قال خبراء محليون ودوليون أن ظهور سلالة جديدة من مرض الحمى القلاعية في مصر قد أدى إلى مقتل آلاف من رؤوس الماشية، وعرض سبل عيش المزارعين للخطر، كما أنه قد يشكل تهديداً للأمن الغذائي الإقليمي بأكمله. وفي هذا السياق، دعت منظمة لأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في 22 مارس إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة للسيطرة على مرض الحمى القلاعية قبل تفشيه على نطاق واسع، ومنع انتشاره في جميع أنحاء شمال أفريقيا والشرق الأوسط؛ الأمر الذي قد تكون له تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي في المنطقة". وحسب محمد الفلو، وهو مسؤول بيطري في قرية ساويرس بمحافظة القليوبية، التي تدخل ضمن الإطار الجغرافي لمحافظة القاهرة الكبرى، "إذا تسبب الفيروس في نفوق عددً أكبر من الماشية، فإن ذلك سيؤدى إلى تفاقم المعاناة الاقتصادية لعدد كبير من الناس، ولايمكن أن تكتفي الحكومة بمجرد الكلام وترك المزارعين يواجهون هذه المأساة بمفردهم". ويصيب فيروس الحمى القلاعية الحيوانات مشقوقة الظلف، خاصة الأبقار والأغنام والماعز والخنازير، ويسبب نقصاً خطيراً في الإنتاج. وقد أدى المرض إلى نفوق 8,355 حيواناً وإصابة 54,137 حتى الآن، معظمها من العجول، حسب فرج، مساعد وزير الصحة المصري لشؤون الطب البيطري. وتقول منظمة الفاو أن هذا المرض يعرض 6,3 جاموسة وبقرة، و7,5 مليون من الأغنام والماعز في مصر للخطر. وأضاف مساعد وزير الصحة أن جهود التطعيم مستمرة، وأن الأطباء البيطريين يقومون بزيارة مزارع الماشية في جميع أنحاء البلاد لتطعيم الماشية، وينصحون المزارعين بفصل قطعان الماشية والحيوانات الأخرى عن بعضها لمنع انتشار الفيروس. غير أن سعيد بيومي، وهو طبيب بيطري من القليوبية، أفاد أن الحكومة تستخدم لقاحات قديمة قد لا تكون فعالة. ويعتمد حوالي 90 بالمائة من سكان قرية ساويرس البالغ عددهم 4,000 نسمة على الماشية لتوفير اللحوم والحليب. وهو ما جعل عبد الحليم عبد السلام، وهو مزارع من ساويرس في العقد الخامس من العمر، يتساءل قائلاً: "أي مستقبل ينتظرني أنا وعائلتي في الوقت الذي يقضي فيه المرض على مواشينا الواحدة تلو الآخرى؟ هذه الأبقار هي مصدر دخلنا الوحيد، وموتها يعرض مستقبل الأسرة بأكملها للخطر". وكان عبد السلام قد فقد أربعة من أبقاره الثمانية منذ شهر فبراير الماضي، وأصبحت البقرات الأربع المتبقيات تنتجن كمية أقل من الحليب مما أدى إلى انخفاض دخله الأسبوعي من 700 جنيه مصري (116 دولاراً) إلى حوالي 300 (50 دولاراً)، مما يجعل إطعام أسرته أمراً في غاية الصعوبة. وأضاف عبد السلام: "قبل أن يتسبب هذا المرض في نفوق الماشية، كنا نستطيع على الأقل تناول الطعام وتسديد الديون، ولكن هذا لم يعد أمراً سهلاً الآن ... لم يتبق لدي سوى أربع بقرات فقط، وإذا قضى عليها الفيروس، سنموت أنا وأولادي جوعاً في أسوأ الأحوال، أو نلجأ إلى التسول في أحسنها".