وفقا للإستراتيجيات الإسرائيلية المعروفة لتزويرتاريخ القضية الفلسطينية وإستمرارا للمكر الصهيونى المتواصل ، أطلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية منذ شهر تقريبا حملة دعائية جديدة باسم "انا لاجىء يهودي" . وهى الحملة التى ظهر فيها الحلم الإسرائيلي بالانقضاض على الحقوق الفلسطينية وحق عودتهم بالمساواه بينهم وبين يهود الدول العربية، الذين هاجروا إلى فلسطين بتشجيع من الوكالة اليهودية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
ظلم تاريخي
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية إلى أن المبادر لهذه الحملة هو نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون، الذي يدعي أنه هو نفسه "ابن لأب جزائري طُرد من الجزائر، ويريد تصحيح هذا الظلم التاريخي"، وحسم القضية عبر تحديد تعويضات لأولئك "اللاجئين" وأبناء عائلاتهم.
وأدعى أيالون أنه تم طرد 865 ألف يهودي من الدول العربية، ويقول: "أُجبروا على مغادرة بلدانهم معدمين ووصلوا إلى إسرائيل لاجئين، إلا أن قصة لجوئهم هذه لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، ولا حتى من جانب إسرائيل حتى اليوم".
واشارت الصحيفة إلى وجود قرار سياسي اسرائيلي مصدره رئاسة الوزراء بنيامين نتنياهو، ينص على لزوم ان تكون مشكلة اللاجئين اليهود من الدول العربية من الان فصاعدا قضية اساسية في المفاوضات حول الحل الدائم مع الفلسطينيين.
ومن دون حل هذه القضية، فان القرار الاسرائيلي هو عدم الموافقة على اعلان انهاء الصراع، كما جاء في الوثيقة الرسمية الاسرائيلية، التي قام باعدادها مجلس الامن القومي الاسرائيلي قبل اكثر من عام، بأمر من رئيس الوزراء نتنياهو.
وتتضمن توصيات بشأن كيفية تعامل اسرائيل مع قضية "اللاجئين اليهود"، وفي مقدمة هذه التوصيات ادراج التعويضات لليهود الذين هاجروا من الدول العربية الى اسرائيل، كبند على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، بل وجعل هذا البند جزءا لا يتجزأ من التفاوض حول قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وتشتمل الوثيقة على تعريف قانوني لمصطلح لاجئ يهودي من الدول العربية، مشيرة الى انه ينطبق، بحسب القانون الدولي، على اليهود الذين تركوا بيوتهم في الدول العربية وهاجروا الى اسرائيل. اما عدد هؤلاء اللاجئين، فقد جرى احتسابه انطلاقا من تاريخ قرار التقسيم الصادر عن الاممالمتحدة في نوفمبر 1947 وانتهاء بعام 1968.
وحسب هذا المعيار، فقد احصت الوثيقة 800 الف لاجئ يهودي، في مقابل 600 الى 700 الف لاجئ فلسطيني خلال هذه الفترة، وقال ايالون في هذا السياق، ان من سماهم باللاجئين اليهود كانوا يعيشون بأمن وسلام واخلاص في الدول العربية، وعلى الرغم من ذلك تم طردهم، في حين ان اللاجئين الفلسطينيين، على حد قوله، لم يحملوا جوازات السفر، كما انهم قاموا بمحاربة اليهود خلال ما سماها بحرب التحرير في العام 1948، وهي المعروفة فلسطينيا بالنكبة.
ةقد اوصت الوثيقة التي حملت عنوان "خلاصة العمل الاركاني واقتراح الموقف الاسرائيلي في المفاوضات مع الفلسطينيين في موضوع اللاجئين اليهود" بضرورة تكريس مصطلح اللجوء المزدوج في المفردات الدولية المستخدمة.
ورأت ان هناك مصلحة اسرائيلية في تأسيس رابط بين مأساة اللاجئين اليهود وقضية اللاجئين الفلسطينيين، مشددة على ضرورة طرح المسالتين ككتلة واحدة في المفاوضات حول اللاجئين في اطار الحل الدائم، كذلك اوصت الوثيقة بألا تكتفي الدولة العبرية بالمطالبة بتعويضات شخصية للاجئين اليهود من اصل عربي، بل ان تطالب بتعويض لدولة اسرائيل، التي انفقت موارد في سبيل استيعابهم خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
قيمة الممتلكات
ودعت الوثيقة ايضا، كما افادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى أن تكون نسبة المطالبة بالتعويضات 2 الى 3 لمصلحة اللاجئين اليهود، ليس فقط بسبب عددهم، بل ايضا في ضوء وضعهم الاقتصادي الافضل ابان تلك الفترة، على حد قول الوثيقة الاسرائيلية الرسمية.
وبحسب الوثيقة، فإن قيمة الممتلكات التي خسرها اللاجئون الفلسطينيون في تلك الفترة تصل الى ما يقارب 450 مليون دولار، وهو مبلغ تقدر قيمته الحالية بنحو 3.9 مليار دولار.
اما "اللاجئون اليهود"، فقد خسروا ما قيمته 700 مليون دولار، اي نحو 6 مليارات دولار، وفقا للقيمة الراهنة. وقال مراسل الشؤون السياسية في الصحيفة، باراك رافيد، ان وزارة الخارجية الاسرائيلية اوعزت لممثلياتها في الخارج باثارة هذا الموضوع في انشطتها السياسية وتشجيع الجاليات اليهودية المحلية على الانشغال بها ايضا. ولفت المراسل الى ان الحملة الجديدة تتعارض والرواية الاسرائيلية الرسمية على مدار عشرات السنين، القائلة ان يهود الدول العربية هاجروا الى اسرائيل طواعية لدوافع ايديولوجية صهيونية.
وضمن حملة "انا لاجئ يهودي" التي اطلقتها وزارة الخارجية الاسرائيلية في الايام الاخيرة على صفحات التواصل الاجتماعي ال "فيسبوك" وموقع "يوتيوب"، فقد تم بث اشرطة مصورة عن اللاجئين اليهود ومعاناتهم في بلادهم الاصلية.
جدير بالذكر ان هذا الشرط الاسرائيلي الجديد ينضاف الى الشرط الذي كان نتنياهو قد وضعه والقاضي باعتراف الفلسطينيين بان اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي.
تنديد واستنفار
وفي المقابل، حذرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من حملة "أنا لاجئ يهودي" ، وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق إن هذه السياسة الإسرائيلية مكشوفة للجميع، وإن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم التي تم تهجيرهم منها، حق ثابت لا مراوغة ولا مساس فيه.
وبدورها، شددت وزارة الخارجية فى حكومة غزة على ضرورة التصدي للحملة التى وصفتها بأنها "كاذبة ومضللة تهدف لتسويق الأكاذيب الإسرائيلية بأن يهود الدول العربية هجروا من بلدانهم وجاءوا إلى إسرائيل لاجئين"، داعية إلى تضافر الجهود لصدها وفضح نواياها أمام المجتمع الدولي بأسره.
وأكدت خارجية غزة تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه التي هجر منها قسرا وتصميمه على حق العودة وأن مثل هذه الحملات الزائفة لن تنال من إرادته، موضحة أن هذه الحملة تهدف إلى الالتفاف على قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإقناع العالم بأن من قتل الفلسطيني وشرده واغتصب أرضه هو أيضا لاجئ مهجر، في محاولة بائسة لقلب الحقائق ومساواة الجاني بالضحية.
كما نددت الجمعية الأردنية للعودة واللاجئين "عائدون" باختلاق إسرائيل لمسمى "اللاجئين اليهود" في محاولة لتزييف التاريخ والالتفاف على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.
وقالت الجمعية في بيان لها "إن قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين لا يمكن مقايضتها بأي شيء مهما كان".
وتابعت: "ليعلم قادة إسرائيل أن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي أخرجوا منها قسرا هي القضية المركزية لأي حل أو اتفاق ولا يمكن حل النزاع دون أن تكون مسألة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي أخرجوا منها على رأس القضايا".
وأكدت الجمعية رفضها التطرق لهذا الموضوع شكلا وموضوعا لأنه من حيث المبدأ لا يوجد ما يسمى "اللاجئين اليهود" ولا يوجد من اليهود من ينطبق عليه وصف لاجئ وفقا للقوانين والمواثيق الدولية.
وشددت على إن ما يسمى ب"اللاجئين اليهود" ليس موجودا بهذا المفهوم أبدا غير معروف بهذا الوصف ولا يوجد في القاموس السياسي أو الاتفاقيات الدولية شيء متعلق بهذا المصطلح على الإطلاق.
وقالت الجمعية "إن الذين هجروا من ديارهم بفعل دولة احتلال هم اللاجئين الفلسطينيين الذين تعرضوا لأسوأ أنواع الظلم الجماعي في التاريخ مما أدى لتهجيرهم من وطنهم فلسطين وإحلال شعب غاصب معتد في بيوتهم وأراضيهم". مواد متعلقة: 1. مشروع قانون إسرائيلي يطالب بإعادة أملاك "اللاجئين اليهود" 2. "الجمعية الأردنية للعودة" تندد باختلاق إسرائيل لمسمى"اللاجئين اليهود" 3. وثيقة رسمية اسرائيلية: لا سلام مع الفلسطينيين من دون اعترافهم بحقوق اللاجئين اليهود