رغم انه لا توجد منطقة بعيدة عن نيران الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، إلا أن سكان المناطق الحدودية بالقطاع يتضاعف خوفهم من تلك النيران فهم الأقرب من الأبراج العسكرية وقناصة الاحتلال . إذ يعيش هؤلاء قرب الشريط الحدودي أو المنطقة العازلة الممتدة من بيت حانون شمالا وحتى رفح جنوبا في قلق دائم ويتوقعون إطلاق الرصاص عليهم وتوغلات الدبابات في كل وقت.
وفرض الاحتلال منطقة عازلة بعد انسحابه من قطاع غزة في 2005 بعد احتلال دام 38 عاما وتعد أراضى هذه المنطقة من أفضل المناطق الزراعية إذ تضم 25 % من أراضى القطاع .
ويقول احمد قديح (28 عاما) من سكان بلدة خزاعة بخان يونس جنوب القطاع في حديث مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بغزة أن بلدته الواقعة قرب الشريط الحدودي وهى من أكثر البلدات التي تشهد توغلات للدبابات الإسرائيلية أن سكان البلدة يعيشون في رعب دائم خاصة ليلا ،تخوفا من قناصة الاحتلال في الأبراج بخلاف الخسارة الفادحة التي تخلفها عمليات تجريف الأراضي.
ويضيف قديح إننا نشهد ما يقرب من 13 عملية توغل شهريا تؤدى إلى إتلاف المحاصيل ما يكبد المزارعين خسارة كبيرة إضافة الى ان إطلاق النار الذي يصاحب التوغل يؤدى إلى حرق محاصيل في مساحات أخرى ما يؤدى إلى تضاعف الخسائر.
ويشير قديح إلى أن المنطقة العازلة ما بين بلداتهم والسلك الشائك والتي من المفترض أن تبلغ نحو 300 مترا يقوم الاحتلال بإطلاق النار مباشرة لمن يقترب منها ولا يفرق فى ذلك ما بين طفل أو شاب أو عجوز لافتا إلى أن الحياة على الحدود مع إسرائيل أشبه بمعركة لا تهدأ فنحن نعتبر أنفسنا في حالة حرب دائمة مع الاحتلال من طرف واحد .
وعن وجود حالات هجرة من تلك المناطق الملتهبة ، نفى احمد قديح ذلك بشدة ،مؤكدا انه لا يمكن لفلسطيني أن يترك أرضه لأي سبب ، لافتا إلى أن طائرات الاحتلال على مختلف أنواعها لا تغادرنا وتعتبر قطاع غزة بالكامل هدفا لها ، فلا فرق عندها بين مواطن يسكن قرب الحدود وآخر يسكن في برج بمدينة غزة.
ونبه إلى أن الاحتلال يستهدف أيضا الناشطين الأجانب الذين يأتون لمساعدتنا في موسم حصاد الزيتون أو القمح أو الشعير في المناطق الزراعية القريبة من الحدود ، معتقدين أن وجودهم معنا سيدفع الاحتلال إلى التردد قبل إطلاق النار.
وقال مركز الميزان لحقوق الإنسان، إن الاحتلال دمر لسكان المناطق الحدودية منذ عام 2000 وحتى مطلع العام الجاري 1220 منزلا بين تدمير كلي وجزئي، وجرف في تلك المناطق التي تمثل مساحة أراضيها 35% من مجمل أراضي قطاع غزة الزراعية نحو 4278 دونما (الدونم ألف متر مربع).
وأوضح مركز الميزان أن قوات الاحتلال قتلت من سكان المناطق الحدودية منذ عام 2005 وحتى مطلع العام الجاري 190 فلسطينيا ثلثهم من النساء والأطفال.
ورغم معدلات الفقر المرتفعة في قطاع غزة جراء الحصار ( 65% من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر) إلا أن تلك المعدلات تتضاعف في المناطق الحدودية، لذلك طالبت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بضرورة تكثيف البرامج والمشاريع فيها والتي تتعرض للاعتداءات المستمرة من الاحتلال الإسرائيلي .
ووصف منسق الحملة الشعبية لمناهضة الجدار العازل محمود الزق حياة سكان المناطق الحدودية بأنها "جحيم " لأنهم معرضون للقتل في أي وقت من قبل الصورايخ الإسرائيلية والقذائف.
وأضاف الزق انه لا توجد مساعدة حقيقية لهؤلاء رغم الأخطار التي يعيشون فيها والارتفاع الكبير لمعدلات البطالة بين الشباب.
وعن المساعدات الدولية ،قال أن الصليب الأحمر والمؤسسات الأهلية تقدم مساعدات بسيطة لهم وذلك انصياعا لشروط المانحين الدوليين التي تعتبر الوصول إلى هذه المناطق بمثابة مغامرة لأنها غير آمنه .
وأشار الزق إلى أهمية تلك المناطق لأنها تضم 25 % من أراضى قطاع غزة وتعتبر سلة غذاء القطاع لكن رصاص الاحتلال يذهب إلى ابعد من 300 مترا وتصل إلى ألف متر لمن يحاول الاقتراب من هذه المساحات .
ومن جانبه طالب المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات بغزة بتقديم الدعم والمساندة للمواطنين الذين يعيشون بالقرب من المناطق العازلة على الحدود بين قطاع غزة والأراضي المحتلة .
وقال مدير الوحدة القانونية في المركز يونس الطهراوي أن الوضع المعيشي والإنساني للأهالي في المناطق العازلة بحاجة إلى التحسين والتطوير لضمان عيشهم بكرامة كباقي الناس.
كما طالب المواطنين القاطنين قرب المناطق العازلة بالإسراع بتثبيت ملكيتهم للأراضي بشكل قانوني.