حذر علماء آثار من تكرار كارثة نهب الآثار العراقية في مدينة حلب السورية نتيجة ما تتعرض له على يد النظام الحاكم، وأوضح دكتور حمدان طه مدير عام الآثار والتراث الثقافي في فلسطين أن الأنظمة الاستبدادية في الدول العربية تعاملت مع الآثار والممتلكات الثقافية باعتبارها ملك للنظام وليس تراثاً للأمة، مضيفاً أنه دون التقليل من دور القوات المحتلة في نهب تراث العراق، إلا ان أهل العراق أيضاً نهبوا الآثار لتصبح أسعارها أقل من التبغ الآن!. جاء ذلك خلال مؤتمر عقدته المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" في القاهرة بالتعاون مع وزارة الآثار وجامعة القاهرة، شارك فيه خبراء من سوريا، الأردن، فلسطين، تونس، السعودية.
كذلك حذر طه من مخاطر تدمير الكنوز الأثرية في سورية، بما فيها من آثار آرامية ويونانية ورومانية وإسلامية، وطالب المنظمات الدولية المعنية حماية الآثار السورية بما فيها من قلاع صليبية ومساجد وكنائس قديمة وآثار يونانية ورومانية نادرة، فضلاً عن الإهمال الحكومي لعشرات المتاحف المليئة بالآثار.
وأوضح الأثري أن هناك علاقة بين الديمقراطية والتراث الثقافي لأن الديمقراطيات تخلق وعياً أكبر بأهمية التراث الثقافي للشعوب، فبعد انهيار المعسكر السوفيتي لم ينتج عنه تدمير التراث الثقافي أو نهب المتاحف، فالمبادئ العامة وحدها أو القوانين لا تستطيع الحفاظ على التراث بل من يستطع حقاً هم الشعوب.
أشار طه إلى أن عام 2011 شهد الخلاص من بعض الأنظمة الاستبدادية وانتقال الشعوب إلى عصر الحريات، الأمر الذي صاحبه بعض الظواهر السلبية حيث رافق ثورات الشعوب موجات من عمليات التدمير، وظهرت وسائل الإتجار غير المشروع في المتلكات الثقافية والآثار وتهريبها للخارج، لافتاً إلى أن التراث الثقافي أصبح مهدداً باعتباره ثروة رئيسة للأمم العربية، ومن هنا تأتي أهمية الاجتماع الطارئ الذي دعت إليه منظمة الايسيسكو لدراسة حماية التراث الحضاري في مدينة حلب السورية، استجابة للتحديات التي تشهدها سوريا والحرائق التي اندلعت منذ أيام في قلب المدينة التاريخية بحلب المسجلة على لائحة التراث العالمي باليونسكو.
ولفت الأثري إلى ان التدمير طال المدن التاريخية في سوريا التي أصبحت تشهد تنقيبات غير قانونية، ووقف بها العمل الأثري، مشيراً إلى ضرورة تسجيل الآثار وتوثيق الممتلكات الثقافية في السجلات وقت السلم ليتمكن الأثريون من الحفاظ عليها أثناء الحرب والأزمات.
عرج طه على الاتفاقيات الدولية التي نصت على ضرورة أن تتخذ القوات العسكرية المحاربة كافة التدابير لضمان عدم المساس بدور العبادة واماكن الفنون والتراث، وهو بالطبع ما لا يحدث حال نشوب الحرب.
ثمن طه كذلك دور المجتمع المحلي في الدفاع عن هويته الثقافية، وضرب مثال بمتحف بيروت أثناء الحرب الأهلية في حفظ الممتلكات، وكذلك بتجربة مصر أثناء الثورة حين شكل الشباب سياج بشري حول المتحف المصري. ولفت الأثري إلى أن خبراء الآثار لا يمكنهم وقف الحروب لكن يمكنهم مواجهة آثارها المدمرة وتقديم المعونة الفنية للحفاظ على التراث الثقافي بما يجعل استمرار عمليات التدمير أمر غير مقبول.
من جانبه أكد دكتور فتحي البحري ممثل تونس في المجلس العالمي للتراث الإنساني، على خطورة ما تتعرض له الآثار في حلب من ظواهر التنقيب السري عن الآثار بغرض الإتجار غير المشروع فيها، وتهريبها خارج البلاد، لافتاً إلى أنه في فترة الديكتاتورية والاستبداد في تونس أثناء حكم بن علي كانت العائلة الحاكمة تتاجر بالتراث، واستحوذت على الأراضي الأثرية، حتى أن أكثر من نصف موقع قرطاج الأثري أقيم عليه بناءات وعمارات شاهقة، وبعد الثورة التونسية وسقووط الاستبداد حدثت عمليات نهب وحفريات عشوائية، وصلت إلى 20 حفرية عشوائية يومية. مواد متعلقة: 1. اليونيسكو ووزير الآثار المصري يرسلان استغاثة لحماية سوريا 2. أثري سوري: القصف يهدد منشآت مدينة حلب التاريخية