انتقد المفكر القبطي البارز الدكتور رفيق حبيب توجيه الإعلام المصري للرأي العام بوصف رموز التيار العلماني بالثورية، وحرمان رموز التيار الإسلامي من هذه الصفة ، مؤكدا أن عناصر النظام القديم وضعت سيناريو للفوضى وانعدام الأمن بشكل مخطط ما وضع المصريين في اختبار صعب حقا، إذ أنه كانت هناك فوضى تلقائية ناتجة عن غياب أي قيادة رشيدة للثورة . وقد صدرت دراسة حبيب بعنوان "اليد الخفية .. ثورة بلا قيادة" وفيها يؤكد أن المرحلة الانتقالية في مصر قادتها يد خفية، بدلا عن السيناريو المعتاد في أن تتسلم قيادة السلطة العناصر القيادية بالثورة التي أطاحت بالنظام القديم ، وعادة لا تكون قيادة منتخبة وتأتي شرعية حكمها من الثورة ذاتها. كما يؤكد حبيب أن غياب قيادة للسلطة جاءت من رحم الثورة، جعل الباب مفتوحا لفلول النظام السابق للمشاركة الفعالة في العملية السياسية . وغياب القيادة برأيه كذلك جعل النظام لا يلون حكمه بلون محدد عسكري مثلا أو علماني أو إسلامي بحسب توجهه، والحاصل أن الثورة الشعبية التي تأتي بلا قيادة تختار عادة مسئولين توافقيين ليحكمونها . كما تؤكد الدراسة أن غياب الأمن والسلع الأساسية شكل محاولات لإجهاض الثورة، ويتصور من يفعلون ذلك أنهم يوجهون عامة الناس إلى تأييد من يمثلون النظام السابق ، وهي محاولات قامت بها شبكة المصالح المرتبطة بالنظام السابق ( الدولة العميقة) للحفاظ على دورها ومكانتها ، لكن من حسن الطالع أنها محاولات لم ترق للإنقلاب على الثورة لأن الثورة ليس لها قيادة محددة يمكن الانقلاب عليها . ويلاحظ حبيب أن الضغوط الخارجية عادة ما تمارس على الدول التي تحكمها قيادات ثورية، فمصر عندما احتلت عسكريا ظلت رهن هذا الاحتلال وعندما تخلصت منه أصبحت تتعرض لضغوط خارجية في محاولة لفرض الهيمنة الغربية . ويلفت حبيب لأن مبارك أول من باشر الشرعية الثورية حين أعطى للقوات المسلحة مهمة إدارة شئون البلاد ، وهو تصرف غير دستوري بالمرة ولكن الشارع ارتضاه، ثم اتخذ المجلس العسكري قرارا بحل مجلس الشعب والشورى وتعطيل العمل بالدستور بناء على تلك الشرعية الثورية أيضا، ثم اتخذ مجلس الدولة قرارا بحل الحزب الوطني والمجالس النيابية بناء أيضا على تلك الشرعية ، وكلها كانت استجابات فورية لمطلب عامة الناس، وهو إسقاط النظام الحاكم ، ولكن بعد ذلك لم يعد أحدا يملك استخدام الشرعية الثورية لأن الثورة لم يكن لها قيادة يمكن أن تحوز تلك الشرعية فتستمر في عملية القضاء على النظام السابق. وبخصوص الإعلام، يؤكد حبيب أن مالكيه معظمهم من المنتمين للنظام السابق، وبالتالي فقد تحالفوا مع القوى العلمانية لضرب الإسلاميين، ولإجراء عملية غسيل وعي مستمرة .