أصدر مدير مركز دراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا جاسم محمد دراسة جديدة بعنوان قراءة في كتاب اجهزة استخبارات اوروبا في مواجهة خلايا داعش (ترهل أجهزة استخبارات اوروبا) تناول الكاتب قضية نشاط خلايا تنظيم داعش والجماعات المتطرفة في اوروبا، واستراتيجية مواجهتها من قبل أجهزة الامن والاستخبارات الاوروبية في أربعة أبواب: الباب الأول: أجهزة الاستخبارات الأوروبية، ثغرات أمنية وإخفاقات ناقش الكاتب قدرات وإمكانيات أجهزة الاستخبارات الأوروبية خاصة الاستخبارات البلجيكية التي وصفت بأنها الحلقة الأضعف في دول أوروبا وربما يعود ذلك الى التركيبة الديموغرافية والتعقيد السياسي في بلد مثل بلجيكا، والاخفاقات عند الاستخبارات الفرنسية، بفشلها بالكشف عن عمليات محتملة وب تعاملها مع المعلومات، بالإضافة الى النقص في الموارد البشرية والتمويل، ماعدا ذلك اعتمدت فرنسا مواجهة الارهاب بالطرق الصلبة عسكريا بتمديد حالة الطوارئ ونشر القوات اكثر من اعتمادها المعلومات والبيانات. أما الاستخبارات الألمانية والبريطانية، فيبدو انهما أفضل حالا مقارنة مع استخبارات دول اوروبا الاخرى، كونهما حافظتا على فرض الامن، ماعدا عمليات محدودة منفردة ، لم تؤثر كثيرا على رصيدهما. وقال، لقد أدركت استخبارات دول اوروبا، بأنها امام تحدي كبير خارج قدراتها، واكتشفت بوجود ثغرات أمنية تتعلق داخليا، في العلاقة والتنسيق بين اجهزة الاستخبارات والشرطة ضمن الدولة الواحدة، وكذلك بالتعاون الاستخباراتي وتبادل المعلومات داخل دول الاتحاد الاوروبي، بسبب عدم وجود ثقة بين الاطراف، لذا فشلت هذه الدول بأنشاء جهاز استخباراتي موحد، ويبدو ان اجهزة اوروبا تعاني الكثير من الترهل وربما تحتاج بضعة سنوات للنهوض بقدراتها واعادة سياساتها. الباب الثاني: خلايا داعش النائمة في اوروبا حيث ناقش الكاتب الخلايا النائمة لتنظيم داعش وكيفية ادارتها وعلاقاته التنظيمية الخيطية، وكشف الكاتب ولأول مرة علاقات هذه الخلايا المنفردة بمكتب الاستخبارات والامن في التنظيم والتي تدار بشكل مباشر من قبل مكتب عمليات خارجية، سميت باللجنة الرباعية تدار من على الأراضي التركية. وتناول الكاتب استراتيجية تنظيم داعش، بالتحول الى تنفيذ عمليات في اوروبا، أمام خسارته في معاقله في سورياوالعراق وليبيا، وشرح الاختلاف والخلط ما بين خلايا منفردة مرتبطة بالتنظيم وما بين الذئاب المنفردة. واكد الكاتب بأن ما يحصل في اوروبا هو خلايا مرتبطة بالتنظيم، لكنها على غرار الذئاب المنفردة وهذا ما حصل في فرنساوبلجيكا والمانيا وبريطانيا. ولفت الكاتب الى نقطة هامة وهو، استغلال التنظيم نمط جديد اطلق عليه "الجهاد الاكتئابي"، أي بدء التنظيم بتجنيد اشخاص يعانون من الاضطراب النفسي واصحاب السوابق الجنائية لتنفيذ عمليات انتحارية، والابتعاد عن الجماعات الاسلامية المتطرفة، كون تلك الجماعات ربما تكون بعيدة عن رادار اجهزة الاستخبارات والشرطة. وهنا يكمن استثمار داعش هؤلاء الاشخاص حيث يحولهم من السجل الجنائي الى سجل الارهاب المنظم، بسبب ما تملكه هذه الجماعات من خبرات بالإفلات من المراقبة والرصد. الباب الثالث: تسرب عناصر داعش ضمن موجات اللاجئين في اوروبا حيث استعرض الكاتب، موجات اللاجئين والهجرة غير الشرعية التي ضربت اوروبا خلال عام 2015 و 2016، وكشف تفاصيل تسلل اعداد من خلايا داعش مع موجات اللاجئين والتي قدرت ب 1400 عنصر من تنظيم داعش. وأكد الكاتب على ضرورة التفريق ما بين اللاجئين اللذين هربوا من مناطق النزاع والمندسين من تنظيم داعش وشدد على عدم التعميم وعدم وضع اللاجئين في دائرة الشبهات. ماعدا ذلك انتقد جاسم محمد الطريقة التي تتعامل بها اجهزة اوروبا في استقبال اللاجئين، وذكر بان بعض الثغرات الامنية في دول اوروبا تتعلق بإجراءات اللجوء والهجرة عند الدوائر المعنية. ويقول جاسم محمد بان التأخر في الإجراءات، يعطي الوقت الى عناصر داعش لتنفيذ عمليات انتحارية، وفي نفس الوقت ممكن ان يتحول اعداد من الشباب الى التطرف بسبب احباط، وتحرك جماعات اسلامية متطرفة عليهم داخل نزل اللاجئين. أما الباب الرابع: استراتيجية داعش الجديدة وانكساره ففي تناول الكاتب العمليات العسكرية التي تدار ضد تنظيم داعش في معاقله في العراقوسوريا وربما في ليبيا، ونجاح قوات التحالف خلال الاشهر الاخيرة باصطياد رؤوس تنظيم داعش خاصة من قيادات الخط الثاني وقادة ميدانيين في التنظيم. وناقش الكاتب تواري زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي عن الانظار، ويؤكد الكاتب بان ابو بكر البغدادي لا يدير التنظيم وهو زعيم ظل، ويستبعد أن يكون متواجدا في معاقله في سورياوالعراق. وشدد الكاتب على ان التنظيم يبقى "فكرة وعقيدة" ضمن ايدلوجية التنظيم ، وان التنظيم ممكن اضعافه عسكريا وربما القضاء عليه في معاقله، لكن يبقى "فكر متشطي" والعودة إلى "الكر والفر". وشدد الكاتب على فكرة مواجهة الارهاب جذريا، اي ايجاد حل سياسي في مناطق النزاع خاصة سوريا، وهذا من شأنه ان يضع حد الى الجماعات المتطرفة في المنطقة وفي اوروبا والعالم، وأن الخيار العسكري وحده غير كافي مالم يكن هناك حل سياسي وتنفيذ حزمة إجراءات غير صلبة في محاربة الارهاب فكريا واجتماعيا. التنظيم لا يوجد له بنى تحتية ثابته في معاقله، ماعدا البنى الادارية في ادارة المدن و"الولايات" أما قيادات التنظيم الاستراتيجية فهي في الغالب غير موجودة في معاقله وتتحرك وتتنقل كثيرا، فالقضاء على التنظيم في معاقله لا يعني القضاء على التنظيم، ما نحتاجه هو حل سياسي في سوريا على وجه التحديد، ووضع استراتيجية واضحة وليس ردود افعال لمحاربة التنظيم والتطرف. التنظيم يعتبر منظومة عسكرية استخباراتية على غرار مخابرات الانظمة الشمولية، تتحرك وتنفذ عملياتها، استخباراتيا، اكثر ما تكون جماعة متطرفة، وهذه الميول سوف تظهر اكثر مع تصاعد الضغوطات على معاقله.