ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن طموحات إيران في مجال إنتاج النفط تصطدم بمطالب شركات النفط الغربية وكذلك الاستثمارات الأجنبية الضخمة التي يتطلبها تطوير قطاع الإنتاج في البلاد، والتي تقدر بنحو 30 مليار دولار، لتحقيق أهداف الإنتاج. وقالت الصحيفة - على موقعها الإلكتروني اليوم /الاثنين/ - إن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه عندما تولى منصبه في 2013، وضع رؤية كبيرة لأعمال النفط بعد انتهاء العقوبات الغربية، حيث اقترح مضاعفة الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة، منذ أن بلغت صناعة الطاقة في إيران أوجها قبل ثورة 1979. وأضافت أن العقوبات ذات الصلة ببرنامج إيران النووي قد رفعت الآن ومصير الاقتصاد الإيراني المشلول وقدرته على استعادة مكانته في سوق الطاقة العالمي يعتمد على صناعة نفط تعاني من نقص في التمويل ومسيسة ومتعطشة إلى التكنولوجيا والمعرفة الغربية. وأشارت كذلك إلى أن إيران بحاجة إلى 30 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية للوصول إلى أهداف الوزير زنغنة، لكن الشركات الغربية ما زالت تتعامل حتى اليوم بحذر كبير إزاء الإقدام على ضخ استثماراتها في إيران. وقال الدار سايتري الرئيس التنفيذي لشركة "ستات اويل"، في مقابلة مع الصحيفة، في وقت سابق من هذا الشهر "ما زلنا مترددين إلى حد ما". وقالت الصحيفة إن هذه الشركة النرويجية كان لديها عمليات نفطية في إيران حتى 2009، لكنها عانت من ارتفاع التكاليف ومزاعم بالفساد هناك، وأضاف سايتري "اعتقد أن الأمر سيتطلب وقتا طويلا لتطوير الموارد التي لدى إيران بشكل كامل". وقالت الصحيفة إن سباق إيران لضخ إنتاجها يواجه رهانات رئيسية للرئيس حسن روحاني الذي وافق على كبح برنامج بلاده النووي، مقابل رفع العقوبات الغربية من أجل وعد بأن تحقق الاستثمارات الأجنبية "نعمة" اقتصادية لإيران. وأشارت إلى أن الانتخابات البرلمانية التي سوف تجرى هذا الأسبوع تعد أول اختبار انتخابي رئيسي لروحاني منذ الاتفاق النووي، حيث يحظى روحاني بشعبية تبلغ 82% بين الإيرانيين، وفقا لاستطلاع موقع "ايرانبول دوت كوم"، وهي منظمة مستقلة مقرها تورونتو، لكن عددا كبيرا من المرشحين الإصلاحيين منعوا من خوض السباق الانتخابي. وقالت الصحيفة إن عائدات النفط تشكل 25% من ميزانية إيران المقبلة وأن نجاح صناعة الطاقة يعد أمرا حيويا لروحاني الذي انتخب لمنصبه في 2013 من قبل السكان الذي يغلب عليهم فئة الشباب، وهم يريدون منه أن يعالج مشكلة البطالة. ويواجه روحاني معارضة من المحافظين المتشددين الذين لا يروق لهم تقديم تنازلات مفرطة للأجانب. وقالت الصحيفة إن منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك - والتي تضم 13 دولة وتعد إيران عضوا بها - هي أضعف من أي وقت مضى وأن ارتفاع الإنتاج من الولاياتالمتحدة وروسيا قيد قدرتها على الحد من الإمدادات ورفع الأسعار، كما أن إيران والسعودية وهما اكثر الأعضاء تأثيرا يعتبران على جانبين متعارضين في العديد من الصراعات العنيفة بالشرق الأوسط، ولم يعد لديهما علاقات دبلوماسية. وقالت الصحيفة إن الإنتاج الجديد لإيران سيزيد فقط من وفرة المعروض الذي يتجاوز الآن الطلب على النفط بأكثر من مليون برميل يوميا، حيث نزل السعر إلى أقل من 27 دولار للبرميل الشهر الماضي، وهو أدنى مستوى منذ 12 عاما. ورفضت إيران الانضمام إلى مطلب منظمة أوبك وروسيا هذا الشهر لتجميد الإنتاج عند مستويات شهر يناير الماضي. ويقول مسؤولون إيرانيون إنهم زادوا بالفعل الإنتاج بنسبة 14% في الشهر الماضي ليصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا، وفي طريقهم للوصول إلى هدفهم لتحقيق زيادة قدرها مليون برميل يوميا، بحلول نهاية هذا العام. ويقول المسؤولون الإيرانيون إن هذه البراميل الإضافية من السهل نسبيا ضخها، ولكن العودة بمستويات الإنتاج إلى ما قبل العقوبات وتحقيق الأهداف الطويلة المدى للوزير زنغنه، سوف تتطلب معدات وخبرة وأموال لا تتوفر في إيران حاليا من أجل استغلال احتياطيها المؤكد من النفط، والذي يقدر بنحو 158 مليار برميل، وهو رابع أكبر احتياطي في العالم. وقالت الصحيفة إن إيران سعت جاهدة لأكثر من عام إلى جذب شركات غربية للاستثمار في البلاد ولكنها لم تحقق سوى نجاح محدود. والتمس المسؤولون في وزارة النفط في طهران من الدبلوماسيين النرويجيين في مارس الماضي الاستثمار في إيران. وأضافت "وول ستريت جورنال" أن شركات نفط أوروبية مثل "شل" الهولندية و"ايني" الإيطالية و"توتال" الفرنسية قالت إنها مهتمة بالعمل في إيران، لكنها تحتاج لمعرفة شروط العمل هناك. وقالت شركات نفط أمريكية مثل "اكسون موبيل" و"شيفرون" إنها ما زالت تدرس المشهد القانوني للعمل هناك. وأثارت احتمالات عودة الشركات إلى إيران جدلا على المستوى الوطني بما يعكس انقسامات بين روحاني والمتشددين، وطفت هذه التوترات إلى العلن عندما ألغت إيران منتدى في هذا الشهر في لندن، حيث كانت طهران تعتزم خلاله الكشف عن شروط جديدة لعمل شركات النفط الدولية في إيران مشيرة إلى أن عقود إيران مع الشركات الغربية قبل فرض العقوبات ألحقت بها خسائر، ولكن البنود الجديدة سوف تسمح لهذه الشركات بالعمل في حقول لفترات أطول وتحقيق مزيد من الأموال منها.