كشفت التحقيقات الأولية فى حادث انقلاب أوتوبيس سياحى بمدينة نويبع، بينما كان يقل عدداً من طلاب جامعة الإسكندرية كانوا فى زيارة لمحافظة جنوبسيناء، عن عدة «مفاجآت»، أبرزها أن «أوتوبيس الموت» أصيب بعطل فنى قبل قليل من وقوع «الكارثة»، كما أن السائق طلب من الركاب، قبل ثوانٍ من انقلاب الأوتوبيس على أحد المنعطفات الخطيرة قرب مدينة نويبع، أن يرددوا الشهادتين، نظراً لأن الأوتوبيس لا توجد به فرامل. وانقلب الأوتوبيس فى منطقة «الصاعدة»، على الطريق الرئيسى من شرم الشيخ، قبل مدينة نويبع بنحو 4 كيلومترات، ليسقط من ارتفاع يبلغ نحو 6 أمتار، وينقلب على جنبه الأيمن عدة مرات، ليسقط معظم الركاب بين قتيل وجريح، وبلغ عدد الضحايا، وفق آخر تقدير لمديرية الشئون الصحية فى جنوبسيناء، 9 وفيات، و43 مصاباً. وقال وكيل وزارة الصحة بمحافظة جنوبسيناء، الدكتور خالد أبوهاشم، في تصريحات لصحيفة «الوطن» الورقية، نشرتها في عددها الصادر اليوم الأحد، إنه تم خروج 10 مصابين بعد تحسن حالاتهم الصحية، وتم توصيل حالتين منهم إلى الإسكندرية بواسطة سيارات الإسعاف، فيما يوجد 33 مصاباً ما زالوا يتلقون العلاج بمستشفى شرم الشيخ الدولى، بينهم 4 مصابين فى حالة خطرة. وفور وقوع الحادث، اختلفت الروايات فى تفسير سبب انقلاب الأوتوبيس وسقوطه فى عمق الوادى على جانب الطريق، منها ما رجح أن الفرامل كانت معطلة، وأخرى قالت إن السرعة الزائدة هى سبب الحادث، بينما أجمع كثيرون على أن منطقة «الصاعدة» واحدة من أخطر المناطق للأوتوبيسات الكبيرة، حيث شهدت العديد من الحوادث المماثلة فى السابق، بسبب طبيعتها الوعرة، رغم ازدواج الطريق بها. وكشف شهود عيان، كانوا داخل الحافلة المنكوبة، عن «مفاجأة»، عندما قالوا إنهم سمعوا السائق، الذى لقى مصرعه ضمن ضحايا الحادث، يتحدث فى الهاتف بصوت عال مع أحد الأشخاص، قبل قليل من وقوع الحادث، ثم توجه للطلاب قائلاً: «اتشاهدوا الأوتوبيس ما فيهوش فرامل»، وأكد الشهود، فى التحقيقات التى يباشرها مدير نيابة نويبع شادى راتب، ووكيل النائب العام محمد عبدالغفار، بإشراف المحامى العام لنيابات جنوبسيناء المستشار خالد عيد، إنهم سمعوا صوتاً عالياً صادراً من فرامل الأوتوبيس، وسمعوا صوت احتراق تيل الفرامل، وفجأة انقلب الأوتوبيس بهم عدة مرات، وطلبت النيابة إرسال لجنة فنية من المرور لمعاينة مكان الأوتوبيس، وتحديد سبب انقلابه. وأوضح الطالب معاذ حمدى السعيد، أحد الناجين من الحادث، أن الأوتوبيس تعرض لعطل فى الإطار الخلفى قبل يومين من الحادث، فور وصولهم لمدينة دهب، ولم يتم إصلاح العطل، وأصرت الشركة والسائق على استكمال الرحلة، وأضاف بقوله: «لقد شاهدت زملائى وهم يموتون أمامى، لن أنسى هذا المنظر طوال حياتى»، وطالب بمحاسبة الشركة المسئولة عن تنظيم الرحلة. من جانبه، أكد حمادة الصباحى، مدير الشركة منظمة الرحلة، أن «أوتوبيس الموت» أصيب بعطل فنى قبل قليل من وقوع الكارثة، فى كمين «رأس شيطان»، وأضاف أنه تم التواصل مع السائق، الذى اتصل بشركة النقل التابع لها، مؤكداً أن الأوتوبيس ليس من أوتوبيسات الشركة، ولكن تم تأجيره من شركة أخرى، وأضاف، فى تصريحات ل«الوطن»، أنه عندما تواصل مع السائق، بعد حدوث العطل الأول، أكد له أنه سيصل إلى دهب ويصلح العطل ويواصل رحلته، مشيراً إلى أنه طلب من السائق عدة مرات عدم التحرك إلى «دهب»، إلا أنه «أصر على مواصلة الرحلة على مسئوليته الشخصية». وكشف مصدر أمنى بجنوبسيناء عن مفاجأة ثالثة، حيث أكد عدم العثور على أى جثث جديدة أو أشلاء بموقع الحادث، بعد عمليات بحث امتدت إلى محيط 3 كيلومترات، بعد أنباء عن أن هناك فتاة ما زالت مفقودة، تُدعى ولاء محمد معاون، لافتاً إلى أن والدتها تعرفت عليها، أثناء عرض صور الجثث التى تم تسليمها لذويهم، وتبين أنه تم تسليمها إلى إحدى الأسر بالإسكندرية عن طريق الخطأ، وتم التواصل مع الأسرة لاسترجاع الجثة وتسليمها إلى أهلها. وسبق للأم نفسها أن تعرفت على جثة «مجهولة»، اتضح أنها لابنتها الأخرى وتُدعى «سالى»، ليرتفع عدد ضحايا أسرة «معاون» إلى 3 وفيات، حيث إن شقيق الفتاتين، ويُدعى «خالد»، 10 سنوات، لفظ أنفاسه الأخيرة أثناء نقله للمستشفى، بالإضافة إلى أن الابن الرابع «عامر» يخضع للعلاج بمستشفى شرم الشيخ الدولى. وفى الإسكندرية، خيم الحزن على أهالى ضحايا «أوتوبيس الموت»، أثناء تشييع أبنائهم إلى مثواهم الأخير أمس، ليواروا معهم حلمهم بأن يشاهدوهم فى «البالطو الأبيض» بعد تخرجهم فى كلية الصيدلة، وانهمرت دموع الأمهات والآباء والأشقاء والأصدقاء على جثامين الضحايا، واختلطت بتراب المقابر، قائلين: «شُفناهم بالكفن بدل البالطو الأبيض»، بينما تمالك بعض المشيعين أنفسهم، ليذكروا الضحايا بالدعاء، مرددين: «إنا لله وإنا إليه راجعون.. لا إله إلا الله.. تقبلهم الله فى جنته». وتولى فريق من أساتذة وموظفى جامعة الإسكندرية إجراءات نقل جثامين الضحايا من جنوبسيناء، وتسليمها إلى ذويهم بالإسكندرية، ويقوم الفريق، برئاسة عميد كلية الهندسة الدكتور عبدالعزيز قنصوة، ومدير عام رعاية الشباب بالجامعة، محمود جمال، بمتابعة حالة المصابين فى مستشفى شرم الشيخ، فيما شارك فريق من الجامعة، يتقدمهم نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب الدكتور هشام جابر، وعميدة كلية الصيدلة، فى جنازات تشييع الضحايا من طلاب الجامعة، وتقديم واجب العزاء لذويهم. وأصرت كل أسرة على خروج الجنازات بصورة منفردة، رافضين تشييعهم فى جنازة جماعية، حيث خرجت جنازة الشقيقتين «أسماء وحسناء خالد إبراهيم»، من مسجد «الفرج» بمنطقة المندرة، إلى مدافن الأسرة بعد صلاة الظهر، فيما خرجت جنازة الطالبة «شدوى محمد عبدالسلام»، من مسجد «المواساة»، لتدفن بمدافن الأسرة فى «المنارة». وقال نائب رئيس جامعة الإسكندرية، إنه تم نقل جميع مصابى «كارثة نويبع» إلى مستشفى شرم الشيخ الدولى، لتلقيهم الرعاية اللازمة، مؤكداً أن فريقاً من أساتذة كلية الطب بالجامعة يتواصل مع الفريق الطبى بالمستشفى لمتابعة حالات المصابين، وإمكانية نقلهم إلى مستشفى جامعة الإسكندرية بسموحة.