من سيحصل على جائزة نوبل في الآداب لهذا العام ويكون خلفا للفرنسي باتريك موديانو الحائز عليها العام الماضي؟ 198 مرشحا ينتظرون قرار الأكاديمية السويدية المتوقّع ليوم غد الخميس، غير أنّ باقة من الأسماء المرشّحة لنيل الجائزة يتم تداولها في الكواليس، وتضمّ من إفريقيا كلا من الكيني نغوغي ثيونغ والصومالي نور الدين فرح والنيجيري بن أوكري، بما يثير احتمالية أن تكون جائزة نوبل للأدب هذا العام من نصيب القارة السمراء. وسبق أن نال هذه الجائزة من إفريقيا النيجيري وول سوينكا عام 1986 والمصري نجيب محفوظ عام 1988، ثم في 1991 نادين غورديمر من جنوب افريقيا، وأخيرا مواطنه جون ماكسويل كويتزي في عام 2003. وفي ما يلي نبذة تعريفية بالمرشحين الأفارقة الثلاثة: 1)- الكيني نغوغي وا ثيونغ: هو روائي ومنظّر لأدب ما بعد الاستعمار، ويعتبر من الكتّاب الأفرو أمريكيين، بما أنه ينشر مؤلّفاته باللغة المحلّية الأكثر استخداما في بلده كينيا، وباللغة الأنجليزية. وحاليا، هو أستاذ ومدير بالمركز الدولي للكتابة والترجمة في جامعة كاليفورنيا في إرفاين بالولاياتالمتحدةالأمريكية. هو أيضا مدافع شرس عن الأدب باللغات الافريقية، وفي رصيده 30 رواية ومسرحية ومجموعات من القصص القصيرة والمقالات وكتب الأطفال، ترجمت منها 5 أعمال فقط إلى الفرنسية، بينها "بتلات الدم" (صدرت في 1985 عن منشورات لابريزونس أفريكان)، و"تصفية استعمار العقل" (صدرت في 2011 عن منشورات لافابريك). وفي كتابه الأخير، تتطرّق الكاتب الكيني إلى ضرورة تجاوز لغة المستعمر للتعبير عن الثقافة الافريقية، بما أنها "طالما كانت لغة الشعوب، فإن اللغات الافريقية لا يسعها إلاّ أن تكون سوى عدوا لدول الاستعمار الجديد". وفي السنوات الأخيرة، تصدّر نغوغي قوائم المرشحين لنيل الجائزة، وعبّر أكثر من مرة عن أحقيته في نيلها، وهو الذي اختاره وول سوينكا، أول كاتب أسود يفوز بالجائزة عام 1986، لمرافقته في قاعة نوبل. ورغم التعتيم حول مداولات الأكاديمية السويدية، إلاّ أنّ الكيني يحظى بدعم كبير على مواقع الإلكترونية، كما أنّ بيا بيرجستروم، الناقدة الأدبية بصحيفة "افتونبلاديت" السويدية، قالت العام الماضي، إنّ نغوغي هو المرشّح الأكثر مصداقية، وله "أسلوب متطوّر، وهو قاصّ شعبي ومناهض للاستعمار". 2)- الصومالي نور الدين فرح: كاتب صومالي معاصر يكتب بالإنجليزية، اهتم بتحرير المرأة في فترة ما بعد الاستقلال، وفي 2005، برز اسمه ضمن قائمة المرشّحين لنيل الجائزة. كتب روايته الأولى عام 1970 بعنوان "من ضلع معوج" عن فتاة من قبيلة بدائية فرّت من زيجة مدبّرة من رجل أكبر منها سنّا، كما كتب ثلاثيتين، غير أنّ أبرز رواياته تظلّ "خرائط" (1986)، والتي نالت استحسان النقاد. اضطرّ للفرار من بلده الصومال في 1974، خشية ردّ فعل الحكومة على كتاباته الجريئة، خصوصا إثر منع روايته الثانية "الإبرة العارية"، قبل أن يصدر بحقه حكم بالإعدام، وهو الكاتب الذي اشتهر بدعوته، عبر مؤلفاته، إلى تحرير المرأة في الصومال كشرط ضروري للحرية السياسية والفردية. هروب كلّفه العيش طويلاً في المنفى (22 عاماً) قبل أن يعود إلى الصومال عام 1996، بعد أن أمضى منفاه في الولاياتالمتحدةوألمانياوإيطاليا والسودان وغامبيا والهند ونيجيريا. أستاذ جامعي في العيديد من البلدان مثل الولاياتالمتحدةونيجيريا والسودان وغامبيا، ألمانيا، إيطاليا، ويعيش منذ 1998 في كيب تاون بجنوب أفريقيا. ومن بين أعماله التي ترجمت إلى الفرنسية "أغلق أيها السمسم" و"من ضلع معوج"، و "أمس، غدا: صوت الجالية الصومالية"، وأيضا "الحليب الحلو والمر". ويعتبر نور الدين فرح من الأسماء التي تشكّل أمل القارة الافريقية في الحصول على جائزة نوبل في الأدب لهذا العام، وهو أيضا "كاتب على مذاق الأكاديمية السويدية"، بحسب الناقد كلايس والين بصحيفة افتونبلاديت السويدية. 3)- النيجيري بن أوكري: في وقت تعيش فيه نيجيريا على وقع أزمة أمنية وسياسية منبثقة عن فظاعات مجموعة "بوكو حرام" المسلّحة، هل سيكون بوسع الشاعر والروائي الشهير بن أوكري أن يعطي نفسا من الأمل إلى أول بلد أفريقي حائز على جائزة نوبل في الأدب؟ ففي 1986، اختارت هيئة أوسلو، ولأول مرة، النيجيري وول سوينكا، فهل يكون بن أوكري النيجيري الثاني الذي يحصل على الجائزة، وهو الكاتب صاحب أكثر من 15 مؤلّفا، والذي لطالما تباهى بأنه اكتشف ديكنز وتورجنيف والفلسفة اليونانية والصينية بفضل أب متحمّس للأدب؟ حاز بن، في 1991، على جائزة بوكر البريطانية للكتّاب عن روايته الشهيرة "طريق الجوعى"، وعلى جائزة رابطة كتاب افريقيا، وجائزة "الآغا خا"ن للرواية، كما حصل على جائزة كريستال من المنتدى الاقتصادي العالمي، واليوم، هاهو في انتظار تتويج قد يمنح مسيرته الأدبية منحى مغايرا، ويدخله قاموس الأدب العالمي من أوسع أبوابه. افريقيا الزاخرة بالمواهب الأدبية التي أثبتت جدارتها في أكثر من مسابقة دولية، وتتطلّع نخبها إلى أن يحصل أحد أبنائها الثلاثة على جائزة نوبل في الأدب لهذا العام. وهو تتويج قد يمنح بلدانها المثقلة بجراح النزاعات والانقلابات انجازا "فكريا" ضروريا من اجل بث الأمل من جديد في رفعة أبناء القارة السمراء.