في الوقت الذي تعيد تركيا صياغة علاقاتها مع دول الإقليم، حيث بدأت بمصالحة مع إسرائيل وروسيا، نفى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المصالحة مع مصر، معلنا أن الخلاف مع الإدارة المصرية وليس الشعب. ووفق «وكالة الأنباء الفرنسية» توقع محللون سياسيون أن سياسة تركيا الجديدة مع دول في المنطقة مثل إسرائيل وروسيا - واللتان كانتا على خلاف طويل بسبب أعمال معقدة أصابت علاقة أنقرة بكلا الدولتين بصدع كبير- ربما يصب في مصلحة التقارب مع مصر في محاولة لإنهاء العزلة التركية. ولكن أردوغان قد صرح صباح أمس الثلاثاء، بأن «العلاقات مع مصر لن تنصلح في الوقت الحالي» وفق تعبيره، مضيفا أن «الاجراءات التي اتخذتها تركيا مع روسيا وإسرائيل تختلف عن ملف العلاقات مع مصر» وشدد الرئيس التركي على أن خلاف تركيا مع مصر ليس على مستوى الشعبين، وإنما تبقى الأزمة مع النظام الحاكم في القاهرة، منتقدا الأوضاع الداخلية في مصر وأحكام القضاء ضد قيادات جماعة الإخوان، والرئيس المعزول محمد مرسي. وأكد أردوغان خلال خطابه عن المصالحة مع مصر اليوم نزعته إلى تأييد فريق جماعة الإخوان في وجه النظام الحاكم في القاهرة حاليا قائلا عن قيادات الجماعة الإرهابية: «هؤلاء إخوتنا ولا يمكن أن نقبل قرارات النظام الحاكم ضدهم». وردا على تصريحات الرئيس التركي، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، في تصريحات صحفية، الثلاثاء، إن «مصر لديها تحفظات على التعامل مع تركيا التي تصر قيادتها على تبني سياسات متخبطة إقليميا». وطالب «ابو زيد» تركيا بألا تنسى أن الشعب المصري هو من اختار قيادته في انتخابات حرة وديمقراطية". وأضاف المتحدث باسم الخارجية أنه "من المهم التذكير دائما بأن احترام إرادة الشعوب هو نقطة الانطلاق لإقامة علاقات طبيعية بين الدول، وهي الحقيقة التي ما تزال غائبة عن البعض". وحول توقعات المحللين بشأن المصالحة المصرية التركية التي كانت مرتقبة قبل خطاب أردوغان، أكد موقع «نيوز وان» العبري، بأن «اتفاق تركيا مع تل أبيب يفتح الباب أمام إسرائيل للعب دور الوساطة بين البلدين، والتي من المتوقع أن تشهد تحسنا في العلاقات بين القوى الإقليمية لمواجهة إيران، كما أن هناك حقيقة تم إنشاؤها الآن تمثل فرصة جيدة للارتباط والتنسيق بين إسرائيل ومصر وتركيا وهي حماس في قطاع غزة». وأضاف الموقع العبري، أن تركيا لاعب مهم في منطقة الحدود الشمالية لإسرائيل، التي قبلت بإعادة التعاون مع تركيا؛ من أجل تعزيز ميزان القوى لصالحها في المنطقة. وأشار الموقع إلى التقارب الروسي التركي أيضا قائلا إن «روسيا ليست عدوا لتركيا، واهتمامها الرئيسي هو الحفاظ على الأسد في سدة الحكم في دمشق؛ من أجل إحكام قبضة روسيا على المنطقة، وحماية قواعدها في البحر المتوسط». تركيا التي اعادت تشكيل علاقاتها بدول المنطقة من أجل تعديل متوازن في مستوى القوى في الشرق الأوسط وتحقيقا لمصالحها الاقتصادية في كونها عضوا في منظمة حلف شمال الأطلسي، وتتحكم في ممرات المياه من البحر الأسود إلى البحر المتوسط، فضلا عن أنها أرض لعبور خطوط أنابيب النفط والغاز من شرق روسيا ووسط أوروبا؛ ولهذا السبب تفتح المصالحة الباب أمام تعاون واسع النطاق مع تركياوروسيا، في مجال توريد الغاز إلى الجنوب والشرق. كما تتمتع إسرائيل بعلاقات وطيدة مع اليونان وقبرص على المستوى التجاري والتنموي، وهو الأمر الذي يصب كذلك في مصلحة التقارب الإسرائيلي التركي، في ملف الغاز في البحر المتوسط. وأيضا تتعلق المصالحة بعدد من الاتفاقات بشأن مكافحة الإرهاب، عبر التعاون الاستخباراتي والتعاون في المجال العسكري والتدريب المشترك والأعمال القتالية المشتركة بين الدول الثلاثة، روسيا وإسرائيل وتركيا. وعلى المستوى السياسي، أشار الموقع إلى أن المصالحة تصب في صالح ملف عودة الأسرى وجثث الجنود الإسرائيليين الذين فقدوا خلال المعركة الأخيرة بقطاع غزة.