فيما لا تزال الأوساط النيابية والسياسية في الكويت تنتظر إعلان قبول استقالة الحكومة - والتي من المتوقع إعلان قبولها مطلع الأسبوع القادم - وصدور مرسوم تكليف رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك بإعادة تشكيلها من جديد ، ذكرت مصادر في كتلة نواب الأغلبية أن الكتلة تسعى لإبرام اتفاق ودي مع الشيخ جابر المبارك لدعم حكومته المقبلة والتوقف عن تقديم المزيد من الاستجوابات للوزراء نظير التعهد بدعم توجهات الكتلة نحو إجراء تعديلات على الدستور وعلى اللائحة الداخلية للمجلس وعلى قانون المحكمة الدستورية. وأفادت المصادر بأن رسالة قد أبلغت للحكومة من الأغلبية بتوفر مرونة لتأجيل حل مجلس 2009 بضعة أسابيع حتى لا تقع الانتخابات المقبلة وبعد صدور مرسوم الحل والدعوة إلى الانتخابات خلال فترة الصيف الحارة ، شريطة تقديم تأكيدات بحل مجلس 2009 وعدم عقد أية جلسات له بعد حله سابقا من أمير الكويت ورفض الشعب استمراره.
وأوضحت أنه ستتم إعادة توزير 90 % من الوزراء الحاليين وسيكون التغيير طفيفا للغاية ، وأن الحكومة المقبلة ستكون حكومة عبور نفق الأزمة الدستورية وبعدها سيتم حلها فور إعلان النتائج الانتخابية.
وتواجه الحكومة صعوبة بالغة في تحديد الوزير "المحلل" في الحكومة بعد إعتذار أربعة نواب عن القبول بالمنصب مؤقتا ، حيث اشترط البعض الاستمرار في الحكومة المقبلة وعدم خوض الانتخابات باعتبار منصبه الوزاري مضمونا.
وأشارت مصادر نيابية مطلعة لصحيفة (الشاهد) إلى أن مرسوم حل مجلس 2009 من الممكن أن يصدر في منتصف شهر أغسطس المقبل على أن تجرى الانتخابات النيابية قبل نهاية شهرين من تاريخ صدور مرسوم الحل لتتزامن مع منتصف شهر أكتوبر تقريبا ، موضحة أنه بعد أداء الحكومة الجديدة لليمين الدستورية أمام المجلس من الممكن أن يعطل أعماله إلى ما بعد عيد الفطر ، ومن ثم يصدر مرسوم الحل والدعوة لانتخابات نيابية جديدة.
وأكد الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي لصحيفة "الرأي" أن الأثر المباشر لعدم اكتمال النصاب هو عدم إمكان عقد جلسة من جلسات مجلس الأمة ، وبالتالي يحق لرئيس مجلس الأمة أن يبلغ أمير البلاد بذلك لاتخاذ ما يراه مناسبا.
وأوضح الخبير أنه لا يوجد نص يلزم بذلك ، ولكن يعتبر ذلك من الحكمة وشكلا من أشكال الحصافة السياسية ولكي يكون الأمير مطلعا على الواقع بشكل مباشر .. مشيرا إلى أنه لا توجد قاعدة محددة يمكن تحديد أن المجلس غير قادر على الانعقاد ، والأحوط هو قيام رئيس المجلس بالدعوة مرات عدة للانعقاد حتى يكون الاستنتاج واقعيا وواضحا للعيان بعدم رغبة النواب في عقد جلساته ، وأن الأثر غير المباشر على عدم قدرة المجلس على الانعقاد ، هو أن يصبح من الجائز رفع مرسوم حل إلى الأمير من قبل الحكومة ، ويكون السبب في الحل عدم قدرة المجلس على الانعقاد.
وأشارت مصادر نيابية إلى أن نواب كتلة الأغلبية النيابية اشترطوا على من يريد الدخول ضمن كتلتهم أثناء الحملة الانتخابية ، بأن يتعهد بالالتزام بإجبار الحكومة المقبلة على أن تشكل من الأغلبية وعدم إشغال المجلس المقبل في قضايا هامشية ، وأن تكون أولى أولوياتهم التعديلات الدستورية التي تضمن نظاما برلمانيا متكاملا وإلغاء ما يسمى بالسيادة ، ويعكف حاليا نواب الأغلبية على إعداد بيان بهذا الشأن للتوقيع عليه من كل مرشح يريد الدخول تحت مظلة الأغلبية.
وأعرب النائب الدكتور وليد الطبطبائي عن أمله من القيادة السياسية قراءة مطالب ساحة الإرادة بإيجابية والمبادرة لتبني مشروع تعديلات دستورية تعطي مجلس الأمة صلاحيات وضمانات أكبر.
ودعا إلى العمل فورا بنظام برلماني كامل يتضمن حكومة غالبيتها من الأغلبية البرلمانية ، والسعي لإجراء تعديلات دستورية تمنح المجلس صلاحيات وضمانات أكبر .. لافتا إلى أن البعض يتعمد تشويه مطالب الأغلبية ، ونحن نعيدها حتى لا يحدث لبس.
وأكد رفض العبث بالدوائر الانتخابية وآليات التصويت .. مشيرا إلى أن أبرز التعديلات الدستورية التي تنادي بها كتلة الأغلبية ، هى حصول الحكومة على ثقة مسبقة من مجلس الأمة ، وعدم جواز تصويت الوزراء بالمجلس ، وألا يكون هناك حل لمجلس الأمة إلا بعد مرور سنتين على الأقل من عمله.
كما تسعى كتلة الأغلبية لترتيب قرار مشترك لجميع القبائل التي يمثلها نواب في مجلس 2012 المبطل ، بحيث يتم التجديد من قبل القبائل للأعضاء الحاليين لخوض الانتخابات المقبلة دون خوض انتخابات فرعية جديدة للتصفية بين أبناء القبائل لنزول الانتخابات ، باعتبار أن هؤلاء الأعضاء لم يستفيدوا من عضويتهم القصيرة التي لم تتجاوز أربعة أشهر ، بل أن بعضهم لم يحظ حتى على لقب عضو مجلس أمة ، وسيتم عقد اجتماع بين تنسيقية الأغلبية وبعض الرموز والشخصيات في القبائل ، بعد صدور مرسوم الدعوة للانتخابات المقبلة ، لهذا الغرض ، أو أن يتم تزكية نفس أعضاء مجلس 2012 للمرة الثانية لخوض الانتخابات من أجل إنصافهم.
من جديد ، عادت كتلة العمل الوطني في مجلس 2009 للدفاع عن الثوابت الدستورية ، وأكدت في بيان شديد اللهجة أصدرته أمس أن الاحتكام إلى الدستور وإرساء سيادة القانون هو طوق النجاة من كل الأزمات .. مشددة في الوقت ذاته على أن رفض نفاذ أحكام القضاء هو انقلاب على الدستور وحرق للبلد.
وعبرت الكتلة عن دهشتها لمفارقة إصرار مدعي الدفاع عن الدستور على الحل غير الدستوري ، وقالت إن ما يثير الاستغراب هو استمرار التصعيد رغم إجماع التيارات السياسية والكتل النيابية باختلاف توجهاتها على حتمية حل مجلس 2009 بأسرع وقت ممكن ، وما يثير القلق هو تنامي موجة التشكيك في القضاء ونفي شرعية حكم المحكمة الدستورية ، برزت منها مطالبة مجلس القضاء بالتدخل لتغيير الحكم ، وهى مطالبة غريبة كونها تخالف الدستور الذي نص على أنه لا سلطان لأية جهة على القاضي في قضائه ، وسافرة مؤداها إقحام مجلس القضاء كطرف في الصراعات السياسية ، وهى مطالبة تنم عن نهج اعتاد الزحف على صلاحيات السلطات.