عمان: عكست تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وتأكيداته بأن "لا أحد فوق القانون ولا حصانة لأي أحد" وما تبعها من توقيف شخصيات أردنية نافذة على ذمة قضايا فساد في الأيام القليلة الماضية بداية حرب يشنها الأردن على الفساد والمفسدين بجدية كانت لافتة لدى المواطنين الأردنيين والمراقبين على حد سواء. وحملت توجيهات العاهل الأردني لرؤساء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وممثلي المؤسسات الرقابية وعدد من مؤسسات المجتمع المدني الأردنية بالعمل الجاد لتحقيق العدالة للجميع وتحويل الفاسدين الى القضاء دون أي تردد أو محاباة رسالة سياسية واضحة تعكس إرادة سياسية صريحة من رأس النظام ببدء حرب شاملة بلا هوادة على الفساد والفاسدين تتطلب بحسب المراقبين التعاون والتنسيق بين جميع المؤسسات الرقابية وتفعيل أنظمة المساءلة على أسس شفافة ونزيهة وموضوعية ووفق أفضل المعايير والممارسات الدولية.
كما حرص الدكتور عون الخصاونة رئيس الوزراء الأردني خلال رعايته الحفل الذي أقامته هيئة مكافحة الفساد الأردنية مؤخرا بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة الفساد على التأكيد بأنه لا أحد فوق القانون ولا أحد فوق المساءلة ولا حصانة لمسئول مهما علت مراتبه أو عظمت مسئولياته.
وجاء توقيف المهندس عمر المعاني الأمين السابق للعاصمة الأردنية "عمان" والذي تولى المنصب خلال الفترة من "2006-2011" يوم الثلاثاء الماضي، بتهم تتعلق بالإخلال بالواجبات الوظيفية واستثمار الوظيفة والاختلاس والرشوة ورفض ثلاثة طلبات متتالية من قبل محاميه للإفراج عنه بكفالة مالية، ليؤكد جدية هذه الحملة على الفساد وأنه لا أحد فوق القانون وأن الحرب على الفساد ستطال الجميع مهما علت سطوتهم.
وبحسب سميح بينو رئيس هيئة مكافحة الفساد الأردنية فإن الهيئة تعاملت خلال العام الحالي مع أكثر من1270 قضية وشكوى منها حوالي600 تبحث قضية منذ سنوات سابقة، كاشفا أن الهيئة أحالت إلى الإدعاء العام أكثر من سبعين قضية ارتكبت فيها جرائم رشوة واختلاس واستثمار وظيفة وإهمال بالواجبات الوظيفية واعتداء على المال العام وإساءة استعمال السلطة.
ورغم الجدية التي بدت واضحة من جانب الحكومة الأردنية في محاربة الفساد إلا أن المعارضة الأردنية وعلى رأسها حزب جبهة العمل الإسلامي "الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين"، شكك قي حملة مكافحة الفساد التي أطلقها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ضد مسئولين سابقين ورجال أعمال نافذين وقالت"إنها ليست كافية".
ورأى زكي بن أرشيد رئيس الدائرة السياسية في الحزب أن مكافحة الفساد تستوجب إرادة سياسية حقيقية وجادة وهو أمر غير متوفر حتى الآن "على حد قوله"، مشيرا إلى أن الفساد بنى قواعد قوية من النفوذ ويتمتع بحماية من مراكز القوة في الأردن.
وكانت وسائل إعلام أردنية ومنها صحيفة "الرأي " الحكومية أشارت إلى أن المدعي العام دعا إلى الشهادة عددا من كبار المسئولين السابقين، بينهم ثلاثة رؤساء وزراء ورئيس ديوان ملكي، للاستماع إليهم في قضية فساد ، كما أن هيئة مكافحة الفساد الأردنية منعت عشرات من رجال الأعمال الذين تحوم حولهم شبهات فساد من السفر، بالإضافة الى الحجز على أموالهم.
وينقسم الشارع الأردني ما بين متفائل بنجاح الحرب على الفساد وبين تخوف من التخاذل من جانب السلطات المعنية بفتح المزيد من ملفات الفساد إلا أن المراقبين يرون أنه لا تراجع من جانب السلطات الأردنية في حربها على الفساد وسط توقعات بأن تمثل شخصيات ذات وزن ثقيل أمام النيابة العامة في مقدمة لإحالة المتورطين منهم في قضايا الفساد إلى القضاء في غضون الأيام المقبلة.