الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومباديء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع والأزهر الشريف هو المرجعية النهائية لتفسيرها- ولأتباع المسيحية واليهودية الحق في الاحتكام إلي شرائعهم الخاصة في أحوالهم الشخصية وممارسة شئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية. هذا ما استقرت عليه الصيغة النهائية للمادة الثانية من الدستور المصري بعد جدل طال بين القوي السياسية والدنية ، فقد وافق أعضاء اللجنة التأسيسية بالإجماع علي المادة بمن فيهم حزب النور والدعوة السلفية.
أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أن المادة الثانية من الدستور بصياغتها الحالية هي عنوان توافق بين جميع القوي السياسية في مصر, والتي اجتمعت في رحاب الأزهر الشريف حول وثيقة الأزهر, مستندا إلي أنها تمثل عقيدة الأمة والمصدر الأهم لهويتها.
وفند الطيب أسباب ضرورة الإبقاء عليها ، بأن تلك الصيغة تحتم علي المشرع المصري صناعة القوانين بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية،
وتفعل دور المحكمة الدستورية العليا بإلغاء النصوص القانونية المخالفة للمادة الثانية من الدستور، مما يسد أبواب الجدل ولا تسمح لأحد أن يجر الأمة باسم خلافات لفظية إلي خلافات تبدد الطاقات وتثير المخاوف وتفتح أبواب الفرقة والفتنة التي تشغلنا عن الالتفات إلي عظائم الأمور وتعطل ما نرغب فيه من اكتمال صياغة الدستور المصري في هذا الوقت التاريخي.
فيما أكد الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر لشئون الحوار أن وثيقة الأزهر اتفق عليها المصريون بكل أطيافهم الإسلامية والمسيحية
التي تؤكد أن مصر دولة ديمقراطية وسطية إسلامية حديثة,مشددا أن الأزهر ليس طرفا في المعادلة السياسية بل هو بمثابة مدرسة عليا للإسلام وحضارته وعلومه.
وكرد فعل إيجابي ، رحبت الكنائس المصرية بالصيغة النهائية ،مؤكدة انها تحترم رغبة الشعب في الابقاء عليها وتؤيد مفهوم التعددية والمساواة، وأعربت عن ارتياحها لإضافة المادة التي تسمح للمسيحيين بحرية الاحتكام إلي دينهم.
هذا ، وأعرب القس الدكتور أندريا زكي نائب رئيس الطائفة الانجيلية عن ارتياح الكنيسة للصيغة النهائية التي وافقت رؤية الأزهر، واصفا إياها بالخطوة الايجابية المهمة لأن وثيقة الأزهر تم التوافق عليها ووقعنا عليها أنا وقداسة المتنيح البابا شنودة.
وفيما يخص اعتبار الأزهر المرجعية الإسلامية في تفسير مبادئ الشريعة، أكد القس أن الأزهر الشريف عبر تاريخه يمتلك نظرة وسطية وقراءة عميقة للتعددية في مصر مما يجعله قادرا علي إعطاء التفسير الذي يناسب كل المصريين.
وعلي النقيض ،يرى المفكر كمال زاخر أنه رغم الارتياح الذي ساد بعد فك الاشتباك بين الفصائل المختلفة حول المادة الثانية إلا أنه ما كان يجب أن تضاف أية إضافات علي المادة الواردة في النص الأصلي لدستور71 وكان يجب أن تترك كما هي لأن هذا يخلق قلقا داخل الكنيسة لأنه لم يحدد آلية رجوع الكنيسة إلي مصادرها وكيف السبيل إلي ذلك.
ويستطرد قائلا "تم حصر الحرية الدينية علي المسيحيين واليهود فقط, بينما كان يجب أن تنص علي أنه -لغير المسلمين دون تحديد ،حيث إن هذا القصر يتعارض مع مبدأ حرية العقيدة والاعتقاد لأننا نعرف أن هناك طوائف مصرية أخري لم تذكر ومحل نزاع.
وشدد أن كون الأزهر مرجعية وحيدة للتفسير مقلق في ذاته ،معلقا "أخشي أن تتم السيطرة علي الأزهر يوما ما ويختطف من قبل متشددين إلي مربع التطرف. وهنا ما هي الضمانة أن يبقي الأزهر الشريف علي وسطيته.. فمباديء الشريعة تفسر نفسها بنفسها وبالتالي يجب أن تعود كما ذكرها فضيلة الإمام شيخ الأزهر في بيانه والذي نص علي تمسكه بالمادة الثانية دون حذف أو إضافة".