تحتفل دولة قطر اليوم الاحد الموافق الثامن عشر من شهر ديسمبر باليوم الوطني، الذي يُحتفل به هذا العام تحت شعار "لتسمو بروح الاوفياء". ويشتمل برنامج احتفالات اليوم الوطني هذا العام الذي بدأ صباح اليوم على مسابقات وعروض فنية وشعبية ورياضية وتراثية ترتبط بتاريخ قطر وهوية وقيم وتقاليد أهلها عبر مختلف الحقب الزمنية.
وإذ تحتفل دولة قطر بهذه الذكرى المجيدة إنما تستذكر فيها انجازات مؤسسها الأول الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله الذي كرس فكره وجهده ووقته وحنكته لوضع أسس بناء دولة حديثة في وقت كانت تشهد فيه المنطقة نزاعات واضطرابات وحالة من عدم الاستقرار بسبب التنافس والبحث عن مواطئ قدم ونفوذ بين القوى الاستعمارية في ذلك الوقت. مؤسس الدولة وتخلّد احتفالات اليوم الوطني ذكرى ذاك اليوم التاريخي من سنة 1878م الذي خلف فيه الشيخ جاسم (مؤسس الدولة) والده الشيخ محمد بن ثاني في قيادة البلاد إلى التأسيس والوحدة. كما تؤكد هذه المناسبة الوطنية على الاعتزاز بالتاريخ الحافل لدولة قطر وتعزيز معاني الوفاء والولاء والتكاتف والاعتزاز بالهوية الوطنية بين ابناء الشعب القطري وابراز التراث والثقافة التي تُميز هذا الوطن المعطاء.
ومن شأن الاحتفال باليوم الوطني إحياء ذكرى المؤسس وتعميق الفهم بين الشباب والاجيال الناشئة بالقيم والمبادئ التي بني عليها الوطن وتقدير التضحيات التي قدمها المؤسس الشيخ جاسم بن محمد ال ثاني ورجال قطر الاوفياء من اجل وضع اللبنة الاولى لتأسيس وحدة قطر.
وتحتفل دولة قطر بيومها الوطني في الثامن عشر من ديسمبر كل عام بعد صدور القانون رقم 11 لسنة 2007 باعتبار يوم تولي الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني باني نهضة قطر الحديثة يوما وطنيا تعطل فيه المؤسسات والدوائر الحكومية تخليدا لهذه الذكرى الغالية.. ويعد الشيخ جاسم بن محمد المؤسس الحقيقي لدولة قطر وأول حاكم أصبحت قطر في ظل زعامته كيانا عضويا واحدا متماسكا وبلدا موحدا مستقلا.
وسعى مؤسس قطر الشيخ جاسم بن محمد إبان فترة حكمه إلى احداث تغيير واصلاح في ادارة البلاد فأسس نظاما ماليا عرف ببيت المال تعتمد موارده بشكل اساسي على تجارة اللؤلؤ التي كانت رائجة في ذلك الوقت وذلك للصرف على المرافق كما اسس نظاما يقوم على اشاعة العدل والانصاف فأحبه شعبه والتف من حوله.
وأرسى الشيخ جاسم بن محمد أسس التعليم في دولة قطر من خلال التوسع في الكتاتيب لتشمل معظم مناطق قطر وأصبحت تقدم قواعد اللغة العربية والرياضيات الى جانب مهمتها الاولى في تعليم القرآن ومبادئ الدين الاسلامي.
ويأتي الاحتفال باليوم الوطني ليس لمجرد الالتفات الى الوراء فقط بل لاستلهام الماضي واستخلاص العبر للسير قدما نحو اكمال مسيرة بناء الدولة العصرية التي باتت بفضل الله عز وجل اولا ثم بفضل قائد التطور سمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني امير دولة قطر دولة لها شأن بين الامم تفخر بإنجازاتها في شتى المجالات وتعتز بأبناء الوطن الذين التفوا حول قائدهم ليبنوا نهضة الوطن.
فرصة للتأمل
ويمثل الاحتفال باليوم الوطني فرصة للتأمل في المعاني التي يحملها هذا اليوم للاقتداء بأوفياء هذا الوطن الغالي والسير على نهجهم وهو يشكل وقفة وطنية تُستلهم فيها المعاني السامية لمفهوم الوطن برؤية منفتحة على آفاق المستقبل الرحب وفكر يأخذ الواقع بعين الاعتبار حيث تمضي دولة قطر على طريق التطور والنماء آخذة بأسباب التقدم وفق متطلبات العصر تلبية لحاجات شعب البلاد لبناء نهضة في شتى مناحي الحياة.
ويكرس الاحتفال باليوم الوطني عمقا تاريخيا لمسيرة الخير التي تعيشها قطر تحت قيادة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ويؤصل الشرعية السياسية لحق المواطنة التي تدين بالفضل لمؤسسها الذي ناضل من أجل استقلالها ودافع عنه وتولى المهمة من جاؤوا بعده حتى عهد سمو الشيخ امير دولة قطر الذي توج هذه الشرعية بدستور دائم يعطي للمواطنة حقها ويجسدها قانونيا ويدافع عنها ويحمي الوطن.
انجازات
وحققت قطر الكثير من المنجزات وخطوات التحديث الكبيرة منذ تولى الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني امير قطر مقاليد الحكم فى يونيو عام 1995م، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من تاريخ قطر الحديث والمعاصر حيث حققت قطر انجازات مشرقة في مسيرة التنمية والبناء الشامل في كافة مناحي الحياة في اطار منظومة التحديث التي يقودها سموه برؤية تستشرف افاق مستقبل واعد وعهد جديد من الرخاء والرفاهية للوطن والمواطن.
وشهدت قطر في عهد الشيخ حمد تحولات دستورية وسياسية كبيرة ومهمة منها صدور الدستور الدائم للدولة في الثامن من يونيو 2004 بعد إقراره في استفتاء شعبي حظي بموافقة 96,6 بالمائة.. وبرزت التوجهات التحديثية لسموه نحو بسط قيم الشورى والديمقراطية بإجراء اول انتخابات بلدية في الدولة في عام 1999 شاركت فيها المرأة ناخبة ومرشحة.
كما ان الجهود القطرية الخاصة بحماية الانسان ومكافحة الاتجار بالبشر لاقت ترحيبا عالميا واسعا لاسيما وان الجهات المعنية بهذه القضايا الحيوية ومنها اللجنة الوطنية لحقوق الانسان تعمل دوما على نشر وتعزيز ثقافة الحقوق والحريات وصيانتها وهو الحصول على شهادة الاعتماد بدرجة "A" من خلال منحها الاستقلالية والمصداقية .
كما حازت قطر على المركز الاول عربيا و22 عالميا في مؤشر "مدركات الفساد" الصادر عن منظمة الشفافية العالمية المختصة بمكافحة الفساد لعام 2011 الذي تغطي نتائجه 183 دولة.
كما توجت قطر هذا التوجه بافتتاحها الشهر الجاري مركز حكم القانون ومكافحة الفساد في الدوحة بشراكة مع منظمة الاممالمتحدة لاسيما برنامج الاممالمتحدة الانمائي.
التعليم وعهد جديد
ودخل قطاع التعليم عهدا جديدا بإنشاء المجلس الاعلى للتعليم واطلاق مبادرة تطوير التعليم "تعليم لمرحلة جديدة" والتوسع فى المدارس المستقلة وتأسيس المدينة التعليمية التي تضم فروعا لجامعات عالمية مرموقة اضافة إلى انشاء كلية المجتمع والتركيز على البحث العلمي الذي رصدت له الدولة ميزانية ضخمة تعادل 2,8 من الناتج المحلي.. كما شهدت جامعة قطر خطوات تطويرية واصلاحية لمواكبة احتياجات سوق العمل.
ولم يكن المجال الاجتماعي بمنأى عن خطط التطوير والتحديث فأنشأت العديد من مراكز ومؤسسات تعنى بحقوق الطفل والمرأة والمسن وذوي الاعاقات وكافة شرائح المجتمع..كما طالت خطوات التحديث الجهاز القضائي والاداري والامني بالدولة وقطاع الاتصالات والبيئة والثقافة والفنون والاعلام الذي شهد بدوره انفتاحا واسعا في حرية الطرح والتعبير.
كأس العالم فيما شهد المجال الرياضي ثورة كبيرة ابرز محطاتها فوز قطر بتنظيم كأس العالم عام 2022 وترشحها لاستضافة اولمبياد 2020 وتنظيمها للعديد من المؤتمرات والدورات الرياضية العالمية والخليجية والعربية والاسيوية في كل الالعاب آخرها دورة الالعاب العربية التي تجمع الاشقاء على ارض قطر الخير والمحبة.
كما نظمت قطر وبنجاح كبير ومشهود دورة الالعاب الاسيوية الخامسة عشرة "الآسياد" اضافة الى تحقيق العديد من البطولات على مستوى المنتخبات خليجيا وعربيا ودوليا في الوقت الذي تحظى فيه رياضة المرأة بالاهتمام والعناية .. ولا شك ان كل هذه الخطوات التنموية الباهرة كانت ضرورية لبناء دولة قطر الحديثة والإنسان القطري القادر على خوض تحديات العصر وبناء الوطن.
واحتفاء باليوم الوطني فقد تركزت فعاليات هذا اليوم على ابراز كل ما هو موروث شعبي من فنون وادب وشعر وغيرها من الامور التي حفل بها التاريخ العريق.