في إطار تكميم الأفواه المتعمد للصحفيين والإعلاميين، أصدرت السلطات التونسية مذكرة توقيف بحق مدير تلفزيون خاص اشتهر ببث برنامج سياسي ساخر ينتقد رموز «حركة النهضة الإسلامية» التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد بعد يوم من انتقاد الرئيس التونسي منصف المرزوقي «حركة النهضة» واتهامها بالسعي «للسيطرة على مفاصل الدولة» ومحاولاتها قمع الحريات. وذكرت "الحياة اللندنية" ان المحامية سنية الدهماني قالت إن القضاء أصدر ليل الجمعة السبت بطاقة إيداع بالسجن بحق موكلها سامي الفهري مدير تلفزيون «التونسية» الخاص «من دون استدعاء المتهم أو محاميه ما يمثل خرقاً للقانون» التونسي.
وقال الفهري أن برنامج «اللوجيك السياسي» الذي تبثه قناته أثار «جنونهم» (حركة النهضة) وأن لطفي زيتون المستشار السياسي لحمادي الجبالي رئيس الحكومة وأمين عام حركة النهضة، اتصل به شخصيا وطلب وقف البرنامج.
وأضاف أنه اضطر تحت وطأة «الضغوط (الحكومية) الشديدة» إلى إيقاف بث البرنامج قبل أربعة أيام من عيد الفطر.
وتابع أن زيتون عاود الاتصال به بعد تسرب أخبار حول تعرض القناة لضغوط حكومية وطلب منه التصريح لوسائل إعلام بأن تلفزيون التونسية لم يتعرض لأي ضغوط وأنه أوقف بث البرنامج من تلقاء نفسه.
ويتضمن برنامج «اللوجيك السياسي» فقرة «القلابس» وهي دمى متحركة ترقص وتغني وتجسم شخصيات حكومية وسياسية تونسية شهيرة مثل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وحمادي الجبالي أمين عام الحركة ورئيس الحكومة، ومنصف المرزوقي رئيس الجمهورية.
وحظي البرنامج الذي انطلق بثه بداية شهر رمضان بشعبية كبيرة في تونس مثلما أظهرت ذلك مكاتب استطلاعات خاصة.
وكان الرئيس التونسي شن الجمعة هجوماً لاذعاً على «حركة النهضة» واتهمها بالسعي «للسيطرة على مفاصل الدولة».
وقال المرزوقي في الخطاب الذي ألقاه نيابة عنه أحد مستشاريه في افتتاح المؤتمر العام الثاني لحزبه «حزب المؤتمر من اجل الجمهورية» شريك لحركة «النهضة» في الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي يضم أيضا «حزب التكتل» أن «إخواننا في النهضة يسعون للسيطرة على مفاصل الدولة الإدارية والسياسية عبر تسمية أنصارهم (سواء) توافرت (فيهم) الكفاءة أم لم تتوفر».
ورأى أن هذه «ممارسات تذكر بالعهد البائد»، في إشارة إلى عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (1987-2011).
وانتقد المرزوقي «إصرارهم (النهضة) على النظام البرلماني» خشية عودة الديكتاتورية.
واتهم الحكومة ب»التأخير في بعث مشاريع التنمية في الجهات المحرومة والتردد في إطلاق عنان العدالة الانتقالية ومحاسبة الفاسدين وتسوية ملفات الجرحى وعائلات الشهداء» الذين سقطوا خلال الثورة التي أطاحت بنظام بن علي.
وقال: «هم (الحكومة) لا يرون جدوى الدخول في معارك لا طائل منها بخصوص استقلالية الإعلام والقضاء والهيئة الوطنية لتنظيم الانتخابات، وكلها تؤلب علينا جزءاً من الرأي العام يمكن أن يكون بجانبنا».
وأشار إلى «بطء غير مقبول في انطلاق المشاريع ما أدى إلى نفاد صبر مناطق حذرت كثيرا من انفجارها».
ورأى أن أعمال العنف التي اندلعت خلال الشهر الجاري في ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب)، مهد الثورة التونسية تشكل «جرس إنذار يجب أخذه بجدية بدل الاكتفاء بطمأنة النفس والقول أنها حركة شباب طائش بأعداد قليلة تحركها أحزاب متطرفة ووراؤها فلول (حزب) التجمع» الحاكم في عهد بن علي.
وانتقد المرزوقي «خيارات حركة النهضة التي بيدها جل الوزارات وأهمها»، مشيراً خصوصا إلى دعوتها إلى استصدار قانون ل»تجريم الاعتداء على المقدسات».
وقال متسائلاً: «إذا سارعنا لقانون يجرم التطاول على المقدسات ألا يجب أيضا أن نجرم (ظاهرة) التكفير» المنتشرة في صفوف جماعات دينية تونسية متشددة.
وأضاف: «إذا دخلنا في منطق المنع فالى أي حد نذهب؟ وهل لا يتهددنا خطر الانزلاق إلى ضرب المكسب الأكبر (الحرية) الذي ثار من اجله الشعب؟».
وحمل المرزوقي بشكل غير مباشر الحكومة مسؤولية «تواصل عنف بعض الغلاة (السلفيين)»، مؤكداً انه «من حق ومن واجب الدولة انطلاقا من شرعيتها كف أذاهم عن الناس والتصدي بالقانون لمن يدمر صورة تونس ويشوه ثورتها».
من جهة أخرى، دعا المرزوقي حزب المؤتمر إلى أن «يكون دوماً وبلا أدنى تحفظ نصيراً قويا وعنيدا وصلبا لكل الحقوق والحريات الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحقوق المرأة بصفة خاصة وتضمينها في دستورنا بصريح العبارة ومن دون لف ودوران وبرفض كل الجمل المثيرة للجدل العقيم من نوع المرأة التي تكمل الرجل».
وأثارت تصريحات المرزوقي استياء قادة في «النهضة» حضروا افتتاح مؤتمر حزبه بينهم رئيس الحركة راشد الغنوشي ورئيس مجلس شورى الحركة عبد الفتاح مورو.
وغادر عدد من قادة الحركة والوزراء الأعضاء فيها القاعة احتجاجاً على الخطاب.
وقال الغنوشي: «نحن نخالف (المنصف المرزوقي) في كثير من الآراء ونعتبر أنها لا تعبر عن (رأي حزب) المؤتمر». مواد متعلقة: 1. المرزوقي و"النهضة" التونسية على صفيح ساخن (فيديو) 2. إيقاف برنامج تليفزيوني ساخر في تونس 3. تونسية تضع مولودة تحمل جنينا في بطنها