مصر تواجه الآن استقطاب سياسي وعقائدي غير مسبوق بسبب عدم تنفيذ مطالب الثورة كاملة منذ تفجرها، وفي مقدمتها التغيير الشامل والتطهير، وقد تسبب هذا الخطأ الفادح في احتشاد عناصر الثورة المضادة كُلها بكامل إمكاناتها في جبهة مدعومة من قوي خارجية لا تريد الخير للوطن علي الإطلاق، وتستهدف تلك الفلول المحتشدة عقيدة الأغلبية من أبناء الوطن وجيش هذا الوطن، لأن في ضرب المؤمنين بمصر عقيدة وجيشاً ،إنهاء لمصر ذاتها وربطها بمنظومة غريبة عنها ،وهو ما يسهل عملية تقسيم الوطن وضياع قوته. ونعلم أن المؤامرة شاركت فيها عناصر تنتمي للأجهزة الأمنية وتلك العناصر لا تزال تحلم بمليء الفراغ الذي خلفه نظام مبارك، وضرب التجربة الثورية الديمقراطية التعددية الحقيقية التي يتمكن من خلالها الشعب أن يحكم نفسه، ونظلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ونظلم السيد المشير محمد حسين طنطاوي إذا ما اعتقدنا أنهم متواطؤن في تلك المؤامرة علي الثورة، ودليلنا علي ذلك أننا اختبرناهم في التعديلات الدستورية، واختبرناهم في الانتخابات البرلمانية، واختبرناهم في انتخابات رئاسة الجمهورية، وفي كل مرة يقفون علي الحياد وينتصرون لما هو صحيح، علي الرغم من الضغوط الخارجية الرهيبة التي يواجهونها لإقصاء التيار الإسلامي الثوري تحديدا عن المعادلة الديمقراطية في مصر.
وعندما نستمع لرجال «إعلام المارينز» وأصحاب «كوبونات النفط» ورجال التمويل الليبي والتمويل متعدد الجنسيات، وهُم يتهمون من بيدهم الشرعية الآن بأنهم متأمركون ومتصهينون اضحك من أعماق قلبي علي عدم حياء ووقاحة من يرددون تلك الاتهامات، لكون أن من بيدهم الشرعية الآن لم يبرموا «كامب ديفيد» ولم تلوث أيديهم الطاهرة بمصافحة خنازير «تل ابيب» قتلة أطفالنا ونسائنا، المغتصبين للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، ولم يبرموا اتفاقات شراكة إستراتيجية مع واشنطن، إن تلك العناصر الإعلامية نراها لا تقل خطورة علي مصر عن جهاز الموساد الإسرائيلي، لأن ما تفعله تلك العناصر يستفيد منه الموساد للغاية وأمن مصر القومي يعلم ذلك جيداً.
إن دولة مبارك وفلولها تتحرك كلها الآن للتآمر علي شرعية ثورة 25 يناير المجيدة، وان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلن مراراً انه ينتصر للشرعية وينحاز إليها، ومن هنا فأن الكرة في ملعب السيد رئيس الجمهورية بما لديه من سلطات تمكنه من إصدار قرارات لها قوة القانون في غيبة البرلمان وفي حضوره، وبالتالي علي الدكتور محمد مرسي أن يمارس صلاحياته كاملة كرئيس للجمهورية، وعندما يتحرك خفافيش الظلام لمنعه من ممارستها ساعتها يعود للقواعد التي انتخبته ولجماهير ثورته، بعد أن يطلب من الجيش والأجهزة الأمنية تأمين الشرعية، وإن لم يفعلها دكتور مرسي في أقرب وقت فأن الفلول سيفجرون مصر لا قدر الله.
والمطلوب الآن من دكتور مرسي العمل علي تغيير قوانين السلطة القضائية بحيث يتم استقلال القضاء وتنظيفه من مخلفات حكم مبارك، وتسليم المؤسسات الإعلامية والصحفية القومية لأيدي وطنية إعلامية أمينة من العاملين بها أو غيرهم، ووضع قانون لتنظيم عمل الإعلام الخاص، وعدم السماح في هذا القانون لمقاولي الطوب والزلط والاسمنت ومن كانت شغلتهم في الماضي جمع القمامة بإصدار صحف وبث قنوات فضائية، وقصر هذا الأمر علي رجال الأعمال العاملين بمجالات النشر، مع احترامنا لأية مهنة شريفة لكن لكل مقام مقال، علي أن يتم التحقيق في جميع البلاغات المركونة في إدراج مكتب النائب العام لكونها تطال أصحاب منابر إعلامية، هذا هو المفترض أن يتم بشكل عاجل وقس علي ذلك ما يتوجب علي الرئيس فعله في مختلف قطاعات الوطن.
ونحن ممن يحترمون القضاء جدا ويجلون أحكامه ولابد من أن تنفذ تلك الأحكام، لكن في نفس الوقت ككاتب بدأت اشعر بقوة ومعي جانب كبير من أبناء شعبنا بأن المحكمة الدستورية باتت منحازة لطرف علي حساب الآخر وان أحكامها باتت مسيسة وبأنها تدين بالولاء للنظام السابق، وهذا خطر شديد أن يشعر الشعب أو جانب منه بعدم الثقة تجاه هيئة قضائية يفترض أنها رفيعة المستوي في بلاده، وربما يرجع ذلك لدخول قضاة في المحكمة الدستورية بالعمل السياسي إلي الدرجة التي أصبحوا فيها نجوم فضائيات، وباتوا يستهينون بالرجل الأول في البلاد وهو السيد رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي.
وإن كان الفلول يعتقدون أن عملية تشويه مكانة رئيس الجمهورية الآن ستنجح نقول لهم كلا.. لكون أن شعبنا استوعب خطتهم لتشويه البرلمان، وسيضع ثقته في محلها ولصالح الثوار في أية انتخابات مقبلة، بعد أن تكشف أمامه مخطط استهداف الجيش ورموزه وعقيدة الوطن والشعب، ومن هنا أناشد كل ثائر ووطني شريف أن يضع رجال الجيش في حدقات عيونه، لأن الأمور معقدة للغاية، وبالتالي فأن من يزعمون أن المجلس العسكري يتآمر علي الثورة أو الشرعية هم واهمون هذا مستحيل أن يحدث أبدا لكون أن الجيش علي الدوام مع الشعب، وإن كان فلول النظام البائد يتصورون أنهم من الممكن أن يقومون بثورة مضادة فهذا لن يحدث أبدا فهم يقفون عرايا "ملط" الآن أمام جماهير شعبنا .
ونحن هنا علي سبيل المثال حول حكم «المحكمة الدستورية» ننقل عن المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض قوله :"إن المحكمة الدستورية العليا أرسلت حكم حل البرلمان إلى الجرائد القومية قبل انعقاد الجلسة المتعلق بالنطق بالحكم مختوما وموقعا وهذا تزوير يستوجب تدخل رئيس الجمهورية للتحقيق فيه والفصل من المنصب والسجن لأي قاضي بتلك المحكمة فعل ذلك، وقال مكي: "نطالب مرسي بالتحقيق في الأمر وحل الدستورية العليا".
وقال د.أسامة ياسين القيادي بحزب الحرية والعدالة: "أعتقد أن الرئيس لو دعا الشعب المصري لاستفتاء.. وقال الشعب: نعم لقرار الرئيس وعودة البرلمان وتفويض محكمة النقض في صحة عضوية الثلث، لحكم هؤلاء بوقف تنفيذ قرار الشعب".. ثم أضاف: "حين ينصب رجل العدالة نفسه خصما سياسيا.. فقل على أحكامه بل على الدنيا السلام".
وأكد الناشط السياسي «تامر القاضي» - المتحدث باسم إتحاد شباب الثورة - على أن الاتحاد يطالب الرئيس بحل هيئة المحكمة الدستورية بالكامل, مشيرا إلى أن الرئيس لا بد أن يتعامل بأسلوب الشرعية الثورية, ويعمل على تطهير البلاد من أعوان مبارك المخلوع.
ووصف د. ثروت بدوي رئيس قسم القانون الدستوري والإداري بجامعة القاهرة, حكم المحكمة الدستورية بوقف قرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب للانعقاد ب"العار".
وقال بدوي أمس, إن حكم «المحكمة الدستورية» بوقف قرار الرئيس، عار على جبين القضاء المصري، وفيه من العوار ما لم يحدث في تاريخ القضاء في أي بلد في العالم، موضحاً أن هذا الحكم صدمة كانت متوقعة، ولكن لم يكن يتوقع أن يأتي بهذه السرعة.
ومن جانبه، أكد صبحي صالح عضو مجلس الشعب، وكيل اللجنة التشريعية: "أن حكم المحكمة الدستورية العليا لن يغل يد الرئيس، وأن مرسي لديه حلول كثيرة لاستمرار المجلس من بينها استفتاء الشعب حول قرار حل المجلس من عدمه، مشيرًا إلى أن المجلس رفع جلسته اليوم في انتظار فصل محكمة النقض في دستورية المجلس".
وللأسف أنتقل ما يحدث إلي خارج مصر، وأكدت كاثرين اشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أن الدولة العميقة في مصر تنهش في جسد الرئيس المنتخب مضيفة أن «الاتحاد الأوروبي» يدعمه بقوة، و قالت إن التذرع الآن باحترام سلطة القضاء لم يكون ليوجد لو أن الرئيس مبارك لا يزال في الحكم - على حد قولها- وأضافت أن مئات الأحكام القضائية كانت تهدر في عهد الرئيس السابق.
بيد أن منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية كان له ري مغاير حيث أكد: "أن تعترض المحكمة على قرار أصدره رئيس الدولة، وأن يلجأ المواطنون إلى الدستورية لتحكم بينهم وبين الرئيس فتقضي بوقف قرار أصدره الرئيس كل هذا يعكس أننا نعيش دولة مؤسسات، وهو أمر نفرح له ولا نحزن".
أما محمد سليم العوا فقال معلقا على حكم المحكمة الدستورية العليا: "أن الحكم يجب أن ينفذ طبقا لمنطوقه فقط و ليس بالأسباب والحيثيات التي لا تتعلق بنمطوق الحكم، فالمحكمة قالت في حيثيات حكمها حل المجلس كله وهذا خطأ وغير صحيح فالمنطوق لا يتضمن حل المجلس كله، وعلى المجلس أن يقف مدافعا عن وجوده و شرعيته وعن الملايين التي انتخبت أعضاءه، وأكمل.. على مجلس الشعب لو تمكن أن ينعقد في مكانه أن ينعقد ولو لم يتمكن فله في لائحته ما يجيز له أن يجتمع في أي مكان و يدير الشئون التشريعية في البلاد. وأدعو رئيس مجلس الشعب أن يكتب خطاب اليوم إلى الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة يسأل عن كيفية تنفيذ هذا الحكم، وأدعوه أيضاً أن يعقد جلسات المجلس لأنه صاحب السلطة التشريعية في البلاد و ما لم يقل عدد أعضاء الاجتماع عن 350 فالاجتماع صحيح".
ونحن من جهتنا نكتفي بعرض ما قاله كبار رجال القانون، وندعو رئيس الجمهورية الأستاذ الدكتور محمد مرسي أن يمارس دوره ويحمي الثورة ويحمي الشرعية، وعلي القلة التي تتلاعب بها عناصر الفلول مثل نجيب ساويرس أن تعلم أن من بيدهم الشرعية الآن هم العمود الفقري للثورة المصرية وللدولة المصرية، ويخطئ كثيرا من يتصورون أن هذا العمود يمكن كسره، لأن مصر لن تنكسر، كما أن النظرة الطائفية التي يحاول السيد ساويرس أن يحييها سقطت والي الأبد لأن أهل مصر في رباط إلي يوم الدين، وكان الأجدي بساويرس أن يذهب للنائب العام يبرئ نفسه من عشرات البلاغات المقدمة ضده أولا ثم يكلمنا في أمور السياسة، لكن يبدو أن له أجندة أخرى عكستها تصريحاته التي يحاول من خلالها تقسيم أبناء الوطن علي أساس طائفي.. وهذا مرفوض نحن كلنا مصريون بنينا حضارة عربية إسلامية معا ونعرف كيف نحميها. -*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*- شاهد.. الفقية الدستوري ثروت بدوي يقول: قرار الرئيس سليم بنسبة 100% -*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*- [email protected]