلمام بالفرص والإمكانات التي تمتلكها مصر، وفى مقدمتها عبقرية المكان والإمكانات البشرية الهائلة والثروات الطبيعية، والإدراك الجيد للتحديات المتعددة التي تواجه الحكومة، ومنها انتشار الفساد المالي والإداري، وغياب العدالة الاجتماعية، فمثلاً لا يستفيد أصحاب الدخول الدنيا إلا ب10% من دعم الطاقة الذي بلغ 117 مليار جنيه، وارتفاع معدلات البطالة إلى 13% والفقر إلى 25% وارتفاع نسبة الأمية، وارتفاع عجز الموازنة الذي وصل في نهاية يونيو 2012 إلى 168 مليار جنيه، وهى أرقام جد خطيرة، وانخفاض معدلات الادخار والاستثمار، وانخفاض معدل النمو الاقتصادي، مع تواضع الخدمات الأساسية في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، فلا يعقل ألا تمثل مخصصات التعليم إلا 55% فقط من دعم الموارد البترولية ومخصصات الصحة 11% منها، وانتشار الزحف العمراني وتآكل الأراضي الزراعية، بخلاف التحديات الأمنية والتحديات التي تفرضها الأزمة الاقتصادية الطاحنة في الدول الأوروبية المجاورة، كل ذلك مع ارتفاع سقف الطموحات وازدياد حدة المطالب الفئوية وما تستلزمه من موارد مالية غير متوفرة.
الخطط القطاعية: يأتي على قمة الخطط القطاعية وبرامج العمل التي شملتها خطة الحكومة قصيرة المدى التي تمتد خلال الفترة من 2012-2014، برنامج اقتصادي طموح يوازن بين "التشغيل والعدالة الاجتماعية" و"تحقيق النمو الاقتصادي"، ويدفع معدل النمو الاقتصادي من 2.2% عام 2011 /2012 إلى 3.5 % عام 2012/2013، ثم 4.5% عام 2013/2014، بما يحقق تنمية مستدامة تُمَكّن من الوصول بمعدلات نمو تبلغ 7% في المتوسط حتى عام 2022، وتوفير فرص عمل لا تقل عن 800 ألف فرصة عمل قبل نهاية العام المالي الجاري لخفض نسب البطالة، وزيادة معدلات الإنتاج، وذلك من خلال تعظيم الاستثمارات المحلية والأجنبية لتبلغ 167 مليار جنيه مصري تساهم الحكومة فيها بحوالي 100 مليار جنيه.
وإقامة مجموعة من المشروعات الكبرى في منطقة القناة وسيناءوالوادي الجديد والصعيد وغيرها من المناطق، وإشراك القطاع الخاص في تنفيذ برامج ومشروعات الحكومة فيما يعرف بنظام «ذذذ» والجاري إعداد مشروعات لطرحها قريباً، ودعم سوق المال، وإعداد خريطة استثمارية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإعداد مجموعة من مشروعات القوانين لتوفير بيئة تشريعية تدعم التنمية، وإقامة شراكة مع المجتمع المدني، والاستفادة من علاقات مصر الخارجية والاتفاقيات الموقعة مع شركاء التنمية لدعم الاقتصاد المصري.
ويرتبط بذلك برنامج وطني متكامل للإصلاح المالي يعالج المشاكل الهيكلية للموازنة العامة للدولة، وسد منابع الفساد من خلال مجموعة من الإجراءات التي توفر 20 مليار جنيه، واتخاذ إجراءات جادة لتقليل الإنفاق الحكومي، وترشيد الدعم، وإدخال إصلاحات ضريبية، وتبنى مفهوم الضريبة التصاعدية وتوسيع المجتمع الضريبي وتوزيع العبء على أكبر عدد من القطاعات والدخول تحقيقاً للعدالة الضريبية ودون إحداث تأثيرات سلبية على النشاط الاقتصادي واستحداث أدوات مالية جديدة.
وسَيُمكّن برنامج الإصلاح المالي من إعادة توجيه الموارد نحو الاستثمار والتنمية البشرية ودعم برامج العدالة الاجتماعية، حيث سيتم إعادة توجيه 8 -10 مليار جنيه من الوفورات التي سيحققها الإصلاح المالي لزيادة مخصصات البرامج الاجتماعية في قطاعات التعليم والصحة والزراعة.
منظومة الدعم الجديدة وتهدف منظومة الدعم الجديدة في خطة الحكومة إلى مساعدة غير القادرين على الخروج من دائرة الفقر وتوفير احتياجاتهم الأساسية ورفع كفاءة الدعم ليصل إلى مستحقيه، وحماية الطبقتين المتوسطة والفقيرة، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات العملية من بينها: علاج خلل منظومة الخبز والقضاء على التشوهات السعرية وضمان حصول المستهلك على رغيف خبز بلدي مطابق للمواصفات بالسعر المدعوم، وإصلاح منظومة توزيع البوتاجاز، وزيادة أسعار الغاز للصناعات كثيفة استخدام الطاقة، ورفع الدعم عن بنزين 95، وتوزيع البنزين والسولار من خلال نظام البطاقات الذكية المتوقع الانتهاء منه خلال 5 -6 أشهر، ودعم كميات محددة لاستهلاك البنزين والسولار بالسعر الحالي، وتخفيض الدعم عن الكميات الأعلى.
ويشمل "برامج العدالة الاجتماعية" بالخطة التوسع في تقديم الدعم للفئات الأولى بالرعاية، وتوسيع نطاق المستفيدين من معاش الضمان الاجتماعي، والاهتمام بالقرى الأكثر فقراً، وتشكيل لجنة وزارية للتنمية الاجتماعية.
ومع الحرص على استمرار برامج الدعم والعدالة الاجتماعية، التزمت خطة الحكومة بإصلاح هيكل الأجور والتطبيق الصارم للحدين الأدنى والأقصى، وتبنى حزمة إجراءات لمواجهة ارتفاع الأسعار.
النمو الاقتصادي: وإدراكاً لأهمية المجتمع الزراعي لدعم النمو الاقتصادي، فستواصل الدولة في خطتها تقديم الدعم إلى المزارعين، ودعم فروض أسعار الفائدة لقروض الإنتاج الزراعي، ودعم زراعة القطن بشكل خاص، وتوفير بيئة معيشية جيدة للمزارعين، وتأمين وصول مياه الشرب النظيفة وشبكات الصرف الصحي الآمن للقرى، ودعم برامج التنمية في المناطق الريفية والشعبية والمناطق النائية بمختلف المحافظات.
التنمية المحلية كما تولى الخطة اهتماماً بالتنمية المحلية بهدف إحداث نقلة نوعية وتوازن سكاني واقتصادي واجتماعي على الحيز المكاني، من خلال إعادة تطوير المدن وتطوير المناطق العشوائية والارتقاء بالخدمات العامة، وتنمية المناطق الصحراوية والمحافظات الحدودية، وإنشاء سلسلة من المدن والقرى الجديدة حول الدلتا والوادي لتخفيف الكثافة السكانية، وتفعيل اللامركزية المحلية والمشاركة الشعبية على مستوى المحليات.
التضخم السكاني وتتضمن برامج معالجة مشكلات التضخم السكاني دعم برامج الإسكان الشعبي، وتوفير قروض ميسرة واعتمادات لدعم برامج الإسكان الاقتصادي بإنشاء مليون وحدة سكنية تستوعب 5ر4 مليون فرد من محدودي الدخل، وتحسين جودة المواصلات العامة والانتهاء من خطوط مترو الأنفاق، وتوفير الخدمات الأساسية بالمدن الجديدة قبل انتقال السكان إليها.
تنمية سيناء ويجئ في نفس الإطار مخطط متكامل لتنمية سيناء من خلال اعتمادات المالية تدرج في موازنة العام المالي 2012/2013 بمقدار مليار جنيه، وتوطين ما يقرب من 1.5 مليون مواطن بسيناء، ومخطط لتنمية الوادي الجديد، وجنوب الوادي، بالإضافة إلى تحقيق التنمية المتكاملة شرق بورسعيد.
الرعاية الصحية وتشمل برامج الارتقاء بالرعاية الصحية، زيادة مخصصات قطاع الصحة وتحسين الخدمات الصحية، ودعم برامج العلاج على نفقة الدولة، ودعم التأمين الصحي للأطفال والمرأة المعيلة وألبان الأطفال، مع الاهتمام ببرامج الأمومة والطفولة.
محو الأمية تتضمن الخطة إعداد برامج لمحو الأمية في إطار زمني محدد ومعلن، والاهتمام بالتعليم الأساسي، ومنع التسرب من التعليم، والاهتمام بتعليم الإناث، ويرتبط بذلك برامج لزيادة الوعي والنهوض بمنظومة القيم المجتمعية، ونشر الثقافة العامة، وتنشيط دور قصور الثقافة والوصول بأنشطتها للقرى والمناطق الشعبية، وبرامج لاستثمار طاقة الشباب وتطوير مراكز الشباب ورعاية الموهوبين.
ثقافة المنتديات كما تولى خطة الحكومة اهتماما بتشجيع الابتكار والاختراعات ونشر ثقافة المنتديات العلمية بين الشباب وصغار السن، والاستفادة من الأبحاث العلمية في زيادة الإنتاجية وتطوير التعليم والزراعة والصناعة ومشروعات الطاقة ويرتبط بتوفير الحياة الكريمة توفير ظروف أمنية مناسبة، تضمن سلامة المواطن وأمنه وأمن أبنائه وممتلكاته العامة والخاصة وأمن الأجيال القادمة، من خلال سياسات وخطط لتطهير البؤر الإرهابية والتصدي لظاهرة البلطجة وقطع الطرق وضبط الهاربين ومكافحة الجريمة ومكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات والمواد البترولية.
السياسة الخارجية وتتبنى الخطة سياسة خارجية نشطة قائمة على أسس الندية والشراكة وتحقيق المصالح الوطنية، تستعيد لمصر مكانتها الإقليمية والدولية، وتسعى للتوصل إلى تفاهمات مع دول حوض النيل تحقق طموحات شعوب تلك الدولة وحقها في التنمية، وبما لا يؤثر على الموارد المائية القائمة لمصر ولا يشكل تهديدا لأمنها المائي، وتوظف علاقات مصر الخارجية لتحقيق الأهداف الاقتصادية الوطنية من خلال جذب الاستثمارات وفتح أسواق خارجية للصادرات وتشجيع السياحة، والاستفادة من التجارب الآسيوية الرائدة في التنمية الاقتصادية والبشرية، وتعزيز علاقات مصر مع الاقتصاديات البازغة والتجمعات الاقتصادية الإقليمية. كما وتولى اهتماما بأوضاع المصريين في الخارج وترعى مصالح أبناء مصر المغتربين.
ضمانات الخطة ولضمان تحقيق أهداف الخطة، فإن الحكومة ستعمل على توفير مناخ سياسي مستقر يُمَكّن الحكومة من أداء عملها، من خلال الالتزام بالديمقراطية، والتطبيق الحاسم لمبادئ الحكم الرشيد، وحماية حقوق الإنسان، وحرية الرأي، والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وسيادة القانون، وتعزيز مشاركة المجتمع المدني في الحياة السياسية.
وتتمثل أهم ملامح الخطة متوسطة المدى التي تمتد خلال الفترة من 2014 : 2017 في: إرساء قواعد بناء اقتصاد المعرفة والتحول التدريجي لمجتمع ابتكاري معرفي، والإدارة الرشيدة لاستخدامات الأراضي والموارد المائية والموارد الناضبة، وتضييق الفجوة الاجتماعية.
وتتمثل الرؤية التنموية للخطة طويلة المدى التي تمتد خلال الفترة من 2017 -2022 في الانتقال إلى اقتصاد المعرفة، واستدامة الميزة التنافسية، وتعميق درجة الاندماج في الاقتصاد العالمي، وتحول البنية الإنتاجية من الأنشطة الأولية «الزراعة – التعدين» والأنشطة الثانوية «الصناعة» إلى القطاع الثالث «الخدمات عالية التقنية»، واتساع خطط التنمية لتشمل كافة المناطق والأقاليم بصورة متوازنة. مواد متعلقة: 1. الثلاثاء.. قنديل يُقدم خطة الحكومة للرئيس مرسي 2. هشام قنديل ل"محيط": اقترب أتيلية "الحلم العربي" (فيديو) 3. «السادات»: حكومة قنديل تعاني «التخبط»