دمشق : في اول رد فعل لها ، رحبت الولاياتالمتحدة على إصدار مجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة أمس الجمعة قرارا يدين نظام بشار الأسد معتبرة أن هذا القرار يزيد من عزلة النظام السوري. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في بيان صحفي بعد عودتها من بورما الليلة الماضية إن القرار "يظهر أن نظام الأسد بات أكثر عزلة الآن ويمارس ضغطا دوليا أقوى من أي وقت مضى".
وأضافت "من الواضح أن الحكومة السورية مستعدة لخنق التطلعات المشروعة للشعب السوري.. الولاياتالمتحدة تدعم بشدة جهود المجلس لكشف حقيقة نظام الأسد والمساعدة على محاكمة منتهكي حقوق الإنسان".
ومن جانبه، أشار نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الضغوط الدولية المتزايدة على النظام السوري لقمعه للاحتجاجات، وجدد دعوته الأسد للتنحي.
وقال إن "موقف الولاياتالمتحدة واضح، لا بد أن يوقف النظام السوري وحشيته ضد شعبه وعلى الأسد التنحي حتى يمكن أن يجري انتقال سلمي يحترم إرادة الشعب". من جانبها، اعتبرت روسيا الجمعة أن قرار مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان "غير مقبول" ونددت بالاحتمال المبطن لتدخل عسكري في هذا البلد. وجاء في بيان للخارجية الروسية "أن المواقف في الوثيقة والتي تشير بشكل مبطن إلى احتمال تدخل عسكري أجنبي بداعي الدفاع عن الشعب السوري، غير مقبولة بالنسبة للجانب الروسي". وكان مجلس حقوق الإنسان ندد الجمعة "بالانتهاكات الواسعة والمنهجية والجسيمة" لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في سوريا على يد سلطاتها. وأيد 37 عضوا في المجلس من أصل 47 القرار وامتنع 6 أعضاء عن التصويت وعارضه أربعة أعضاء هم روسيا وكوبا والصين والأكوادور. وأضافت الخارجية الروسية: "للأسف ارتدى مشروع القرار في الدورة الاستثنائية لمجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان طابعا مسيساً ومنحازا". وتابعت أن التقرير "لا يظهر الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات السورية لاستقرار الوضع والقيام بإصلاحات وإطلاق حوار وطني". وروسيا الحليف التقليدي لسوريا هي أهم مزود لدمشق بالسلاح وترفض الانضمام إلى الغربيين في إدانة قمع السلطات السورية الذي خلف أكثر من 4000 آلاف قتيل بحسب الأممالمتحدة وتعارض أي عقوبات بحق دمشق.
في المقابل ، رحبت فرنسا بقرار مجلس حقوق الإنسان ودعت "إلى أن يتم القيام بكل ما تستدعيه متابعة هذا القرار سريعا".
وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في بيان إن "هذا التصويت يؤكد مرة جديدة العزلة الدولية لنظام بشار الأسد الذي يواصل انتهاك حقوق الإنسان". وأضاف جوبيه: "أمام الخطورة البالغة للوضع، تدعو فرنسا إلى أن يتم القيام بكل ما تستدعيه متابعة هذا القرار بسرعة. وهي مصممة أكثر من أي وقت مضى على زيادة الضغط على النظام لكي يوقف القمع ولكي تبدأ عملية انتقال ديموقراطي في سوريا".
الموقف السوري وكالعادة ، انتقدت صحيفة "الثورة" السورية موقف مجلس حقوق الإنسان، وقالت الصحيفة في تعليق لها اليوم السبت "إن الحماسة التي عمل بها المجلس في الأممالمتحدة لمناقشة الأوضاع في سوريا تؤكد بشكل قاطع أن المجلس مرتهن تماما لإرادة الدول الغربية التي تسيره ولأجنداتها المشبوهة حيال سوريا".
واعتبرت الصحيفة أن مسارعة مجلس حقوق الإنسان إلى الانعقاد ثلاث مرات في عام واحد لمناقشة الأمر ذاته تؤكد دون أدنى شك هذه الحقيقة التي يتعامى عنها الكثيرون والتي تشير بوضوح إلى أن أحكام المجلس ضد سوريا لا تعكس حقيقة الأوضاع فيها وتتجاهل وجود العصابات المسلحة التي قتلت المدنيين وقوى الجيش والأمن وارتكبت الفظائع بحقهم، كما تجاهلت مئات الصور والأفلام التي توثق مجازرها بدءا من جسر الشغور وانتهاء بحمص وحماة وغيرها من المدن السورية.
وأضافت "أن مجلس حقوق الإنسان يصدر قراراته ضد سوريا باللهجة التي تريدها أمريكا فهو يدين كما تدين القنوات الفضائية المغرضة ويشجب كما تشجب عواصم القرار الغربي ويطالب بإحالة تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى أجهزة الأممالمتحدة بشكل عاجل لاتخاذ الإجراءات المناسبة، وبمعنى آخر فإن مجلس حقوق الإنسان يسارع الخطى لتنفيذ الإملاءات الأمريكيةوالغربية التي جاءت أكثر من مرة على لسان المسئولين في البيت الأبيض وفي الإليزيه وغيرها. مظاهرات ضد الأسد وفي سوريا تظاهر عشرات آلاف الأشخاص الجمعة ضد بشار الأسد في وسط سوريا. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن اكبر التظاهرات جرت في منطقة حمص، أبرز ساحات الاحتجاج على النظام، وفي مدينة حماة في الشمال. وأكد رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن "في 17 من أحياء حمص وفي تسع على الأقل من القرى المجاورة، دعا عشرات آلاف الأشخاص إلى إقامة منطقة عازلة لتأمين الحماية لهم". وأضاف: "شهدت حماة الجمعة أكبر تظاهراتها منذ دخول الجيش هذه المدينة في أغسطس/آب الماضي" للقضاء على الاحتجاج. وسارت تظاهرات أخرى أقل حجما في حلب ومحافظة دمشق ومنطقة درعا. وكشفت تسجيلات فيديو وضعت على موقع يوتيوب أن عشرات التظاهرات جرت الجمعة في جميع أنحاء سوريا من ريف دمشق ودرعا وحمص وحتى حلب. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "الجيش السوري الحر يحميني والمنطقة العازلة تحميني"، في إشارة إلى مجموعة من المنشقين عن الجيش السوري يتمركزون في تركيا التي تفكر في إمكانية فرض منطقة عازلة على الحدود لاستقبال لاجئين سوريين في حال تدفقهم.
ويبدو أن التدابير التي اتخذت ضد النظام السوري لم تؤد إلى وقف أعمال العنف التي أسفرت عن خمسة قتلى جدد الجمعة. ففي حمص، قتلت سيدة ورجل مسن وجرح 18 شخصا برصاص قوات الأمن عند حواجز أمنية فيما تحدث المرصد عن "انشقاقات بين الجنود" في هذا المركز المهم لحركة الاحتجاج. وفي حماة قتل رجل في ال35 من عمره برصاص قناص، كما ذكر المصدر نفسه الذي تحدث أيضا عن مصرع رجل قتل برصاص القوات الحكومية في سراقب في منطقة ادلب شمال غرب البلاد، وآخر في دير عطية في منطقة دمشق. وقال المرصد إن عشرات الأشخاص جرحوا في تلكلخ على الحدود السورية اللبنانية في "قصف بالرشاشات الثقيلة والمتوسطة"، موضحا أن "عشرات الآليات العسكرية المدرعة ترافقها قوات عسكرية وأمنية ومجموعات من الشبيحة تحاصر البلدة". وقد تعرضت منطقة وادي خالد اللبنانية الحدودية مع سوريا الجمعة لإطلاق رصاص عشوائي مصدره مواقع الجيش السوري من الجانب الآخر للحدود مما أدى إلى إصابة شخصين على الأقل، بحسب ما أفاد أحد أعيان المنطقة ومصدر طبي. وأفاد عدد من أهالي وادي خالد لوكالة الصحافة الفرنسية أن أصوات اشتباكات عنيفة تسمع منذ صباح اليوم من الجانب السوري للحدود وخصوصا أرجاء مدينة تلكلخ الواقعة في محافظة حمص، يتخللها دوي قذائف مدفعية. من جهة أخرى، قال المرصد إن جنودا منشقين هاجموا أمس مركزا للمخابرات الجوية في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية من عناصر المخابرات الجوية وإصابة 13 آخرين. انتهاكات ممنهجة وكان الاتحاد الاتحاد الاوروبي قد وسع يوم الجمعة نطاق العقوبات لتشمل ثلاث شركات نفط سورية منها المؤسسة السورية لتسويق النفط (سيترول) والمؤسسة العامة للنفط لزيادة الضغط المالي على حكومة الرئيس السوري بشار الاسد.
وهذه الشركات الثلاث من بين 11 كيانا و12 شخصا من القيادة السورية تم ادراجهم على قائمة سوداء للاتحاد الاوروبي تهدف الان الى وقف مشاريع شركات النفط العملاقة في سورية.
ويأتي تنفيذ العقوبات بعد أن صوت مجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة بأغلبية 37 صوتا لصالح مشروع قرار يدين الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها القوات السورية والتي قد ترتقي إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية"، كما وصفها.
وقد عارضت القرار أربع دول بينها روسيا والصين وامتنعت ستة دول عن التصويت.
وحث المجلس في ختام اجتماعه بجنيف "المؤسسات الرئيسية" في المنظمة الدولية على التفكير في تقرير الأممالمتحدة حول "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا" واتخاذ "الإجراءات المناسبة".
وكانت نافي بيلاي مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان قد دعت المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل عاجل "لحماية المدنيين في سورية من القمع الوحشي"،وحذرت من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية.
وفي كلمتها أمام اجتماع المجلس قالت بيلاي إن أكثر من 4 آلاف شخص قتلوا بينهم 307 أطفال منذ اندلاع الاحتجاجات في سورية في شهر مارس/آذار الماضي.
وأضافت أن عدد المعتقلين في سورية وصل على الأرجح إلى 14 ألف شخص.
وقالت إن هناك حاجة ملحة" إلى "محاسبة" النظم السوري على ارتكاب ما وصفته بجرائم ضد الانسانية. واعتبرت أنه إذا لم تتوقف "عمليات القمع الوحشية من جانب السلطات السورية سيدفع ذلك البلاد الى حرب أهلية ". واتهمت بيلاي السلطات السورية بالفشل في حماية مواطنيها ما يعني ضرورة "اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لحماية الشعب السوري".
وأشارت إلى أنه في شهر أغسطس/آب الماضي خلص اول تقرير للجنة التحقيق الدولية إلى أن جرائم ضد الانسانية قد تكون ارتكبت في سورية.
وقالت بيلاي إنها "تشجع مجلس الامن على احالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية".
وعقد الاجتماع لمناقشة تقرير آخر للجنة التحقيق التي شكلتها الاممالمتحدة.
وقال رئيس اللجنة باولو بينير خلال عرضه لنتائج أعمال اللجنة إن "قوات الامن السورية قتلت 307 أطفال منذ بدء الاحتجاجات منهم 56 طفلا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي".
ووصف بينير الشهر الماضي بأنه "كان الأكثر دموية"، وقال إن هذه الأرقام جاءت استنادا إلى "مصادر موثوقة".
وتقول اللجنة إنها جمعت إفادات شهود عيان فروا من سورية ومنشقين عن الجيش السوري في الفترة بين شهري سبتمبر/أيلول ونوفمبر بعد أن رفضت دمشق السماح للجنة بدخول البلاد.
وأعلن بينيرو أنه جمع ادلة قوية تثبت ان هناك اطفالا في عداد ضحايا أعمال التعذيب والقتل التي نسبت الى قوات الأمن السورية.
واتهم المندوب السوري في مجلس حقوق الإنسان اللجنة بوضع تقرير "مسيس وغير موضوعي".
يشار إلى ان الجامعة العربية قررت مؤخرا فرض عقوبات على سورية بسبب خلاف حول السماح لبعثة مراقبين من الجامعة بدخول سورية. وانتقدت دمشق بشدة قرا الجامعة واعتبرت انه يهدف إلى تدويل الأزمة. أما الولاياتالمتحدة التي صوتت لصالح القرار فقد رحبت بقرار مجلس حقوق الإنسان الأممي. وقالت السفيرة الامريكية ايلين تشامبرلين إن "الادلة التي رأيناها لا تدع مجالا للشك في تواطؤ السلطات السورية وتوفر اساسا قوي جدا للمضي قدما في مسألة المحاسبة في المؤسسات الاخرى التي تملك تفويضا فيها بذلك". وأيدت ايضا كل الدول العربية الأعضاء في المجلس وهي الاردن والكويت وليبيا وقطر والسعودية نص القرار في علامة عزلة الرئيس السوري في المنطقة.