وسائل الإعلام تنتج أعمال فنية لا ترتقي بمستوى شهر العبادة أبناء المسلمين كالإسفنج تتشبع ما يوضع فيها قال الدكتور جاد الرب أمين عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، إن شهر رمضان أصبح مختلفًا عن ما كان عليه في السنين السابقة، مشيرًا إلى أن التواصل كان اجتماعياً بين القلوب والزيارات على عكس ما أصبح عليه اليوم والذي أصبح فقط عن طريق الانترنت الذي وسع الفجوة بين أفراد المجتمع. وانتقد في جوار أجرته معه شبكة الإعلام العربية «محيط»، وسائل الإعلام التي قال إنها عونًا للشيطان في إلهاء الإنسان المسلم على تقوى الله، مشيرًا إلى أن الإعلام ساهم في تردي سلوكيات المجتمع، وأغفل دوره في نشر القيم والأخلاق. إلى الحوار.. ما الفرق بين رمضان زمان الآن ؟ هناك فرق كبير.. أتذكر الجيل الماضي عندما يحل علينا شهر شعبان، كانت تحل البهجة والفرح. ويبدأ بتعليق الزينة من أول الشهر، وكان يهنئ بعضنا بعضًا باعتباره البوابة التي ندخل منها على رمضان، وكانت القلوب متحابة والتواصل مستمر والأخلاق كانت تعم المجتمع والخشوع والوقار ظاهر على وجوه الأحبة، ولكن الآن أصبحنا نرى سلوكيات غريبة علينا وهناك فجوة بين الأقارب تتوسع يوميًا. ما أسباب تلك الفجوة؟ لاشك أن الانفتاح وانشغال الشباب بالانترنت وسع الفجوة بين أفراد المجتمع، ومن الأشياء التي لاحظها علماء الاجتماع أن انشغال الناس بمواقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك –تويتر- انستجرام- فايبر- واتس" أحدث فجوة بين أفراد العائلة الواحدة وضيق وقلل جانب التواصل والجلوس على مائدة الحوار بين أفراد، فكيف لا يتغير رمضان ولا يتأثر. وقال رسول الله في آخر يوم من شعبان: يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فرضا وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة وشهر يزاد في رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قلنا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم. كيف ترى دور وسائل الإعلام في رمضان؟ و سائل الإعلام تنتج عمل فني لا يرقي بمستوى شهر العبادة، وهذا يؤثر خاصة على الشباب في مرحلة المراهقة، و"الصيام وقاء" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "أي وقاية وحفظ"، ثم يأتي الصيام ليهذب النفس والروح. والمواد الفنية وإن كان يرقي بعضها إلى مستوى القيم؛ إلا أننا نحتاج أن ترقي بأفضل من ذلك خاصة في الجوانب الاجتماعية، وإنها أيضا بها ما يفسد على الصائم إخلاصه واستفادته بالصيام وغض بصره. ويجب على وسائل الإعلام أن تتقي الله في الصائم وتكون عونا له على طاعة ربه ولا تكون عونًا للشيطان على ضياع صيامه. كيف نعلم أولادنا وبناتنا الصوم في ظل التقدم التكنولوجي؟ الظروف فعلاً صعبة، يوجد بعض الانحدار في السلوكيات، ولا يقوم الإعلام بدوره تجاه المجتمع في نشر الأخلاق بين الناس، ولا شك أن ذلك يصعب المسألة في إنشاء جيل نموذجي إسلامي، نقول أنه جيل الإسلام، فالأبناء كالاسفنج تتشبع ما يوضع فيها، فلابد أن يكون الأب والأم قدوة ونموذج للتربية، فالتعليم لابد أن يبدأ من الأم فإنها تعلم طفلها الصيام على طريقة المنهج النبوي واستغلال الوقت في طاعة الله بدلا من الجلوس على شاشة الإنترنت والتلفاز. ولابد أن يكون أيضا هناك برامج توعية وإرشاد للأطفال عبر شاشات التلفاز وأيضا الإذاعة. هل تتعدد أشكال الصوم؟ لاشك أن أهل الصيام يتعددون، فهناك أهل التقرب إلى الله، والمقربين إليه وهم أعلى الدرجات، وهناك بعض الصائمين يحترمون الصيام من حيث الإمساك والخوف من الله ويتعبدون بأكمل وجه، وهناك بعض الصائمين قد لا يستفيد من الآداب التربوية التي تتجسد للمؤمن في صيامه والتي منها توخي الحلال وتهذيب النفوس، وحسن المعاملة مع الأخر. فقد ربط الإسلام حسن المعاملة بصحة الصيام فقال صلي الله عليه وسلم "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه. وأيضا من الآداب التي لم يلتزم بها البعض في الصيام توخي العدل أثناء الصيام والحق وعدم اتهام الآخرين وقول الزور فقد قال النبي " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " وقال أيضا" ربَ صائمٍ ليسَ له من صيامه إلا الجوع والعطش. ما رسالتكم الأخيرة للصائم؟ من تكاسل فقد ظلم رمضان لأنهم لم يفقه المعاني العالية الراقية المقصودة من رمضان. فالجانب الروحي المعنوي الذي يصل الإنسان بالله هو الأصل في الصيام فالقضية ليست طعاما وشرابا وشهوات، ولكن هذا الجوع والعطش هو الذي يهذب النفس والصيام تعلق روحي بالله، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" وشهر رمضان للعبادة والعمل وليس للنوم والكسل.