بدت أول فرصة لاحت للمصريين لاختيار زعيمهم بحرية مثل كأس مسمومة بعد ان أرهقتهم فترة مضطربة تولى خلالها الجيش ادارة شؤون البلاد في غياب وجود رئيس. واصطف الناخبون في طوابير للإدلاء بأصواتهم في انتخابات لا يعرف أحد نتيجتها تنهي خمسة ألاف عام من الحكم الشمولي من عهد الفراعنة وحتى حسني مبارك لكن كثيرين منهم بدوا في حيرة من أمرهم من الاختيار المتاح أمامهم تنتابهم مخاوف بشأن المستقبل.
قال علي حلمي (26 عاما) وهو يحاول تحديد اختياره قبل ان يتقدم الى مركز اقتراع في القاهرة اليوم الأربعاء "لقد أصابوني بالحيرة"، وأضاف "أعتقد ان أبو الفتوح وموسى اختيار جيد لكن عندما أقول أنني سأصوت لابو الفتوح يقول الناس انه من الاخوان لكنه يخفي ذلك، وعندما أقول سأختار موسى اسمع الناس يقولون انه من فلول النظام القديم، والله لقد تعبت".
ومازالت مشاعر الارتياح للإطاحة بمبارك في العام الماضي بعد 30 عاما في السلطة باقية بين المصريين الذين لم يعرف معظمهم زعيما آخر، ولا يخفي كثيرون منهم مشاعرهم عند التصويت ويصف البعض ذلك"بالمعجزة" و"الحلم"، لكن الأمل تبدد في أن تجلب الديمقراطية نهاية سريعة للفقر والظلم والحكم الفاسد.
الفائز في الانتخابات الذي من المرجح ان يخوض جولة إعادة تجري بين الاثنين اللذين يحصلان على أعلى الأصوات في يونيو لن يعرف مدى سلطاته لفترة قد تمتد عدة أشهر بسبب معضلة دستورية.
وقد لا يخفف تحسن أداء الاقتصاد المتعثر من أزمة العجز في ميزان المدفوعات بدون مساعدة المانحين الأجانب وخلافات سياسية أخرت معظم المساعدات الخارجية.
وتعاني مؤسسات الدولة التي أضعفها مبارك بينما تحتدم الخلافات بين الاسلاميين والليبراليين وأولئك الذين يشعرون بالحنين لعهد مبارك.
ويشعر الناخبون بالسعادة لأنهم يعلمون أن أصواتهم لها قيمة اخيرا لكن كثيرين منهم بدوا مصممين على عرقلة المرشحين الذين يرون أنهم يمثلون تهديدا بدلا من اختيار أي شخص يجسد آمالهم.
وقالت امرأة غير محجبة وهي تشير الى مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي "إنني أريد حريتي قبل أي شيء آخر، لقد أتيت الى هنا للتصويت لأي شخص غير مرسي."
ويريد محمد عفيفي (53 عاما) وهو مدرس في قرية شيبا الزراعية خارج الزقازيق بدلتا النيل إبعاد المرشحين العلمانيين احمد شفيق وعمرو موسى، وقال "انني أدلى بصوتي اولا وقبل كل شيء ضد الاثنين."
بدا الإقبال على التصويت في اليوم الأول أقل مما كان عليه في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الفترة بين نوفمبر ويناير وأثمرت عن مجلس يسيطر عليه الإسلاميون الذين اختلفوا منذ ذلك الحين مع الحكومة المدعومة من الجيش.
قال محمود مجدي البالغ من العمر 36 عاما "الإسلاميون أصابوا الناس بالذعر" وأضاف "لم يفعلوا شيئا بعد ان وصلوا الى البرلمان ولذلك لا نعلم ما الذي سيفعلونه اذا حصلوا على كل شيء. وهذا هو السبب في ان الكثير من الناخبين لا يعرفون ماذا يفعلون."
وبالنسبة لبعض الناخبين يبدو عمرو موسى وهو ليبرالي ووزير سابق للخارجية الأفضل لتحقيق مصالحة بين القوى السياسية في مصر بدرجة كافية تتيح تشكيل حكومة فعالة.
واختار آخرون عبد المنعم أبو الفتوح الذي تودد الى السلفيين المتطرفين والليبراليين منذ ان طرد من جماعة الإخوان لخوضه سباق الرئاسة.
ولم يسلم أي مرشح يحتل مكانة متقدمة من شائعات ليس لها سند مما ترك الناخبين في حيرة.
ومن بين هذه الشائعات أن أبو الفتوح مازال مواليا للإخوان سرا وان مرسي مجرد دمية لقيادة الإخوان وموسى يتناول الخمور التي يحظرها الإسلام، وأدى شريط فيديو قديم للمرشح اليساري حمدين صباحي وهو يمتدح الرئيس العراقي السابق صدام حسين الى إثارة الحديث عن تحالفاته السابقة الغامضة.
ومع استحالة التنبوء بالنتيجة فان السياسات والمواقف للمرشحين تحتل مكانة متأخرة في استراتيجية التصويت في المناقشات التي تدور خارج مراكز الاقتراع.
ويتحدث الليبراليون الذين يروجون للحريات الشخصية والاقباط الذين يخشون قيام دولة دينية عن فرص الإخوان المسلمين في تحقيق فوز كاسح لمرسي.
ويخشى مؤيدو الإسلاميين والثوريين الشبان الذين قادوا الانتفاضة ضد مبارك من ان يحاول الجيش تحويل التصويت لصالح شفيق أخر رئيس وزراء في عهد مبارك كمقدمة للقضاء على الإصلاحات السياسية التي تحققت.
وقال مؤيدو شفيق وهو قائد سابق للقوات الجوية انه سيجلب حالة من الانضباط ذات الطابع العسكري لمصر لكن اخرين ممن يريدون إنهاء الفوضى يخشون من رد فعل عكسي ضد فوز شفيق يمكن ان يدفع البلاد الى الفوضى، وأدى إحساس كثيرين بأنهم سيختارون الأقل سوءا الى شعورهم بعدم الارتياح.
وقال جوهر مصطفى (50 عاما) انه صوت لمرسي لكن دون اقتناع،وأضاف مصطفى الذي يعمل فني معادن "لقد حددت اختياري فقط عندمااتيت وهذا ما حدث لا اتوقع أي شيء منه".