عند الحديث عن القرى المهمشة التي تفتقر إلى الخدمات والرعاية الصحية والمرافق الهامة لاستمرار الحياة الآدمية لأي شخص طبيعي يبدو الحديث واضحا ومتطابقا تماما مع " عزبة التحسين " بمحافظة الدقهلية فهي تعد ضمن سلسة القرى المنسية والتي تبلغ مساحتها حوالي 10 افدنة ويسكنها ما يقرب من 3000 مواطن؛ إلا أن المسئولون من أسقطوهم حساباتهم وبالتالي اسقط من فيها من مواطنون إلى جانب إسقاط حقوقهم في الحياة فهددوا بالعصيان المدني حتى يشعر بهم المسئولين. في البداية يقول مصطفى صلاح محامي واحد أبناء العزبة أن مشكلة العزبة الأساسية تتخلص بأنها تعد أفقر عزبة علي مستوي الجمهورية فهي تفتقر أساسيات الحياة من صرف صحي وطرق ممهدة ولا مدارس تصلح لتلقي التعليم بصورة طبيعية فهي ببساطة منطقة منعزلة عن العالم الخارجي.
وأضاف صلاح أن محافظ الدقهلية وعد بالكثير من الوعود؛ إلا انه لم ينفذ أي منها.. ويبقى حال العزبة كما هو عليه لذلك قرر الأهالي الدخول في العصيان المدني بشكل جماعي والامتناع الكامل عن دفع أي نوع من أنواع الرسوم أو الضرائب أو الفواتير، لان فاقد الشيء لا يعطيه، فان لم تعترف الحكومة بسكان العزبة فلن نعترف بها أيضا، وان لم يكن هناك استجابة كاملة للمطالب فسيصعد الأمر وسيكون هناك إضرابا كاملا من جميع الطلاب بجميع المراحل التعليمية ثم التصعيد إلى لجان الإغاثة وفتح باب التبرعات باعتبار العزبة عزبة منكوبة.
بنية تحتية متهالكة ويوضح محمد عبد اللطيف 65 عاما أن المشكلة الأساسية هي الطريق المؤدي إلى العزبة فهو طريق ترابي غير ممهد بالمرة للسير عليه ومظلم تماما مما يشكل خطرا علي حياة الماريين به وخاصة في فصول الشتاء بالإضافة إلى تسببه في موت الكثير من المرضي بسبب انقطاع المواصلات المؤدية إلى العزبة فيصعب إسعاف المرضى أو نقلهم إلى المستشفى وتعد اقرب مستشفى أو وحدة صحية بمركز بني عبيد أو قرية الشماس التي تبعد حوالي 17 كيلو عن العزبة.
ويواصل عبد اللطيف قائلا أن العزبة لا تحتوي على أي خدمات.. فالمسجد الوحيد بها مغلق منذ سنتان وأصبح بحالة يرثي لها، كما أن المدرسة الوحيدة بها مدرسة ابتدائية متهالكة تماما لا تصلح لتلقي أي تعليم فهي أشبة بالبيت المهجور.
انعدام الرعاية الصحية وذكر يوسف محمود عبد اللطيف 58 عاما أن هناك حالات وفاة سنوية تشهدها العزبة بسبب انعدام الرعاية الصحية فاحد السيدات تعرضت لوفاة طفلها أثناء ولادته بسبب تأخرها في الوصول إلى المستشفى وسيدة أخرى تعرضت للإجهاض والكثير من الأمثلة المشابهة فشدد عبد اللطيف على أهمية تمهيد الطريق فهو القادر علي حل تلك الأزمة.
وأشار إلى أن رئيس مجلس المدينة تفقد أوضاع العزبة، وعندما طلب منه الأهالي مقابلة محافظ الدقهلية تهكم عليهم وانصرف.
وقالت أم محمد أن أهالي العزبة قاموا بشراء ارض بلغت قيمتها 150 ألف جنيها لبناء مدرسة جديدة عليها لاستيعاب الأطفال، وتلقي تعليم يشكل صحيح، وبعد العديد من الوقفات الاحتجاجية قامت القوات المسلحة ببناء المدرسة واكتمل البناء ولكن أصر المسئولين على تلقي الطلاب التعليم بالمدرسة القديمة هذا العام بزعم أن المدرسة الجديدة خالية من الأدوات والاستعدادات الداخلية.
وأضافت إن هناك الكثير من الأهالي اضطروا إلى منع أولادهم من الذهاب إلى المدارس وخاصة الفتيات، بحجة أن المدارس الإعدادية والثانوية بالقرى المجاورة فكيف يؤمن علي أولادهم في الذهاب والإياب يوميا علي مثل هذا الطريق الذي وصفته بأنه " طريق الموت " واقل سيارة خاصة تستقلها تأخذ مبلغ 50 جنيها وهو مالا يقدر عليه المواطنون وأصبح الفتيات يتزوجن في سن مبكرة دون تعليم.
مياه غير صالحة للشرب أما فيما يخص خدمات مياه الشرب والصرف الصحي فالعزبة تعتمد على مياه " الطلبات " بالرغم من وجود الوصلات الخاصة بالمياه الحكومية، مؤكدا انه نادرا ما تحوي تلك الوصلات على المياه الصالحة للشرب بالإضافة إلى الكارثة الكبرى، وهي انعدام خدمات الصرف الصحي بالعزبة.
لم تنتهي قضية العزبة بعد.. فهي تعاني من انعدام الخدمات الأمنية أيضا وغيابها فالطريق المؤدي إليها مظلم تماما ليلا مما يشكل خطر على المارة به ليلا وخاصة السيدات والفتيات وتؤكد سيدات العزبة أنهم يضطرون إلى الخروج يوما في الأسبوع لقضاء احتياجاتهم لما يشهده المشوار من عذاب ذهابا وإيابا.