دمشق: تتوالى ردود الفعل الدولية المنددة بالهجومين الانتحاريين اللذين استهدفا المقرات الأمنية في العاصمة السورية دمشق الجمعة ، مما أسفر عن سقوط 44 قتيلا وإصابة أكثر من 150 بجروح ، غداة وصول بعثة عربية الى العاصمة السورية تمهيدا لوصول المراقبين. وبدوره ، أدان مجلس الأمن الدولي الجمعة الهجومين الانتحاريين ، مؤكدا أن الأعمال الإرهابية لا يمكن تبريرها. وبعث المجلس بتعازيه لأسر الضحايا، وليس للحكومة السورية، لكنه لم يتغلب علي الخلافات بين أعضائه حول الموقف الذي ينبغي اتخاذه حيال عمليات قمع الاحتجاجات في سوريا.
ولم يتفق أعضاء مجلس الأمن على بيان صاغته روسيا يرحب بنشر مراقبي الجامعة العربية ويدعو طرفي النزاع إلى توخي ضبط النفس.
وقالت الدول الغربية إن البيان غير متوازن، لأنه لا يتطرق إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي تقترفها الحكومة السورية.
ووصف المندوب الألماني بيتر ويتيج مشروع القرار بأنه "غير كاف"، في حين اتهم نظيره الروسي فيتالي تشوركين الغرب بمحاولة تغيير مشروع القرار بما يتماشى مع خططه لتغيير النظام الحاكم في دمشق.
حرب أهلية ومن جانبها ، قالت الولاياتالمتحدة إنها تدين التفجيرين الانتحاريين "بأقصى قوة".. حيث إن لا شيء على الإطلاق يمكن أن يبرر الارهاب. ومع ذلك اعتبرت واشنطن أن "لا ينبغي لهذين الحادثين أن يعيقا مهمة بعثة المراقبين العرب التي تتقصى الحقائق بشأن قمع حركة الاحتجاج في سوريا". بدورها، أعربت فرنسا عن قلقها من خطر الانزلاق إلى حرب أهلية في سوريا يقود إليها النظام، مجددة تمسكها بالطابع السلمي للنزاع في هذا البلد.
وقالت الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحفي "كما سبق وقلنا في أكثر من مناسبة، نحن نتمسك بالطابع السلمي للحركة الاحتجاجية، ونحن قلقون من الانزلاق إلى حرب أهلية حقيقية يقود إليها القمع الدموي والأعمى الذي يقوم به النظام". وأضافت انه "إزاء هذا الوضع، على الأسرة الدولية أن تتحمل مسؤولياتها اليوم أكثر مما مضى"، مشيرة إلى أنه "من الملحّ اليوم القيام بكل ما يمكن في مجلس الأمن والمحافل الدولية، لوقف هذا القمع العنيف والوحشي". وفي بريطانيا ، أدان وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط ألستير بيرت التفجيرين اللذين وقعا في وسط العاصمة السورية دمشق الجمعة، وأسف للخسائر في الأرواح والإصابات الناجمة عنهما. وقال بيرت "ما زلت قلقاً إزاء الوضع في سوريا ومن أي شيء يفاقمه بصورة أكبر، وهناك حاجة إلى وضع حد فوري للعنف في سوريا من أجل الشعب السوري بعد وقوع الكثير من الوفيات والمعاناة". ومن أوتاوا نددت الحكومة الكندية بأعمال العنف في سوريا ودانت التفجيرين في دمشق.
من جهتها اعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان نشر على موقعها الرسمي يوم الجمعة عن ادانة موسكو الحازمة للعملية الارهابية الاخيرة في دمشق وقالت انها تعول على ان مراقبي جامعة الدول العربية الذين وصلو دمشق توا سيعطون تقييما موضوعيا لهذه العملية الارهابية . وجاء في البيان ان موسكو تعرب عن "الادانة الحازمة لهذه الهجمة الارهابية الهمجية التي ادت الى مقتل العديد من البرياء"، معربة عن تعازيها العميقة لذوي الشهداء وتعاطفها مع المصابين وعائلاتهم.
وقالت الخارجية في بيانها: "نضطر للتأكيد على ان القوى المتطرفة التي تمتنع عن التوصل الى تسوية داخلية سورية عبر حوار وطني بمشاركة السلطة والمعارضة، تعتمد على بلوغ اهدافها عبر اشعال مجابهة واستفزازات مسلحة موجهة ضد مؤسسات الدولة والسكان المدنيين، بمن فيهم النساء والاطفال". الحل العربي وفي سياق ردود الفعل العربية ، أدان الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان في اتصال هاتفي مع الرئيس السوري بشار الأسد، تفجيري دمشق، معتبراً أنه يستهدف “خربطة الحل العربي”، بحسبما جاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية اللبنانية. وذكر البيان أن سليمان أجرى اتصالاً بالرئيس السوري “أدان في خلاله التفجير الإرهابي الذي وقع في العاصمة السورية”. وصدرت في بيروت العديد من المواقف التي تدين انفجار دمشق من وزراء ونواب وقوى سياسية لبنانية، معتبرين أنه يهدف إلى تقويض المساعي الجارية لحل الأزمة في سوريا. وطالبوا الجامعة العربية بالانتباه إلى خطورة مثل هذه الأعمال التي تريد النيل من سوريا ووحدتها ودورها. من جهته، أدان حزب الله اللبناني التفجيرين اللذين وقعا في دمشق، متهماً الولاياتالمتحدة التي وصفها "بأم الارهاب"، بالوقوف وراءهما، ووراء التفجيرات التي وقعت الاربعاء في بغداد، وذلك "انتقاماً لهزيمتها في العراق". وقال الحزب في بيان إن “الجريمة الإرهابية المروعة التي ارتكبها أعداء الإنسانية في دمشق قبل ظهر الجمعة تأتي بعد يوم واحد من التفجيرات المنسقة التي استهدفت بغداد والمدن العراقية الأخرى، ما يوحي بأن القوى المتضررة من الهزيمة الكبرى التي لحقت بالولاياتالمتحدة، وأدت إلى خروج قواتها ذليلة من العراق، بدأت بعملية انتقام دموية جبانة”. كما دان الاردن بشدة مساء الجمعة تفجيرات دمشق، معربا عن الامل في ان "يتوقف القتل ونزيف الدم وان تنفذ الاصلاحات المطلوبة فورا". وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الاردنية محمد الكايد ان "الاردن ومن منطلق موقفه المبدئي برفض وادانة الارهاب بكل صوره، يدين بشدة العمليتين الارهابيتين اللتين وقعتا في العاصمة السورية دمشق". واضاف الكايد في تصريحات اوردتها وكالة الانباء الاردنية الرسمية ان "الاردن يأمل باخلاص ان يعود الاستقرار والوئام والامان لسورية والامن لشعبها الشقيق وان يتوقف القتل ونزيف الدم هناك وان يتم تنفيذ الاصلاحات المطلوبة فورا". واعرب المسؤول الاردني عن "اعمق مشاعر التعزية لعائلات الضحايا الذين قضوا من جراء هذه الاعمال الارهابية وعن التمنيات للجرحى بالشفاء العاجل". هجومين انتحاريين
وكانت الداخلية السورية اعلنت مقتل 44 شخصا على الاقل واصابة 166 بجروح الجمعة في تفجيرين بسيارتين مفخختين نسبتهما الى تنظيم القاعدة. ووقع التفجيران في حي كفرسوسة حيث حاولت سيارة اقتحام مقر جهاز أمن الدولة بينما انفجرت سيارة أخرى أمام مبنى المخابرات في الحي نفسه. وأعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في موقع أحد الهجومين أن "الإرهاب أراد منذ اليوم الأول لعمل فريق الجامعة، أن يكون دموياً ومأساويا"، مبيناً أن "شعب سوريا سيواجه آلة القتل المدعومة أوروبيا وأميركياً ومن بعض الأطراف الأخرى".
ورداً على سؤال عن احتمال اتهام السلطات السورية من قبل معارضين بالوقوف وراء الانفجار، قال المقداد "هؤلاء مجرمون ومن سيقول ذلك سيكون مجرماً وسيكون داعماً أساسيا للإرهاب والقتل". وأظهر التلفزيون السوري الرسمي لقطات لرجال إسعاف وهم يغطون الجثث والدخان يتصاعد من المباني التي يكسوها السواد وبقايا السيارتين سبب الانفجارين. من جانبها، قالت المعارضة السورية إن الهجومين كانا من تدبير النظام السوري لتبرير قمع الاحتجاجات ، مضيفة أن السلطات أرادت إرسال رسالة إلى بعثة المراقبين مفادها أن الجماعات المسلحة تنشط بقوة في البلاد. يذكر أن المهمة التي سيضطلع بها مراقبو الجامعة العربية تتلخص في التأكد من التزام السلطات السورية بمبادرة الجامعة التي تنص على انسحاب قطعات الجيش السوري من المدن بهدف وضع حد للعنف.
وفي وقت سابق، أعلنت الأممالمتحدة أن أكثر من 5000 سوري قتلوا واعتقل عدد أكبر منذ اندلاع الاحتجاجات في سورية في مارس / آذار الماضي.
بدوره، قال جهاد المقدسي الناطق باسم وزارة الخارجية السورية ل "بي بي سي" إن لبنان أحاطت الحكومة السورية علما قبل يومين بأن مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة قد تسربت إلى داخل الأراضي السورية من خلال عرسال الحدودية اللبنانية، على حد قوله.