أكد وزير الخارجية سامح شكري أن معرض الآثار المصرية الغارقة الذي يحتضنه معهد العالم العربي بباريس يأتي تجسيدا لعلاقات الصداقة المصرية الفرنسية على مر العصور ، وتعبيرا عن العلاقات المتميزة التي تربط بين البلدين على المستويين الشعبي والرسمي. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها اليوم الإثنين سامح شكري باسم السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، خلال حفل افتتاح معرض الآثار المصرية الغارقة تحت عنوان (أوزوريس .. مصر وكنوزها المغمورة) بمعهد العالم العربي بالعاصمة الفرنسية باريس ، والذي افتتحه الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بحضور وزير الآثار الدكتور ممدوح الدماطي ووزير السياحة المهندس خالد رامي ، وعدد من الوزراء الفرنسيين ، بالاضافة الى سفير مصر بفرنسا ايهاب بدوي ، ونخبة من الشخصيات البارزة في عالم السياسة والثقافة. وقال وزير الخارجية سامح شكري " انه لمن دواعي الإعتزاز أن يقام معرض أوزوريس في باريس ، فهو المعرض الاستثنائي الذي ينظمه معرض العالم العربي بالتعاون مع جمهورية مصر العربية ويتضمن مجموعة فريدة من الآثار التي توصلت اليها عمليات التنقيب البحري التي أجريت على مدار السنوات الماضية في خليج أبي قير أمام سواحل الإسكندرية بقيادة عالم الآثار الشهير فرانك جوديو ، بالإضافة الى تشكيلة نادرة من المقتنيات الأثرية التابعة لعدد من كبريات المتاحف المصرية". وأضاف أن هذا المعرض يأتي في وقت في غاية الأهمية تسير فيه مصر بخطوات ثابتة ووثيقة نحو تحقيق نهضة حقيقية في شتى المجالات الاقتصادية والإجتماعية والثقافية مستلهمة تاريخها العريق وتراثها المجيد من أجل استشراف مستقبل مشرق لشعبها وأمتها العازمة على خوض معركة البناء والتنوير بالاعتماد على سواعد أبنائها الأبرار ودعم شركائها الأوفياء وعلى مقدمتهم فرنسا. وتابع أن هذا المعرض ينعقد كذلك في ظل تحديات متنامية تواجهها منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك تحدي الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري الغني الذي يرجع الى آلاف السنين سواء في مواجهة أعمال نهب الآثار والإتجار غير المشروع فيها من قبل شبكات الجريمة المنظمة في مواجهة عمليات التخريب والتدمير المتعمد التي ترتكبها الجماعات الإرهابية وهي التحديات التي جعلت مصر تستضيف مؤتمر (الممتلكات الثقافية تحت التهديد) في القاهرة في مايو الماضي والذي كان أول مؤتمر على مستوى العالم لمناقشة الجرائم التي ترتكب ضد التراث التاريخي لمنطقتنا التي هي مهد الحضارات الإنسانية ، وذلك بالتعاون مع منظمة اليونسكو ، تلك المنظمة التي تربطها بمصر وتراثها علاقة وطيدة منذ حملة إنقاذ آثار النوبة من الغرق وحتى الآن. وقال سامح شكري في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي إنه ينتهز هذه الفرصة ليعرب عن صادق أمنياته للمبادرة التي أطلقها الرئيس فرانسوا أولاند مؤخرا بتكليف متحف اللوفر ببلورة مقترحات لحماية الممتلكات الثقافية في حالات النزاع المسلح بالتعاون مع منظمة اليونسكو. وأضاف " تلك المبادرة هي دليل إضافي على مدى تقارب الرؤى بين فرنسا ومصر ازاء المخاطر التي تهدد أمن منطقة الشرق والأوسط وتراثها ، وهي المخاطر التي اخترنا أن نجابهها سويا اقتناعا منا بأن التطرّف والارهاب لا يمكن أن ينتصرا في النهاية ، وايمانا منا بأن البناء والانفتاح هما أفضل السبل لدحر قوى التخريب والظلام ورفض الآخر". وتابع " انني في حل من الحديث أمام هذا الحضور الكريم من رجل سياسة وفكر وأدب وفن فرنسيين عن حضارة وتراث مصر القديم ، فالفرنسيين كما عهدناهم منذ عقود طويلة شديدي الولع بالحضارة الفرعونية وواسعي الدراية بالتاريخ المصري القديم ليس فقط لأن المناهج الدراسية في المؤسسات التعليمية الفرنسية تتضمن شرحا وافيا لهذا التاريخ ، ولكن لأن كذلك المواطن الفرنسي المحب للترحال والمغرم بالمعرفة إنما تقوده بصلته بشكل تلقائي الى أرض الفراعنة معهد الحضارة الانسانية وأنه يعرف تلك الحضارة عن ظهر قلب ويقدرها تقديرا كبيرا". وتوجه وزير الخارجية سامح شكري بالشكر لمعهد العالم العربي لما يمثله من جسر ثقافي متميز بين فرنسا والعالم العربي الذي اجتهد منذ إنشاؤه لابراز تراث الثقافة المصرية بمختلف أشكالها وعصورها جنب الى جنب مع ثقافات عالمنا العربي الثرية وهو يؤكد مرة أخرى دوره الرائد في هذا المجال بحضور قوي منذ رأس الدولة الفرنسية ورعايته الثمينة من مجتمع الأعمال في فرنسا ونصر وتغطية واسعة من وسائل الاعلام المحلية والدولية ، مما يكفل لهذا المعرض نجاحا مبهرا وحضورا جماهيريا غفيرا. كما توجه بالشكر لعالم الآثار فرانك جوديو الذي أسهم بعلمه وعمله على مدار العقود الثلاثة المنصرمة على رأس فريق المعهد الأوروبي للآثار البحرية في تحقيق اكتشافات غاية في الأهمية أضافت الكثير من الثراء على الإرث المصري القديم ، وبما بات أشبه بتقليد فرنسي على مستوى الإسهام في تعريف البشرية بحضارتنا المصرية. وأشاد بإسهامات وزارتي السياحة والآثار المصريتين والمتحف المصري في نجاح هذا المعرض وإخراجه بصورة مبهرة. واختتم وزير الخارجية الكلمة بقوله " إن مصر ستظل متنوعة الثراء ومصدر الإشعاع الحضاري في منطقتها ، وإن ابداع مواطنيها كان وسيظل مصدر الاشعاع وروحه ، وإنجازات شعبها كانت وستظل مصدر إبهار والهام للبشرية .. فهو الشعب المصري العظيم الذي أبى لأقدم دولة مركزية عرفها التاريخ أن تسقط ، مدافعا ليس فقط عن وطنه ، وإنما عن منطقته برمتها ، ان هذا الشعب المصري العظيم ينتهي للتو من تحقيق أحدث إنجازات مصر للعالم وهو قناة السويس ، وكما كانت فرنسا حاضرة في مصر وضيف شرفها في حفل افتتاح القناة الجديدة منذ شهر مضى فإن مصر حاضرة اليوم في فرنسا من خلال هذا المعرض الاستثنائي الذي وصفه البعض انه الأهم والأبرز في الموسم الثقافي الجديد في فرنسا ، ما يعكس عمق الروابط التاريخية بين البلدين وثراء علاقات الثقافة التي تربط بين الشعبين".