دافع الكاتب الأمريكي دويل مكمانوس عن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في وجه منتقدي سياسته المنتهَجة في مكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي ممن يرمونها بعدم الجدوى . ورصد مكمانوس - في مقال نشرته (لوس انجلوس تايمز) - شكوى أوباما مؤخرا "إنهم لا يفعلون شيئا غير الكلام كما لو كانوا خبراء متمرسين، إذا كان هناك من يريد البروز والتنظير بشأن ما يراه مجديا في المسألة ، فليتقدم ويطرح خطة محددة .. أما بقيتنا فنحتاج إلى الصبر ؛ الأمر يتطلب وقتا " ، وفقا لما ذكرته وكالة انباء الشرق الاوسط. ونوه الكاتب عن أن الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس مؤخرا سلطت مزيدا من الضوء على مشكلة داعش وسوريا، سواء في أروقة الإدارة أو في مضمار حملة الانتخابات الرئاسية . وأكد أنه بات من الصعب الاستعانة بالصبر الذي وصفه أوباما بعد هجمات باريس ، لا سيما بالنسبة للمرشحين الرئاسيين الذين سارعوا إلى طرح سلسلة من المقترحات المتشددة فيما يتعلق بمسألة داعش وسوريا . ورصد مكمانوس عددا من تلك المقترحات، بادئا بالمرشح الجمهوري جيب بوش الذي قال إنه لو كان في مكان أوباما لأرسل قوات برية أمريكية إلى سوريا لمساعدة القوات المحلية في طرد داعش من معقله بالرقة ، وهو تدبير استبعده أوباما من قبل. فيما دعت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون إلى فرض مناطق حظر جوي وأخرى آمنة شمالي سوريا ، فيما وصفته بشكل دبلوماسي بأنه تكثيف لسياسة أوباما ، ورمى أوباما المقترحين بأنهما غير عمليين. ومن جهته ، كشف المرشح الجمهوري ماركو روبيو عن أفكار مشابهة لأفكار كلينتون - في حالة غير معتادة وغير مقصودة من تقارب الرأي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي . أما الملياردير الجمهوري دونالد ترامب، فقد رأى أن سلاح الجو الأمريكي وحده كفيل بأداء المهمة قائلا "لو كنت في القيادة لقصفت هؤلاء الأوغاد فقط " - وهو رأي يخالفه خبراء عسكريون يقولون إن المزيد من القصف قد يضرّ داعش لكنه لن يخرجه تماما من الأرض التي استحوذ عليها. ورأى مكمانوس أن أوباما على حق في الجانب المتعلق بأن معظم هذه المقترحات يفتقر إلى التحديد ؛ فليس بين هؤلاء المرشحين مثلا أحدٌ قدّم جوابا شافيا للتساؤل الخاص بما بعد القضاء على داعش في الرقة، وكيف ستتم إدارة المدينة؟ . لكن أوباما، بحسب مكمانوس، ليس مُحّقا فيما يتعلق بزعمه أن البديل الوحيد الواقعي لاستراتيجيته الحذرة هو الزجّ ب 50 ألف جندي مشاة أمريكي إلى ساحة المعركة ؛ فالمرشحون الذين تحدثوا عن إرسال قوات برية أمريكية اقترحوا أعدادا أقل من ذلك بكثير (10 آلاف على سبيل المثال) على أن يكون هؤلاء جزءا من ائتلاف يضم قوات سورية .. إضافة إلى أن ثمة نُقادا لسياسة أوباما الخارجية لم يترشحوا لخوض السباق الرئاسي قد عرضوا تفاصيل أكثر من تلك التي طرحها المرشحون . من هؤلاء النقاد على سبيل المثال، فريدريك هوف، الخبير في الشئون السورية بإدارة أوباما، والذي يقترح أن تنشئ كل من أمريكا وفرنسا ائتلافا على شاكلة الائتلاف الذي خاض حرب الخليج ضد العراق عام 1991، بحيث يمكن هزيمة داعش على الأرض. ويضيف هوف أنه يتعين على أمريكا وحلفائها في تلك الأثناء أن تبني حركة معارضة سورية أقوى بحيث تتمكن هذه من إدارة أي إقليم يحرره الائتلاف.. "المناطق الشرقية في سوريا ستصبح، بالفعل، أُمّا لكافة المناطق الآمنة .. ولن يكون تحقيق ذلك أمرا سهلا". ومن بين النقاد أيضا جيمس جيفري، وهو سفير أمريكي سابق إلى العراق، وهو يتحدث عن إمكانية أن يستطيع عدد صغير نسبيا من القوات الأمريكية البرية بالتعاون مع غيره من القوات الغربية البرية - يستطيع استعادة الرقة من براثن الدواعش، ثم يقترح جيفري بعد ذلك أن تتولى قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة شئون إدارة المدينة - كجواب لمسألة ما بعد إخراج داعش، على الأقل ولو بشكل مؤقت حتى تظهر سلطات مدنية سورية إلى الوجود . ويؤكد جيفري "الجواب لا يجب أبدا أن يتضمن حديثا عن جيوش غربية كقوة احتلال ؛ هذا ليس من شأنه سوى تأجيج مشاعر الغضب لدى السكان المحليين" . فيما اقترح نقاد آخرون خططا ذوات تدابير أقل، كالتدخل بشكل أقوى عبر السماح بشن غارات جوية ضد أهداف حتى لو تواجد مدنيون في أماكن تلك الأهداف ؛ وإرسال المزيد من الخبراء الأمريكيين لمساعدة القوات السورية على الأرض ؛ وتكثيف الدعم العسكري لقوات المعارضة السورية. من جانبهم يؤكد مسؤولون بالإدارة الأمريكية أنهم قد أحرزوا بالفعل خطوات مبدئية على كافة الجبهات الثلاث المشار إليها وأنها تنظر اتخاذ المزيد من الخطوات، وعلى سبيل المثال فإن أوباما وافق على إرسال نحو 50 خبيرا إلى سوريا الشهر الماضي. ويرى صاحب المقال أن أيا من مقترحات النقاد الآنفة لا يخلو من المخاطرة، حتى مقترح فرْض مناطق حظر جوي وأخرى آمنة الذي أشارت به كلينتون فهو في حقيقته أكثر تعقيدا مما يبدو عليه ظاهريا؛ ذلك أن منطقة حظر جوي تتطلب وجود قوات أمريكية لتدمير منشآت الدفاع الجوي السورية، كما أن المناطق الآمنة تحتاج قوات برية لحراستها . ويضيف مكمانوس أن إرسال قوات برية أمريكية إلى ساحة الحرب في سوريا من شأنه إضافة حرب أخرى إلى قائمة صراعات الشرق الأوسط التي كبدّت أمريكا الكثير من الضحايا، ولمّا توجد بعد إجابة جاهزة لسؤال ما بعد المعركة؛ فلا قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة ولا هيئة معارضة سورية جاهزة لتسلّم مهمة إدارة المناطق المحررة من داعش. وخلص الكاتب الأمريكي إلى القول بأن "ثمة بدائل حقيقية لاستراتيجية أوباما، غير أن هذه البدائل معقدة ومكلفة .. إن تدمير داعش لا يزال يتطلب جرعة كبيرة من الصبر".