طالبت دراسة أثرية للدكتور أحمد منصور، نائب مدير مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الإسكندرية، محافظة سيناء بإعادة إنتاج فيروز سيناء واستغلاله سياحيًا، خاصة أن مناطق تعدينه معروفة وأهل سيناء خبراء في استخراجه. وقال الدكتور أحمد منصور -في تصريح لوكالة انباء الشرق الأوسط أمس السبت - "إن ملوك مصر القديمة لم يدخروا جهدًا في إرسال البعثات التعدينية لمناطق تعدين الفيروز بسيناء، حيث أرسل الملك أمنمحات الثالث من الأسرة 12 من 18 إلى 20 بعثة تعدينية إلى منطقة سرابيط الخادم، كما أرسل الملك أمنمحات الرابع 4 بعثات لسرابيت الخادم، بالإضافة إلى البعثات التعدينية في عصر الدولة الحديثة في زمن أحمس وتحتمس الأول وتحتمس الثالث وتحتمس الرابع وسيتي الأول ورمسيس الأول ورمسيسي الثاني. وأوضح الباحث أنه عرض تلك الدراسة خلال فعاليات مؤتمر سرابيت الخادم، الذي نظمته منطقة آثار سرابيت الخادم تحت رعاية الدكتور خالد العناني وزير الآثار واللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء مؤخرًا، مشيرًا إلى أن تلك الدراسة تضمنت شرحًا وافيًا للفيروز الذي عرف باسم "مفكات"، ويقصد به حجر الفيروز، وهو معدن في التركيب الكيميائى يتكون من فوسفات الألمونيوم والنحاس، لكنه حجر في الشكل، وهو حجر سهل الخدش وخفيف الوزن تتخلله مسام كثيرة. وأكد أن الفيروز السينائي موجود في مصر، ويتميز بكثرة العروق البنية اللون، ومناطق استخراجه بسيناء هي سرابيت الخادم ووادي المغارة ووادي خريج ووادى أم ثمائم ووادي أبو غادة. من جانبه قال مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري بوزارة الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان إن تشييد المعبد الوحيد بالدولة الوسطى لحتحور سيدة الفيروز كان بسيناء، ومن ثم نشأت العلاقة بين حتحور ورعايتها لعمليات تعدين الفيروز بسيناء، وهو ما يستوجب وجود تقديس لحتحور بسيناء، حيث قام المصريون القدماء ببناء معبد خاص لتقديسها وتقديم القرابين لها، وكان هذا المعبد كهفًا صغيرًا ثم تطور الأمر حتى صار معبدًا كبيرًا. وأضاف أن المعبودة حتحور قد حملت العديد من الألقاب المرتبطة بالفيروز منها سيدة الفيروز وسيدة الفيروز واللازورد وسيدة اللون الجميل وسيدة أرض الفيروز وسيدة مدينة الفيروز، موضحًا أن فصل الصيف كان هو الفصل المفضل لبعثات تعدين الفيروز، حيث عثر على 10 تواريخ تحدد مواعيد انطلاق البعثات جاء 6 منها في فصل الصيف، وكان رئيس البعثة، وهو من موظفي الإدارة المالية عادة ما يكون حذرًا في تجميع الفيروز المستخرج من الجبل أولًا بأول، وحفظه في الخزانة الخاصة بمقتنيات البعثة. وأشار ريحان إلى أن أعضاء البعثة كانت لهم مهام محددة، منها المهام القيادية ومهام الإشراف على كافة المستويات العليا والدنيا (مثل مجموعات العمل الصغيرة المؤلفة من 10 أفراد) والمهام المساعدة مثل فئة الأطباء والنحاسين المسئولين عن إصلاح أدوات التعدين والخبازين، وفئة الكهنة المصاحبين للبعثة سواء لترتيل الصلوات اليومية لبدء عمليات التعدين أو الخاصة بتقديم الفيروز إلى حتحور ربة الفيروز. وأوضح أنه كان للفيروز شهرة في مصر القديمة لارتباطه بالاستخدام الديني، حيث يدخل في كثير من الطقوس الدينية مثل طقس تأسيس المعبد ودور الفيروز في بيت الولادة (الماميزى) وعلاقتها بإعادة الولادة الجديدة وحمايته للأم من مخاطر الوضع والاحتفال بالسنة الجديدة، وارتباط الفيروز بفيضان النيل، من ناحية يتلازم ذكر كل من الفيروز واللازورد في كثير من النصوص المصرية القديمة، حيث شُبه الأخير بالشمس والأول بالقمر. وتابع قائلًا إنه من ناحية أخرى يرتبط الفيروز في مصر القديمة ببعض المظاهر الكونية مثل ارتباط الفيروز بالأفق من خلال خاصية اللون الأزرق الفاتح التي يتمتع بها الفيروز، كما ورد ذكر الفيروز في النصوص الدينية في مصر القديمة، نصوص الأهرامات ونصوص التوابيت وكتاب الموتى، حيث ورد في نصوص مرتبطة بتعاويذ تحمي الملك المتوفى، أو الشخص المتوفى من الجوع والعطش، وتعاويذ أخرى مرتبطة بالصعود إلى السماء (خروج الروح).