أكد رئيس البرلمان العربي الدكتور أحمد بن محمد الجروان أن الوطن العربي والمنظومة العربية بحاجة ماسة للدور المصري؛ نظرا لمكانتها الكبيرة ودورها المحوري والرئيسي في المنطقة، قائلا: "إننا على ثقة من عودة مصر لتتبوأ مكانتها ودورها الريادي في المنطقة". وأضاف الجروان في مقابلة مع مراسلة وكالة أنباء "الشرق الأوسط" في عمان على هامش زيارته الحالية للمملكة : "إننا ننتظر اكتمال عرس الشعب المصري باستكمال الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق وهو انتخاب مجلس النواب، ونحن كبرلمان عربي مراقبون ومتابعون على سير عملية الانتخابات (الدستور – الرئاسية – البرلمانية) ونتشوق لتبوأ مصر الجديدة مكانها في البرلمان العربي". وتابع: "إننا في البرلمان العربي كنا أول الداعين والداعمين لمصر لتكون عضوا في مجلس الأمن الدولي، كما كنا أيضا أول المهنئين لها قيادة وحكومة وشعبا على هذه العضوية التي جاءت تقديرا لدورها المهم، خاصة في هذه الظروف، حيث إنها ستكون حاملة لملف الوطن العربي وللقضايا العربية". وردا على سؤال حول تقييمه للعلاقات "العربية - العربية"، أجاب الجروان: "نحن فخورون بكوننا عربا وبيتنا العربي موحد ونحن كتلة متكاملة ومتجانسة من خلال اللغة والدين والعرق والأصول والعادات والتقاليد، بمعنى أن كل مقومات الانتماء واحدة ومتلاصقة، ورغم أن فترة الاستعمار الغربي عملت على تفرقة الأمة وأصبحت جزئيات متناثرة هنا وهناك لكنها متجاذبة وقادرة لأن تعود مرة أخرى للتلاحم وتشكيل القوة العربية الكبيرة". وقال "في هذه الأيام – ولسوء الحظ – هناك من يحاول من أعداء الأمة أن تبقى هذه الجزئيات متنافرة، حيث يعملون ويدفعون بتباعدها وتسليط الضوء على الجوانب السلبية لتبقى الأوطان متنافرة، إلا أن هناك الكثير من المقومات المتميزة التي تجمعنا". وأضاف: "إن بيتنا العربي ليس متصدعا ولكن الهجمة علينا كعرب شرسة، ونحن الآن نمر بأسوأ مرحلة ممكن أن تتكالب علينا الأمم، ولكننا متمسكون ومؤمنون بالعودة العربية القريبة ولدينا ثقة عالية جدا في شبابنا وفتياتنا وقاداتنا وقواتنا المسلحة العربية". وتابع: "إن المستوى العربي المتميز استدعى من الغرب ليكون حاضرا أو متفانيا في زعزعة الوطن العربي، وهذا ما شاهدناه في الإرهاب الذي أتانا من الغرب، حيث يتضح جليا على شاشات التليفزيون من أشكالهم ولهجاتهم أنهم لا ينتمون إلى الأمة العربية". وأوضح قائلا: "إن شعبنا العربي متماسك ولن يستطيع أحد تقسيمه سواء من الداخل أو الخارج عبر تعزيز الطائفية والتكفير، فنحن من الخليج إلى المحيط أهل وأسرة واحدة كبيرة"، مشددا على أن الأمة العربية لن تفنى - رضي من رضي ورفض من رفض – مستشهدا بقوله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، قائلا: "نحن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر". وأضاف أن "هناك الكثير من المتاعب والمشاكل في المنطقة العربية، لكن معالجتها تتطلب أن يكون الصوت موحدا والعمل مشتركا وأن يتم الارتقاء بالمطالب عن الصغائر، خاصة أن هناك أولويات تتمثل في: الأمن القومي العربي والحفاظ على مقدرات الشعب العربي، التكامل الاقتصادي العربي، التنمية المستقبلية، والابتعاد عن الفئوية والحزبية". وحول الدور الذي يلعبه البرلمان تجاه حل الأزمة السورية؟ أجاب الجروان: "إن دورنا من خلال نظامنا الأساسي وما أقرته النظم وصادق عليه قادة الدول العربية هو تكليفنا بمهمة محدودة تتمثل في تعزيز العمل العربي المشترك وتوصيل صوت الشارع العربي واستكمال المنظومة العربية من خلال جميع الأجهزة، ويعد البرلمان من أجهزة الجامعة العربية". وقال: "إننا في البرلمان العربي ندعم التوصل إلى حل سلمي ودبلوماسي يجنب الشعب السوري - وما تبقى من مقدراته - ويلات استمرار القتال، وكنا نطالب منذ بداية الأزمة بأن تنخفض أصوات المدافع وتعلو أصوات الرجال والعقلاء"، معتبرا التدخل الروسي الأخير في المنطقة "خطيرا" ولابد أن يوثق في صفحات التاريخ وفي الإعلام حول ما نشرته موسكو، وهو أنها جاءت لمحاربة داعش والتأكد من التزامها بذلك. وأضاف: "إذا كان القصد من التدخل الروسي هو محاربة مجموعة داعش الإرهابية فإننا جميعا نسعى إلى استئصال هذا الإرهاب الخبيث، كما أنه قد تكون هناك مصلحة استراتيجية روسية وهي قطع الطريق على هذه الأفعى في منطقتنا قبل أن تتوغل إلى منطقتها"، مشيرا إلى أن روسيا وضعت على نفسها شرطا وهو أنها جاءت لمحاربة داعش "لذا فإننا سنتابع عما إذا كانت تحارب داعش أم ترجح كفة طرف على آخر". ولفت إلى أن الحرب في سوريا تدخل عامها الخامس وتتحرك أرتالا عسكرية داعشية من أقصى شمال العراق إلى أقصى جنوبسوريا وطائرات التحالف تحلق في الأجواء السورية، قائلا: "إن إطالة أمد هذه الحرب يجعلنا نتساءل هل هناك مؤامرة كبيرة أو تواطؤا أوخطة لتدمير هذه الأمة العربية؟". ونوه إلى أن القيادة العربية والشعب العربي منذ بداية انطلاق شرارة الأزمة السورية حاولوا حلها دبلوماسيا وسياسيا، إلا أن هناك أيادي خفية تهدف إلى استمرار القتال لتقوية نفوذ وتحقيق مصالح قطرية. وعن التدخل الإيراني في المنطقة، قال الجروان: "إننا نرفض بأي حال من الأحوال أن تتدخل إيران بالشئون الداخلية للدول العربية وفي الوقت ذاته لا نريد إعطاءها دورا أكبر من حجمها؛ لأن الوطن كبير بقياداته وقواته وشعبه، ومع ذلك فإننا نحترم الجيرة وأن يكون لنا معها علاقات متميزة وتبادل تجاري وسياحي وعمل مشترك على مبدأ الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية". وردا على سؤال هل تعتقدون أن ملفي داعش والنووي الإيراني سيغيران تحالفات الإقليم؟ أجاب الجروان: "إن داعش منظمة إرهابية فاشلة لفظتها كل القيم والأحرار في العالم ولا توجد أية منظومة أو مؤسسة تدعم الإرهاب إلا مؤسسة إرهابية شبيهة لها ومن تم إرسالهم إلى الوطن العربي عبارة عن مجموعة مجرمين من مخلفات سجون العالم، وأغلبهم مرتزقة جاءوا لكسب عيش حرام على جثث الأبرياء والأطفال والسيدات والشيوخ". وبالنسبة للملف النووي الإيراني، قال الجروان: "إن ملف إيران النووي شأن داخلي، ونحن في البرلمان العربي لم يعرض علينا شيء من قبل القادة العرب للبت في هذا الموضوع، لكن لدينا ثقة في قياداتنا التي تعاملت مع هذا الملف بما يخدم مصلحة الأمة العربية، ونتمنى أن لا يؤثر سلبا على التعايش في المنطقة". وردا على سؤال هل تعتقدون أن ما يقوم به داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية هوالسبب الرئيسي في وصم الغرب لديننا الحنيف بأنه دين إرهاب، أم أن هناك أيادي خفية أخرى وراء تشويه صورة الإسلام من أجل تحقيق أجندات خاصة في المنطقة؟ قال الجروان إن "الإسلام رسالة سماوية منذ أكثر من 1400 سنة ويحاول أعداؤه أن يشوهوا صورته إلا أنهم لم يستطيعوا". وأفاد بأن هناك أكثر من 1.5 مليار مسلم حول العالم يحملون رسالة السلام، قائلا: "نحن نعيش في حب وسلام مع الجميع، أما أولئك الإرهابيون فالغرب مقتنع تماما بأنهم لا يمتون للإسلام بصلة، وبالنسبة للصهيونية الدولية التي تعمل لصالح إسرائيل أو لزعزعة الوضع في المنطقة خدمة لمصالح خاصة لشركات كبرى (أسلحة وتجارية ومافيا دولية) فهي تريد بعثرة بعض الأوراق في المنطقة العربية". وقال إن "ما تقوم به داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية الأخرى تعد أعمالا لا تمت للإسلام بصلة والجميع يعلم ذلك، وهناك تجنيد لبعض العرب من خلال استغلال نقاط الضعف لاستقطابهم في تنفيذ عمليات إرهابية سواء في المساجد أو غيرها". وحول وثيقة الأمن القومي العربي التي أطلقها البرلمان، أجاب الجروان "إن الوثيقة تستهدف تعزيز مكانة الأمن القومي العربي وتستند إلى عدة عوامل مهمة أولها: دور الأسرة العربية في المحافظة على النشء ومتابعة السلوكيات، ثانيا دور المدرسة والمؤسسة التعليمية في تهيئة الأجواء المهمة للطلبة والطالبات ومتابعتهم وتسليط الضوء عليهم والتركيز على سلوكياتهم لحماية المجتمع، ثالثا دور الإعلام وضرورة أن يتعامل مع الحقائق والابتعاد عن تهييج الرأي العام، أي أن يكون ميزانا في بث المعلومة وأن يصبح دوره تربويا، خاصة وأنه بات يلعب دورا سلبيا في تعزيز دور داعش من خلال التركيز على إنجازاتها، فأصبح بديلا للمؤسسة الإعلامية لهذه الجماعة الإرهابية وهذا كله على حساب الأمن القومي العربي". أما العامل الرابع، وفقا للجروان، فهو دور الحكومات والسلطات التنفيذية في الوطن العربي التي يجب أن يكون لها دور في تهيئة وزارات التربية والتعليم لتكون صالحة وليكون للأسرة العربية نوع من المساحة للعيش الكريم وأن يكون هناك دور للحكومات في التعاطي مع الإعلام لأن إطلاق اليد الإعلامية كليا دون الأخذ في الحسبان أولويات الأمن القومي العربي يسيء ويخلق حالة من البلبلة. وبالنسبة للعامل الخامس، قال إنه يتمثل في القوات المسلحة والجهات الأمنية "أي أننا لا يجب أن نوكل الأمن على جهة واحدة وهي القوات المسلحة، خاصة أننا في الوطن العربي لسنا دولا بوليسية"، مشددا على ضرورة أن تتكاتف هذه العوامل لتبرز شعبا عربيا واحدا مطمئنا في حياته اليومية. وعن القوة العربية المشتركة، أجاب الجروان بأنها تعد أحد مطالب البرلمان العربي في وثيقة الأمن القومي العربي، حيث تم عرضها على قمة شرم الشيخ العربية، قائلا: "إن البرلمان داعم للقوة العربية المشتركة لما لها من ضرورة قصوى في هذه الأيام للمحافظة على الكرامة العربية"، منوها في هذا الصدد إلى عاصفة الحزم التي تقودها السعودية في اليمن لإعادة الشرعية.