اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية اليوم الجمعة أن كيفية تعاطي ومعالجة السلطات في تونس لتداعيات التظاهرات والاحتجاجات العنيفة التي شهدتها البلاد مؤخراً على إثر عرض فيلم أمريكي يسيء للرسول (محمد صلى الله عليه وسلم)، باتت تشكل الاختبار الأصعب أمام بلد أشاد الجميع بقدرته في العبور إلى مرحلة ما بعد الربيع العربي بشكل سلس. وذكرت الصحيفة - في سياق تعليق أوردته على موقعها الإلكتروني - أن مواصلة السلطات التونسية في مطاردة القائد السلفي سيف الله الحسيني الملقب بأبي عياض، والذي تحمله مسئولية قيادة وتدبير حادثة التحرك ضد السفارة الأمريكية خلال الاحتجاجات الغاضبة، يثير التساؤلات حول إرادة الحكومة التونسية في كبح جماح المتشددين من التيار الإسلامي الذين يجهضون المساعي الرامية لبناء ديمقراطية في ذلك البلد الذي كان الشرارة التي أشعلت ثورات الربيع العربي ، حسب تعبيرها.
وأوضحت أن تلك التساؤلات باتت تشكل ملامح المعركة المصيرية التي تخوضها تونس في مسيرتها نحو الديمقراطية، لاسيما وأن حادث التعدي على مقر السفارة الأمريكية قد أثار بالفعل العديد من المخاوف بهذا الصدد.
وأردفت الصحيفة تقول، إن الحكومة التونسيةالجديدة بزعامة حزب النهضة الإسلامي قد تعهدت بإظهار أن التيار الديني السمح في البلاد يتوافق مع الديمقراطية الغربية، بيد أنها تعمل في الوقت ذاته من أجل إحداث نوع من التوزان بين مصالح الإسلاميين المحافظين الذين يتطلعون إلى الحريات الدينية المكتشفة حديثاً وليبرالي تونس ممن ينتابهم حالة من الذعر والخوف من الإسلاميين من ناحية والولايات المتحدة التي تمثل موردا غاية الأهمية للمساعدات الاقتصادية من ناحية أخرى.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن الكثيرين قد يتفقون على أن تلك المعادلة التي ناضل حزب النهضة كثيراً للحفاظ عليها، أثبتت فشلها الأسبوع الماضي عندما قام محتجون بإضرام النيران في مقر السفارة الأمريكية ومدرسة أمريكية مجاورة لها، مما أسفر عن سحب واشنطن لمعظم أفراد بعثتها الدبلوماسية وتحذير رعايها من السفر إلى تونس التي يعتمد اقتصادها الوطني بشكل كبير على عائدات قطاع السياحة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه برغم من أن احتجاجات تونس لم تختلف كثيراً عن تلك التي اندلعت في جارتيها مصر وليبيا، حيث أكد مسئولون ومشاركون بأن تظاهراتهم تم استغلالها من قبل متطرفين ومثيري الشغب، إلا أن الاحتجاجات التي اندلعت في تونس اعتبرت هي الأكثر عنفاً في سلسلة الأحداث "العدوانية" التي قام بها "السلفيون" ضد النساء غير المحجبات والأعمال الفنية وأشياء أخرى -على حد قول الصحيفة-.
وخلصت الصحيفة الأمريكية -في ختام تعليقها- أنه رغم فرض السلطات في تونس قيوداً صارمة على من ينتهك القانون من المتطرفين، إلا أن كثيراً من التوانسه يستبعدون أن ينهي ذلك التساؤلات الدائرة في المجتمع التونسي حول دور الإسلام في الديمقراطية التونسية. مواد متعلقة: 1. الغنوشي يدين الهجوم على السفارة الأميركية في تونس 2. الداخلية التونسية تقرر منع مظاهرات احتجاجية غدا 3. الغنوشي يصف السلفيين بأنهم خطر على تونس