أ ش أ- يناقش المؤتمر المصرفي العربي لعام 2012 الذى تبدأ اجتماعاته بأبو ظبي غدا الأربعاء عناصر وأسس الأمن الاقتصادى العربى وسبل دعم وتعزيز العمل العربى المشترك مع النظر الى التحديات التى تواجه قطاعات الاستثمار والمال العربية-العربية وآفاقها المستقبلية. ويعقد المؤتمر فى ظروف بالغة التعقيد فى العالم العربى والتى تفرض تحديات كبيرة تحتاج الى استراتيجية مالية تأخذ فى الاعتبار مخاطر المراحل الانتقالية للثورات العربية وتوابعها .
فقد قدر مسؤلون باتحاد المصارف العربية خسائر الاقتصاد فى دول الربيع العربى بنحو 55 مليار دولار بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية منذ مطلع العام الماضى / 2011 / ،حيث شهدت المنطقة العربية بشكل عام انخفاضا فى نسب النمو نتيجة التطورات السياسية التى تشهدها الدول العربية خاصة فى دول الربيع العربى .
ويشارك فى المؤتمر الذى ينظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع مصرف الإمارات المركزى وجمعية مصارف الإمارات والاتحاد الدولى للمصرفيين العرب وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية وزراء الاقتصاد والتجارة والمال وحكام المصارف المركزية العرب إضافة الى قيادات المؤسسات المصرفية والمالية والاقتصادية العربية والدولية .
ويأتى المؤتمر الذى يستمر يومين فى إطار استراتيجية الاتحاد لعام 2012 والهادفة الى مقاربة انعكاسات التحولات العربية وحصر الأضرار وتحريك مسألة التضامن الاقتصادى العربى لوضع الآليات والخطط للحد من التداعيات وترسيخ علاقات عربية عربية تحفظ الأمن الاقتصادى لجميع الدول العربية .
كما يأتى بعد ثورات الربيع العربى التى احدثت اختلالات هيكلية من الناحية الاقتصادية فى العديد من البلدان التى ضربتها رياح الثورات وأصبحت تعوق أية التزامات يمكن اتخاذها لإنعاش خطط التكامل الاقتصادى .
ويشير الخبراء الاقتصاديون الى ضرورة اقامة صندوق تمويل عربى تدعمه الدول العربية الغنية على غرار مشروع مارشال الذى أقامته الولاياتالمتحدة قديما لإعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وذلك لإعادة إعمار الدول التى ضربتها رياح الثورات لان هذا يمكن ان يحقق استقرارا سياسيا فى هذه الدول بالإضافة الى توافق من الدول الغنية معها حول طبيعة هذا الاستقرار السياسى ومتطلبات استمراره فى المستقبل .
ويرى المحللون أن الوحدة الاقتصادية بين الدول العربية لا تتأتى إلا بإزالة كل المعوقات التى تمنع او تحد من انسياب رؤوس الاموال والسلع بين الدول حيث توجد نحو480 مؤسسة مصرفية عاملة فى الوطن العربى تدير موجودات تربو على 780 مليار دولار ولديها ودائع تزيد على 478 مليار وتمتلك قاعدة حقوق ملكية تفوق 71 مليار وموجودات خارجية تناهز 184 مليار بالإضافة الى ان المصارف العربية تقرض ما قيمته 365 مليار دولار وتمثل محفظة القروض والتسليفات ما نسبته 77% من إجمالى ودائع العملاء و47 %من الموجودات الإجمالية.
وفى هذا الصدد ، توقع بعض خبراء الاقتصاد فى المؤسسات المالية الإقليمية والعالمية ان تصل حجم الأموال التى تحتاجها المنطقة العربية لتطوير البنية التحتية من 50 مليار دولار سنويا الى 80 مليار حتى عام 2020 عقب الدمار الذى خلفته بعض أحداث الربيع العربى ليرتفع حجم الأموال المطلوبة من 450 مليار دولار كانت متوقعة قبل اندلاع الثورات الى 700 مليار دولار .
كما تواجه المصارف التقليدية تصاعدا فى السيولة لديها فتضغط على مراكزها الربحية فى حين انها لا تستطيع مباشرة توظيف الفائض لان آجال الودائع قصيرة وذلك بالرغم من ان الاستخدامات الاستثمارية تحتاج الى اموال ذات آجال متوسطة وطويلة لعدة سنوات قبل ان يستردها المصرف ولكن هناك تجارب ناجحة فى العالم العربى عبرت هذه الثغرة ويمكن الاسترشاد بها وتعميمها .
ويرى المحللون ضرورة إعادة إطلاق المشروع التكاملى العربى على أسس أكثر صلابة وواقعية بشراكة حقيقية بين القطاع الخاص والحكومات العربية والتوافق مع ما تم تحقيقه من انجازات خاصة دور القطاع الخاص العربى فى التنمية والتكامل الاقتصادى حيث يأتى التزام هذا القطاع بتخطيط وتمويل وتنفيذ المشروع الموكل اليه .
وأكد أمين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح ضرورة قيام الاتحاد بمضاعفة جهوده لمواجهة آثار التطورات التى جرت ولا تزال تجرى فى عدد من الدول العربية وأثرت بشكل او بآخر على اداء القطاعات الاقتصادية والمالية والمصرفية وذلك من خلال العديد من المؤتمرات واللقاءات لتحقيق المزيد من الانفتاح العربى البينى والعمل على تطوير الفكر المالى العربى والصناعة المصرفية العربية على أسس سليمة ومستدامة .
وفى هذا الصدد، دعا المحللون الأنظمة المصرفية العربية الى الاستعداد الجاد للتعامل مع المستجدات المتوقعة لتطوير أدائها والتعامل مع المتغيرات المتسارعة لتحديات التحرر والتطورات المصرفية واستخدامات التجارة الالكترونية وذلك بتهيئة مناخ الاستثمار الذى يعتمد على دور المؤسسات الرقابية وعلى تطور التشريعات المصرفية والمالية بالإضافة الى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى هذا الشأن.
وأشاروا إلى أن حجم عدد من القطاعات المصرفية العربية يتجاوز الاقتصاديات التى تعمل فيها ولهذا جاءت دعوة السلطات العربية الى سن التشريعات الكفيلة لتشجيع المصارف فى دولها على التوسع اقليميا وعلى الاندماج والتملك عبر الحدود وتكوين تحالفات استراتيجية فى خطوة لتعزيز عملية النمو العضوى او الذاتى للمصارف العربية.
ويمكن ايضا إمكانية تنشيط التكامل بين دول الربيع العربي بعد عودة الاستقرار السياسى بها حيث ان هذا التوافق الجديد يضمن تنفيذ آلياته التى تقوم على تلبية رغبات الشعوب لا الحكومات وهذا ايضا يقتضى مراجعة جذرية لفلسفة التكامل الاقتصادى من ناحية وخططه من ناحية آخرى .
وعلى الرغم من التحديات التى تواجهها المصارف العربية ، إلا انها تتمتع بقدرات مادية وبشرية كركيزة تؤهلها بدور دولى تكون فيه شريكا اساسيا فى صنع القرارات النقدية والمالية كما ان الوطن العربى يتمتع بموقع جغرافي واستراتيجي مهم على الخارطة الاقتصادية المالية ولديه اكثر من نصف مخزون العالم من النفط والغاز والمياه .
وأكد جوزف طربيه رئيس الاتحاد الدولى للمصرفيين العرب ان المصارف العربية أثبتت خلال الأزمة المالية والمصرفية العالمية الأخيرة قدرتها على تحمل الصدمات التى تسببت بها الأزمات المتلاحقة بل ان هذه المصارف اضطلعت أحيانا بدور المسعف لعدد من مصارف الغرب التى تورطت بأصول باتت فيما بعد غير قابلة للتداول فى الأسواق العالمية .
كما شهد الجهاز المصرفي العربي عملية تكامل واسعة خلال العقد الماضى بما يؤدى بالضرورة الى تأثير متبادل لأي أحداث سياسية أو اقتصادية تؤثر على بلدان المنطقة.
ويرى المحللون ان الدول العربية ليست فى حاجة الى صناديق تمويل جديدة لان هناك ما يكفى منها ولكن الحل يكمن فى تفعيل الموجودة منها وذلك من خلال زيادة مواردها للتمويل .