كتب أستاذ الفلسفة الإسلامية د. عادل بدر قصيدة من وحي الثورة وقال بمقدمتها: "رأيت بلادي وهي تبكي حزينة ، لتسكب علي الأرض الدموع من طول ما كابدت من الظلم وعانت من ويلات القهر والسلب والنهب وقمع الحريات ، فانتفضت كالمارد الذي خرج من قمقمه علي يد شبابها طائحاً برموز الفساد والقهر واسقاط الطاغوت . فما اروع ان يعلمنا شباب بلادنا معني الحياة علي أوتار الحرية والضجر ... والكلمات التالية إلي شباب بلادي الابطال وشهدائها الابرار ، هي من وحي هذه الأيام الخالدة في تاريخ مصرنا المعاصرة ". برق ثم برق ثم برق ومطر يهطل غزيراً علي أديم النَهْر كل حبة تقطر بشراً فكل شىءٍ شلالات بشرْ أطفال وشباب وشيوخ ونساء هطلوا من كل قرية ونجع وحضرْ بشر ... بشر ...بشر الحصي بشر ... ذرات الرمال بشر ، الهواء ينادي بشرْ بشرْ شلالات بشرْ... تجرف في هديرها زمان قهرٍ ... زمان ذلٍ ... زمان ظلامٍ ... زمان طغي وكفرْ. شلالات بشرْ... تنفجر في أعماقها ثورة الحياة ... ثورة القدرْ شلالات بشرْ... تكتب بحبر الدماء علي الأوراق .. علي وجه الثري .. فوق أديم السماء .. علي صفحة التاريخ .. علي روح النيل الغالي معزوفة القدر ... قدٌر ... قٌدر...قٌدر قٌدر التاريخ عندما يهب تمرداً ، ويقتلع من جذورها الشجر... شجر الدمامة والحقارة والكدر شجر لوجوه صنمية تحتضر وجوه ملّ منها الثري ..ملّت منها الحياة وضجر القدرْ محنطةُ تلبس من الحياة وجه التثاؤب واصفرار الأوراق في الشجر ... بشرُ... بشرُ... بشرْ تصرخ جميعاً بصوت هادر منفجر: إرحل يا زمن الدعارة والنخاسة والعهر إرحل يا وجه الشيطان إذا ما اشتاط واستعرْ إرحل يا صنم الغباوة والتفاهة يا وجه الحجرْ قدرُ...قدرُ ...قدرْ أن تنام بلادى على الضيم زماناً ولكنها أبداً لا تموت ترخى جناحيها وهي حزينة ومعزف أيامها جهيد صموت تزرع في الصمت بذور هبوبها وتغزل بآلامها عزم الجبروت فلن تعرف بلادى بعد اليوم لغة السكوت لن ترسف روحى فى قيد الضنى ولن تئن راية بلادي من الخفوت رايتها التي كلما رفرفت علي نيلها الغالى عزيزة ... كبلتها خيوط العنكبوت فانخطفت روحي ، وغام الفضا وتحدرت من مقلتي الدموع يا شمس بلادي أما لك اليوم من رجوع ؟! يا بنىّ المكلوم من حرق الأسى : قد تنحجب شمسى يوماً ولكنها أبداً لا تغيب قسماً بمحمد وعيسى ... قسماً بدم الشهيد الوليد لن تغيب شمس بلادي لا لن تغيب ... ولو نزف علي ثراها ألف شهيد وشهيد ... فالموت عتبة المجد إلى العلي ، والموت براق الحق نحو الخلود . قسما لن تغيب شمس بلادي أبداً لن تغيب ولو ارتفع في كل لحظة ألف شهيد وشهيد فيا بلادي أنت مهد العلي ... مهد الحياة وأنت للدنيا صباحها الجديد أنت فجر تفتق نوره ثورة حب تغني معزوفة الخلود أتذكرين .. منذ عشرين عاماً يا بلادى ناديت شعبك بصوت يعصره الألم بصوت يخنقه السقم : " شعب ضحلت ينابيع الفكر فيه وانطوى نغمه مخدر الأعصاب دميم الرؤي يشرب من يأس ألمه " وكنت أري كل غصن فيك وجه طفل يتيم يقتات من حرق الأسي ويبيت علي مهد الهموم تعصره أنات الجوي تطارده كلاب الجحيم وكنت أرى أرضك يباباً تنعب فيه غربان الموت وتعبث بنيلك أطياف الموت ورأيتك بوراً رحل الأحياء عنها وامتطي الغم بواديها أما سمعت بكاء أطفالها وأجراس النحيب فيها أما سمعت آلام شيوخها وراء الليل تبكي وتُبكيها أما دقت صرخاتي في روعك يوماً ونحيبي يغنيها : إنزعي الأكفان عنك يا أمي وإلى الجحيم فارميها ... إرميها واجمعي جماجم الموتي من قبورنا وانفخي لهيب الحياة فيها تهب هاتفةً يا أم الدنى أين أنت من الدنيا وما فيها أين روحك الوقاد يختال علي الكون عطراً وزهواً وتيها صاحت بلادي هادرةً في لسان شبابها : أيها الطاغوت سفّكت دمائى وعصرت صهباء عمري وقتّلت أبنائي وصرخت أمتي وقد تحجر الدمع في ماّقيها : أيها الطاغوت الذي عاث قهراً في أحشاء بلادي أيها الطاغوت الذي فجر نار الحقد في فؤادى واقتلع جذور الحياة من منابتها واحتسي حتي الدموع من مآقيها وكسر أحلام شبابي في مهودها واغتال عليل أنسامي في روابيها لقد خرج من قمقمه ماردى فإليك كؤوس الذل تشربها وإليك أنهار السم تحسوها أيها الطاغوت الذي تحطم عوده ما عاد يجدي أن تحيا في أراضيها فارحل عن أديم أرضي منتبذاً قبل أن تذروك للجحيم سوافيها أو ما سمعت نداء الحق يجلجل في أفواه ثائريها الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر الله أكبر ينادي المنادي الله أكبر انتفضت بلادي الله أكبر يا شباب بلادي الله أكبر يا شعب بلادي لن تغيب شمس أمتي أبداً ولن تغيب شمس فؤادي