أكد الدكتور أحمد كمال أبوالمجد الفقيه الدستوري ووزير الإعلام الأسبق أن من الأمور الطبيعية أن يختلف الناس حول الوقائع التاريخية الكبرى والثورات وان هذه الاختلافات ترجع إما إلى تناقض أيدولوجى بين الناس أو بالنظر لمصالح أصابها الضرر لبعض الفئات. وقال في تصريح له اليوم أن ثورة 23 يوليو كان لها إيجابيات وسلبيات وأن الحكم على ثورة يوليو لا يجب أن يكون بمعيار اليوم ، فقد اندلعت فى ظروف مغايرة لما يحدث اليوم ، فالناس وقتها كانت متحمسة للثورة بعد أن ضاقت ذرعا بالنظام الملكى.
وأضاف أنه مع بداية الثورة حدث خلاف بين قيادتها داخل مجلس قيادة الثورة ثم الصراع مع الإخوان المسلمين وقد غير هذان الحدثان مسار التاريخ.
ولفت أبو المجد إلى أن صراع الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر مع الإخوان كان في جوهره سياسي .. وقال أن الصراع على السلطة يجعل كل طرف ان يتربص بالأخر.
وأشار إلى إيجابيات ثورة يوليو فقال أنها أدخلت مصر بسرعة إلى حافة الانتماء القومي وأدخلت القضية الفلسطينية إلى الوعي القومي وأدخلت فكرة العدالة الاجتماعية والانتصار للمهمشين في أهدافها وظهر ما يسمى بالاشتراكية العربية البعيدة عن الماركسية .. ومن النقاط السلبية للثورة تركز السلطة في يد الحاكم وساعد في ذلك إعلام تم تسخيره في هذا الاتجاه وغلبة الجهاز الأمنى ...مشيرا الى انه سجن في عهد عبد الناصر وهذا لا يمنع من الحديث عن إيجابيات في هذه المرحلة فزعيم الثورة كان نظيف اليد غير أن آفته كانت في تسلطه .. وقال أن كثيرا ممن شاركوا في هذه الثورة كانوا شرفاء ومخلصين.
وخلص أبو المجد إلى أنه يجب أن نتعلم أن نحتفظ بالجزء الإيجابي والنقي في تاريخنا وفى المقابل أيضا انه يجب ألا نغض الطرف أبدا عن السلبيات حتى تتعلم الأمة.
وفى تصريح للدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ قال ان ثورة يوليو انتهت بموت الرئيس جمال عبد الناصر وان من خلفه فى حكم مصر لا يمثل ثورة 23 يوليو وتجاوز المبادئ وانحرف عن الثورة التى نادت بها وكان أن وصل إليه الحال والذى كان سببا فى اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011.
وأشار إلى ثورة يوليو رفعت شعار ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية وتبين بعد كل هذه السنين أنه لم تتحقق العدالة الاجتماعية وجاءت ثورة يناير رافعة شعار "عيش حرية عدالة اجتماعية".
وفى دراسة أكاديمية منشورة تعرضت فيها إلى خصائص النظام السياسي المصرى لثورة 23 يوليو .. أشارت إلى أن تنظيم الضباط الأحرار الذى فجر ثورة يوليو حرص منذ البداية على الاحتفاظ باستقلاله التنظيمي عن باقى الأحزاب السياسية في البلاد سواء التى اتصل بها أو أقام علاقات معها قبل عام 1952.
وأشارت الدراسة إلى أن من أهم خصائص النظام السياسي لثورة 23 يوليو عام 1952 هو الانفراد ومركزية السلطة فقد كانت فقط في إطار النخبة العسكرية دون مشاركة واضحة للمدنيين.. وأيضا مركزية السلطة في العاصمة دون نقلها وقد كان النظام السياسي للثورة مخلصا فى ذلك لتقاليد النظام السياسي المصرى عبر قرون امتدت عبر التاريخ.
واتسم النظام السياسي أيضا بأن السلطة كانت في يد رئيس الجمهورية الذى امتلك سلطات واسعة بمقتضى الدستور .. وقد ارتبط بمركزية السلطة سمة أخرى وهى الدمج بين السلطات ورفض مفهوم التوازن بينها ، فمنذ عام 1952 ومن خلال أدوات قانونية دستورية أو عبر ممارسات فعلية سيطرت السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية ولم يعد البرلمان أداة رقابية ذات فاعلية وشأن في الحياة السياسية والنظام السياسي للدولة.
وأشارت دراسة نشرها مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إلى أن من خصائص النظام السياسي لثورة 1952 كان غياب المنافسة السياسية ..فمنذ صدور قانون حل الأحزاب السياسية في 18 يناير عام 1953 ومن يومها عرفت مصر تنظيما سياسيا واحدا وتوالى الحزب الواحد هيئة التحرير..والإتحاد القومي..والاتحاد الاشتراكي وكانت كلها في الغالب الأعم تنظيمات ورقية افتقدت القدرة على الحركة المستقلة أو المبادرة الذاتية ونظر المواطن إليها على أنها جهاز من أجهزة السلطة وقناة الاتصال بها من جانب واحد وبالتالي فانه مع بداية ثورة يوليو عرفت مصر مرحلة التنظيم السياسي الواحد وبحسب الدراسة ففي التجربة المصرية كانت الوزارة هى التى تصنع برلمانها وليس العكس فلم يحدث أن سحبت السلطة التشريعية البرلمان الثقة من الحكومة ..وقد ارتبط النظام السياسي برفض النخبة الحاكمة الاعتراف بوجود قوى أو تيارات سياسية أخرى وفرضها نوعا من الإجماع السياسي والذى تمثل في سلسلة الاستفتاءات التى حرمت فيها الآراء الأخرى من إمكانية التعبير.
وكان من نتيجة ذلك ان التيارات الاخرى لم تجد متنفسا شرعيا للتعبير عن ذاتها ودخلت فى سراديب العمل السرى أو اكتفت بالترقب.
وأشارت الدراسة إلى أن شرعية النظام السياسى لثورة يوليو اهتزت بشدة نتيجة للأزمة الاقتصادية في عام 1962 من ناحية واستمرار حرب اليمن دون نهاية واضحة من ناحية أخرى ثم أخيرا هزيمة يونيو عام 1967.
وبداية من ثورة يوليو دخل لأول مرة في القاموس السياسي المصرى مفهوم "أعداء الشعب" .. بمعنى أن القوى الاجتماعية هى صاحبة المصلحة والثوري والاشتراكي هو فقط الذى يكون له الحق في المشاركة في النشاط السياسي.
وقد عبر زعيم الثورة جمال عبد الناصر عن ذلك بقوله" لا بد أن نحدد من هو الشعب..الشعب عبارة عن جميع الفئات التى تساند الثورة الاجتماعية والبناء الاجتماعى والثورة الاشتراكية.
ولفتت الدراسة الى انه كان من الطبيعي أن تتعد أجهزة الأمن التى تراقب بعضها البعض كم كان من الطبيعي أن تعلو أسهم تلك العناصر التى ارتبطت بهذه الأجهزة وتدربت فيها لتأمين النظام بعد أن وقع في صدام منذ البداية مع القوى السياسية الشعبية التى مثلت التيار الرئيسي للحركة الوطنية المصرية في ذلك الوقت وبالذات حزب الوفد وحركة الأخوان المسلمين.